لم تتعسكر الثورة السورية إلا عبر الميليشيات الجهادية الداعمة لنظام بشار الأسد، والتى سبقت منذ أبريل ومايو سنة 2011 لنصرته، وخرج رد فعل عليها المنشقون على جيش الأسد نفسه فى يوليو ونوفمبر سنة،2011 وهم باكورة الجيش السورى الحر، انحيازا للشعب المستباح حينئذ، ومع استمرار حشده وتعبئته الجهادية وحليفته إيران، وقمعه الدموى والجوى التى كان آخرها حزب الله السورى الذى أعلن فى 23 يناير من العام الجارى، ولواء فاطميون الذى تم تأسيسه فى مايو الماضى كذلك! جاءت ردود الفعل جهاديات أخرى عرفت فيما بعد باسم النصرة ثم داعش وغيرهما والمقاتلين الأجانب معهما كذلك. هكذا تحولت الثورة المدنية التى بدأها أمثال اللا عنفى غياث مطر والوطنى الكردى مشعل تمو والطفل حمزة الخطيب إلى دماء ملونة طائفيا وجهاديا، وأكثر من مئتى ألف قتيل، وما يقرب من أحد عشر ملايين لاجئ داخليا وخارجيا. ويبدو الإصرار الروسى على أولوية» مصير الأسد» أو رحيله بعيدا عن اشتراطات الحل، كما تحدث سيرجى لافروف مؤخرا أثناء لقائه مع وزير الخارجية السعودى السيد عادل الجبير يوم الثلاثاء 11 أغسطس، وتركه للشعب السورى، أمرا غير منطقيا وعقبة كأداء فى وجه إمكانيته، وكأن كل هذه الثورة والحروب ضد نظامه، العدو الأول للجميع، لا تكفى دلالة على ضرورة هذا الرحيل له. من هنا كانت أولى قرارات جنيف 1 فى 30 يونيو سنة 2012، والتى عرضت على الجمعية العامة ومجلس الأمن بتاريخ 5 يوليو 2012، هى «إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك فى ظلها العملية الانتقالية، وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية»، وهو ما يعنى انتهاء حقبة وتوليد وتخارج حقبة جديدة منها. ما يطرحه حلفاء الأسد من مبادرات وهم يبحثون عن مخرج له يعنى الدوران فى المشكلة أو الحل عن طريق إبقائها، وبقاء الأسد يبقى داعش وتمددها، ويبقى كل المناهضين له كذلك، ليزداد الوضع تأزما على أزماته. إن بقاء الأسد، بأى شكل أو محاولة شرعنة، يخالف المنطق السياسى والإنسانى فى بقاء نظام تجاوز كل الخطوط الحمر فى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعب سوريا منذ نوفمبر سنة 2011 والتى كان أبرزها فى الغوطة فى فى مثل هذا الشهر فى 21 أغسطس سنة 2012، كما أن هذا السؤال عن المصير ليس إلا سؤالا عدميا، لن يملك أحد تحديده فى ما بعد مع استمرار انهيار النظام والأزمة وتمدد داعش فى سوريا، فلن يكون مصيره حينئذ إلا شبيها بسيناريو طبيب آخر كان حليفا للروس كذلك وهو الرئيس الأفغانى الطبيب محمد نجيب الله الذى أعدمته طالبان شنقا مع شقيقه فى 27 سبتمبر سنة 1996، ثم كان ما كان من صراع الفصائل نفسها! إن الضمانة الوحيدة لمعرفة مصير سوريا قبل مصير الأسد، هو التعجيل بالحل السياسى الشامل فى سوريا، بمرجعية جنيف 1 دون الإبقاء على أصل المشكلة التى هى الأسد الذى يصر على إبادة معارضيه كما يصر معارضوه على إبادته وإسقاطه.