لست أدرى ماذا سيكتب التاريخ عن النظام الحالى بعد سقوطه، وهو سقوط حتمى، نظرا إلى ممارساته وأساليبه شديدة التجاوز!! وككل الأنظمة الفاشية الديكتاتورية الطغيانية، فهذا النظام، وكل من ينتمى إليه، أو يتعاون معه، لا يخطر بباله لحظة أنه يمكن أن يسقط، ولا يتصور أبدا أنه حتى قابل للسقوط، على الرغم من أنه هو الذى يحفر قبره بنفسه فى كل يوم، ويزيده عمقا بكل تصرف وقرار، ويقترب من هذا القبر بكل تحد للقانون، وكل تحايل والتفاف ودوران حوله.. تماما كالحزب النازى فى ألمانيا فى النصف الأول من القرن العشرين، والحزب الشيوعى فى روسيا، فى مطلع القرن، ونظام صدام حسين، فى نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادى والعشرين، ونظام القذافى فى العقد الثانى من القرن العشرين.. وتنظيم القاعدة.. وحتى النظام السابق. كلها أنظمة اغترّت بقوتها، فتجبرت وتكبرت، وطغت واستكبرت، وتعالت وتغطرست، وتصورت مع كل هذا أنها غير قابلة للسقوط.. فأين هى الآن؟! أين؟! الحكمة القديمة تقول: إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس، فتذكّر قدرة الله عليك.. ولا تتصور أن الله سبحانه وتعالى، المعز المذل الحكم العدل، سيقيك السقوط، فقط لأنك تذكر اسمه الكريم، دون أن تعمل بما أمر به عز وجل.. أنت تتجبر وتتكبر وتدعى أن هذا فى سبيل الله جل جلاله، ولكن الله المنتقم الجبار، لم يطالبك فى آية واحدة من آياته الحكيمة، بأن تكذب أو تخدع، أو تحنث بالوعد، أو تستغل سلطتك فى التنكيل بخصومك ومعارضيك، لا فى دين الإسلام، ولا فى أى دين آخر.. فالله الرحمن الرحيم هو خالق البشر أجمعين، حتى من كفروا به، ولا يمكن، بأى حال من الأحوال، أن يأمر خالق السماوات والأرض بإهانة وقمع خلقه، لأنهم كلهم من خلقه جل جلاله، ولكن بعضهم لا يدركون.. ولو أن السلطة هى هدف المؤمنين، لما ذكّرهم خالقهم بأنهم ليسوا على الناس بمسيطرين.. إذا كنت تكذب وتخدع وتحنث بالوعود، فهذا من أجل نفسك، وهواك، ونزعتك إلى السلطة والسيطرة.. وإياك أن تدسّ اسم أو صفة دين الله العزيز الحكيم، فى سمات لا تمتّ إلى الدين بِصِلَة، لا تضفى على دين الرحمن الرحيم صفات وسمات، يوعز بها الشيطان وحده، لأنك فى سبيل السلطة، تسىء إلى دين عظيم، وتوحى بأنه دين الوصولية والعنف والقهر والتنكيل والعياذ بالله.. اسْتَحِ بالله عليك.. إن لم تَسْتَحِ من شعبك وتاريخك، فاستحِ من خالقك الحكم العدل.. إنك لن تدخل الجنة لأنك لعبت دور الديكتاتور، ملتحفا بجماعتك ومؤيديك وأهلك وعشيرتك.. ولن تدخلها لأنك عضو فى جماعتك.. لن تدخلها إلا بطاعة خالق السماوات والأرض، ذى الجلال والإكرام.. سيدخلها بسطاء، لم يسعوا إلى السلطة، ولم يجعلوا أنفسهم أوصياء على الناس، ولم يكذبوا أو يدلسوا أو يحنثوا بالوعود.. بسطاء لا ينتمون لجماعتك، ولا يرهبون أحدا.. ولن تدخلها لأنك وضعت نائبا عاما فى خدمتك وخدمة أغراضك، لأن ذلك النائب، ومهما فعل أو تكبر، لن يغنى عنك شيئا، عندما تقف أمام الحكم العدل، يوم المشهد العظيم، بل سيكون أكثر منك رعبا وارتجافا وهلعا وذعرا، وهو يحاول عبثا تبرير تجاوزاته، التى أقدم عليها من أجلك... يومها أنت ستتنصّل منه، وهو سيتنصّل منك، ولكن لحظتها لا تنصّلك منه سيفيدك، ولا تنصّله منك سيفيده« فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره»… ولن يفيدك أو يفيده أيضا أن كلا منكم تصوّر أنه يفعل خيرا، فالحلال بيّن، والحرام بيّن.. وما زال للحديث بقية.