مثلما هناك سينما سائدة وأخرى مستقلة، هناك أيضا نقد سينمائى سائد وآخر مستقل. فالناقد السينمائى المخضرم، معظمهم شق طريقه عبر نشرات نوادى السينما قبل أن يحتلوا عواميد أو صفحات بالجرائد القومية أو غيرها ويصبحوا مرجعا للفيلم المحلى، ونافذة تطل على السينما العالمية عبر حضورهم المهرجانات السينمائية، ووصف نقدهم بالسائد ليس تعميما لقيمة عطائهم أو انتقادا لكتاباتهم عن الأفلام أو تقليلا من وجودهم على الساحة السينمائية، بل مجرد توثيق وضع راهن لدائرة تكاد تكون مغلقة أمام الناقد الجديد/ الدخيل، رغم أن وجوده مرغوب فيه ومن المؤكد سينعش الساحة النقدية للسينما، فمثلما السينما تحتاج كل حين وآخر إلى دم جديد، فالنقد السينمائى أيضا فى حاجة إلى رؤية نقدية جديدة، ومثلما كانت نشرات نوادى السينما فى الماضى تتيح فرصا للنقاد الجدد، أصبحت اليوم المدونات والمجلات الإلكترونية عبر الفضاء تتيح مثل هذه الفرص. من النقاد الجدد الذى لفت انتباهى محمود عبد الشكور، لتغطيته المتواصلة تقريبا كل الأفلام المصرية المعروضة أسبوعا بعد الآخر، يحللها ويقيمها ويلقى ضوءا نقديا نحوها ربما لا نتفق معه دائما، إلا أنه يثير بتغطيته الجدل وفتح باب للنقاش بجدية وحيادية مطلوبة، والأهم أنه يثير فضولك نحو مشاهدة الفيلم الذى قد يشيد به أو يبرز حسناته. وقد بدأت كتابات عبد الشكور تظهر عبر مجلة «عين على السينما» الإلكترونية التى يحررها وأنشأها الناقد السينمائى المخضرم أمير العمرى، وأصبحت نافذة جديدة لعدد من النقاد الجدد. ومن الأسماء الأخرى التى بدأت تطفوا وتلمع فى الحركة النقدية رامى عبد الرازق وأحمد شوقى إلى جانب نشاطاتهم الموازية بالمهرجانات المحلية والعربية وبعض المهرجانات الأوروبية. يبقى الواقع المرير أن علاقة النقد السينمائى مع جمهور السينما تكاد تكون منعدمة، فلم يعد هذا الجمهور يذهب إلى السينما بناء عن نقد قرأه أو رأى ناقد أدلى به على شاشة التليفزيون، وقد أصبح النقد السينمائى خصوصا النقد الجاد عملة نادرة فى غياب مجلات سينما عربية متخصصة، ولولا المجلات الإلكترونية والمدونات لاختفى النقد الجاد والمستقل بأكمله. وإذا عدنا إلى النقد السائد فهو نقد مضطر أن يخاطب قُراء الجرائد اليومية أو الصفحات الأسبوعية بلغة التابلوهات، فإما تقوده إلى أسلوب التغطية الشاملة وإما تدفعه إلى تبسيط الأمور بقدر المستطاع بالاكتفاء بسرد قصة الفيلم وتقييم عام للممثلين والفنيين. وإذا كانت الجدية فى التناول قد تتسلل بين السطور، ففى نهاية الأمر مقياس نجاح أو فشل أى فيلم لم يعد له أى علاقة بما كتب عنه.. للأسف الشديد.