عند الحديث عن تنويع مصادر السلاح يصبح من المهم التوقف طويلًا عند محطة السلاح الروسى، لعدة أسباب أولها: أن هذا السلاح فى كثير من الأنواع يتفوق على نظيره فى الدول الرئيسية فى هذا المجال، واحتياجات مصر تتفق مع ما يتفوق فيه الروس، فهم على سبيل المثال-أى الروس- لا يحققون تفوقًا فى مجال حاملات الطائرات الذى يتفوق عليهم فيه الأمريكيون. ومصر بطبيعة نطاق مصالحها أو التهديدات المحيطة بها لا تحتاج إلى هذا النوع من القطع البحرية فى المدى القريب أو المتوسط، بينما يشكل الدفاع الجوى على سبيل المثال لا الحصر ضرورة مهمة للقوات المسلحة نتيجة الخبرات الخاصة التى تراكمت منذ حربَى الاستنزاف وأكتوبر، وهى الخبرات التى كانت عاملًا فى تغير نظرة خبراء الاستراتيجية العسكرية على مستوى العالم بصورة جذرية نحو الأهمية الكبرى للدفاع الجوى الأرضى الذى لا يجارى أحد الروس فيه منذ بداية منظومات الصواريخ المضادة للطائرات. أما السبب الثانى، بالنسبة لأهمية السلاح الروسى إلى مصر، فهو أن للقوات المسلحة باعًا طويلاً فى استخدام هذا السلاح، ولا يقتصر هذا المفهوم على التداول الميدانى، ولكنه يمتد إلى القدرة على الصيانة والمهارات الفنية على الإصلاح. وثالث الأسباب: يناسب السلاح الروسى الطبيعة الطبوغرافية للأرض فى مصر والأراضى المحيطة بها والمناخ السائد، والسبب الرابع: لا تغالى روسيا فى أسعار السلاح مثلما هى الحال فى المنظومات الغربية. هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالى: ما حاجة مصر من الأسلحة الروسية؟ الأسلحة الملائمة لاحتياجات مصر الأولوية فى ضرورات التسليح لمصر تتمثل فى منظومات الدفاع الجوى الحديثة التى يمكن من خلالها مواجهة طائرات الجيل الخامس من الطائرات التى ستنتشر قريبًا فى كثير من دول العالم، وستغزو إقليم الشرق الأوسط أيضًا فى تركيا وإسرائيل، ولقد حصلت مصر بالفعل على نسخة متقدمة من منظومة S300 «أنتاى 2500»، وهى تغطى احتياجات مصر الدفاعية فى التصدى فى الوقت الحالى لكل الأجيال السابقة للجيل الخامس من الطائرات، وللحصول على هذه المنظومة الآن أهمية أخرى تتمثل فى تعامل العناصر القتالية والفنية من أطقم الصيانة والإصلاح فى المستويات التكنولوجية الأكثر تعقيدًا، مما يشكل تمهيدًا وإعدادًا واقعيًّا يسهّل مواكبة الأجيال الأحدث ويسرع أيضًا توقيت عملية الانتقال لهذه الأجيال مستقبلًا بعد القطيعة الطويلة التى استمرت لعقود مع السلاح الروسى. «S400 » جحيم الطائرات والصواريخ فى السماوات ولأنه من المتوقع أن تبدأ روسيا فى السماح بتصدير الجيل الرابع من S400 فى عام 2016، فمن المحتمل أن مصر ستسعى للحصول عليها، وهى منظومة ذات إمكانات هائلة لا تتفوق عليها سوى منظومة S500، ذات الإمكانات الخيالية غير المصرح بخروجها من روسيا، أما عن S400 فإن خصائصها الرئيسية هى: سرعة الصاروخ 4800 م/ث، أقصى مدى لإصابة الأهداف الطائرة 400 كم، اكتشاف وتتبع الأهداف حتى 600 كم، أقصى ارتفاع للهدف 50 كم، أقل ارتفاع 20م فى النسخة المطورة، وقدرة الاشتباك مع 80 هدفًا تزامنيًّا فى وقت واحد، والصاروخ -يستطيع بالإضافة إلى الطائرات - تدمير الصواريخ الباليستية والمجنحة والنسخ الأولى من الطائرات الخفية. تنتشر فى أدبيات العلم العسكرى مقولة «الروس أمراء الأرض والأمريكيون أمراء البحر»، ومن هذا المنطلق يمكن أن تستعين مصر فى جانب من احتياجاتها بالأسلحة الأرضية الروسية. الأرماتا.. دبابة المستقبل طورت فى الفترة الأخيرة الدبابة «أرماتا» غير المسبوقة المزودة بمدفع عيار 152 أوتوماتيكيًّا، وللمرة الأولى فى تاريخ هذا السلاح يصبح البرج غير مأهول حيث تُدار الدبابة من الداخل آليًّا بوسائل إلكترونية، حيث يوجد الطاقم فى كبسولة فولاذية منفصلة عن مقصورة الذخائر لحماية الأفراد إذا ضربت الدبابة التى يوجد بها رادار ذو مسح إلكترونى يراقب مدى طول نصف دائرته 100 كم يمكنه تتبع 40 هدفًا ديناميكيًّا و25 هدفًا أيروديناميكى، ويمكن أن تتحول الدبابة فى المستقبل إلى روبوت قتالى وسرعتها القصوى 90كم/ساعة. كما دخلت إلى طور الإنتاج ناقلة الجند المدرعة T50 ذات الرشاشات الخفيفة والمتوسطة مزودة ب4 صواريخ كورنيت من الجيل الأحدث المضادة للدبابات والطائرات ذات نظام التهديف التلقائى، وتعتبر الناقلة الأفضل تدريعًا فى العالم متفوقة على «البوما» الألمانية، و«النامير» الإسرائيلية، والمحرك فى الأمام لتوفير حماية إضافية، ولها منظومة حماية نشطة وأخرى خداعية لتضليل منظومات التوجيه الكهروبصرى والليزرى للصواريخ المعادية، علمًا بأن صواريخ الناقلة ذات عزل كامل عن مقصورة الأفراد، وأخيرًا فإن القاعدة المجنزرة هى نفسها المستحدثة فى الدبابة أرماتا، والتى ستعمم فى أكثر من سلاح لتوفير النفقات، وبالتالى أثمان البيع. الكواليتسيا.. مدفع أقوى وأسرع من الخيال ومن بين الأسلحة الأرضية الجديدة المدفع الآلى «كواليتسيا»، وهو مدفع هاوتزر ذاتى الحركة أوتوماتيكى التعمير عيار 152 مللم، وتم تصنيع نموذجَين من هذا المدفع، أحدهما بماسورتَين والآخر بماسورة واحدة، ويعتبر الهاوتزر ذو الماسورتين تطورًا خارقًا فى عالم المدفعية، ومن مميزات هذا الهاوتزر ذى الماسورتين «المدفعين» قدرته على إطلاق النيران منهما بحيث يشتبك كل منهما مع هدف على حدة، كما أنه يستطيع أن يشكل جدارًا ناريًّا من خلال إطلاق النار من الماسورتين فى آن واحد، ويمكن تحميل مركبة الكواليتسيا بكمية ذخائر تبلغ 70 طلقة، ومعدل سرعة إطلاق النار 10 طلقات فى الدقيقة، وهذا معدل فائق للغاية، وأقصى مدى للوحدة ذات الماسورتين 40 كم و70 كم للمدفع بماسورة واحدة، وعدد الطاقم 3 أفراد، والمدفع لا مثيل له فى العالم حتى الآن. ويمتلك الروس منظومات حرب إلكترونية متعددة الأنواع فى قدرات الإعاقة والشوشرة، ومنها: منظومة الاستطلاع السلبى «موسكو- 1» وهى لا تبث أى إشارات إذ تقتصر على استقبال وتحليل الإشارات الغريبة خلافًا للرادارات التقليدية، وهى غير مرئية للعدو، ومنظومة كراسوخا تؤمن ضد طائرات الاستطلاع والرصد الإلكترونى بما فيها الإواكس، ومنظومة كاسر الإبرة «بريزيدنت إس» وهى مجمع إخماد بصرى إلكترونى قادر على أن يحمى من التدمير أى مركبة جوية تتعرّض لهجمات الصواريخ، ومنظومة المظلة الواقية من صواريخ «جراد» (رتوت-بى إم)، إضافة إلى منظومات أخرى فى مجالات الاتصالات وإعاقة الأجهزة الإكترونية. لقد كانت مصر من أولى الدول التى سمح لها الاتحاد السوفييتى السابق بتصنيع البندقية الكلاشينكوف أسطورة الأسلحة الخفيفة فى العالم، فهل يكون لمصر فى المستقبل حظ الحصول على حق تصنيع أسلحة أرضية رئيسية؟ لكن يبقى الأهم الآن أنه تم العودة إلى السلاح الروسى فى منهج مصرى جديد لتنويع مصادر السلاح.