رصدت هيئة النيابة الإدارية، برئاسة المستشار سامح كمال، 594 حالة إهمال طبي خلال عام 2014، في القطاع الطبي. جاء ذلك في تقريرها السنوي، الذي أعدَّه المستشار الدكتورمحمود إبراهيم، والمستشار سعد خليل عضوا المكتب الفني لرئيس الهيئة. وقال التقرير: "الإهمال بدأ كظاهرة تفصح عن نفسها من إهمال جسيم في إحدى أكثر القطاعات مساسًا بالمواطن وتأثيرابه وترتب عليه وفاة العديد من المواطنين". وعدَّد التقرير صور ونماذج الإهمال الطبي المتفشية في القطاع الطبي في عشر نقاط، أبرزها التأخر في تقديم التدخل الطبي للمرضى لعدم تواجد الأطباء في المستشفيات أو الوحدات الصحية أثناء النوبتجية وعدم الالتزام بمواعيد العمل، إلى جانب تقاعس بعض الأطباء وتأخر هم في تقديم الرعاية الطبية والتدخل الطبي دون مبرر. ورصد التقرير انتشار ظاهرة التدخل الطبي المخالف للأصول والأعراف الطبية، إلى جانب الإهمال في تقديم الرعاية الطبية والمتابعة بعد إجراء التدخل الطبي، ورفض استقبال الحالات المرضية الطارئة من قبل المستشفيات الخاصة بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء، باستقبال تلك الحالات لمده 48 ساعة وفيما يعد مخالفه صريحة لنص الماده 18 من الدستور. وشدَّد تقرير النيابة الإدارية على تنامي هذه الظاهرة في مطلع العام الحالي بشكل ينذر بضرورة مواجهتها بمنتهى الحسم لما فيها من انتهاك صارخ لحق المواطن الدستوري. وأشار التقرير إلى تدني مستوى النظافة العامة والسلامة الصحية بالمستشفيات العامة بما يشكِّل تهديد الصحة المرضى وسلامتهم. وكشف التقرير فوضى عارمة في إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، فوفقًا للتقرير كشفت إحدى القضايا التي باشرت النيابة التحقيق فيها صدور قرارات بمبالغ قدرت 253 مليونًا و740 ألف جنيه، بتزكية من أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنحلين لأفراد غير مستحقين للعلاج على نفقة الدولة لتمتعهم بنظام علاجي آخر ودون العرض على اللجان الثلاثية بالمستشفيات طبقًا لأحكام القرارات المنظمة لعمل المجالس الطبية. ولفت التقرير إلى كثرة التلاعب في منح الإجازات المرضية لمنتفعي التأمين الصحي دون وجه حق، وتردي الحالة الأمنية لبعض المستشفيات ما سمح لأهالي المرضى بالتعدي على الأطباء وهيئة التمريض بالمستشفى، وهو ما كان يترتب عليه في بعض الوقت الامتناع عن تقديم الخدمه الطبيه خوفًا على حياتهم، إلى جانب التلاعب في منح الإجازات المرضية بشكل مخالف للقانون، وامتناع المكلفين من الأطباء والتمريض عن استلام العمل بجهات التكليف سواءً لبعدها عن محل الإقامة أو لضعف المقابل المادي. من جانبه، قال المستشار محمد سمير الناطق باسم الهيئة إنَّ "النيابة الإدارية أجرت التحليل الإحصائي لصور ونماذج أوجه الخلل والقصور في القطاع الطبي، فضلاً عن تحديد طرق علاج ذلك الخلل والقصور وكشف المخالفات ومحاسبة مرتكبيها". وأضاف سمير أنَّ "التقرير طالب المشرع بسن قانون لتحديد المسؤولية الطبية يتضمن تحديد حالات الإهمال والأخطاء الطبية التي تشكل جريمة جنائية وفقًا للمعايير المهنية والأصول الطبية مع وضع حد أدنى للإجراءات والرعاية اللازمة قبل التدخل الطبي أو أثنائه أو بعد إجرائه". وتابع سمير: "الهيئة طالبت الحكومة بالربط بين الهيئة العامة للإسعاف وكافة المنشآت الصحية التي تقدم الخدمة الطبية تكنولوجيًّا؛ للوقوف على الأقسام والخدمات الطبية التي تؤديها والأماكن الشاغرة بها سواء في العناية المركزة أو الأسرة أو غيرها حتى تتمكن الهيئة من توجيه سيارات الإسعاف إلى أقربها والتي بها أماكن شاغرة للحالات آخذًا في الاعتبار أهميه وخطورة عنصر الوقت في مثل تلك الحالات". وطالبت النياية الإدارية الحكومة ب"وضع آليات جادة لتنفيذ قرار مجلس الوزراء والنص الدستوري للماده رقم 18 من الدستور بإلزام المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم الرعاية الطبية مجانًا لحالات الطوارئ والحوادث خلال 48 ساعة عن طريق الرقابة وتفعيل العقوبات المقررة في هذا الشأن والتي قد تصل إلى غلق المنشأه الطبية، فضلاً عن محاسبة المسؤول عن حالات الامتناع جنائيًّا وتأديبيًّا بخلاف مسؤوليته المدنية".