سنة واحدة قضاها رجب طيب أردوغان في منصب الرئيس نال خلالها انتقادات هائلة بشأن انتهاكات للدستور والتدخل في شؤون الحكومة وزيادة المحسوبية والمحاباة لصالح الحزب الحاكم، كان المثال الواضح لها هو سعيه لإجراء انتخابات عامة مبكرة، بعد خسارة حزبه للأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده في انتخابات يونيو الماضي. أردوغان، الذي شغل منصب رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية لمدة 12 عامًا، قال علنًا خلال حملته الانتخابية قبل انتخابه رئيسًا للبلاد في 10 أغسطس 2014، أنه سيكون رئيسًا مختلفًا، ولكن يبدو أن هذا الاختلاف كان يعني له التدخل بشكل كبير في شؤون الحكومة. انتهاكات صارخة للدستور سيدات لاسينر، الرئيس الأسبق لجامعة "تشاناكالي 18 مارس"، قال لصحيفة "توداي زمان" التركية "إن أردوغان يختلف عن سابقيه في أنه لا يلتزم باليمين الدستورية، ويتصرف مثل رئيس دولة في نظام رئاسي وليس برلماني، فهو يؤيد بشكل علني لحزب سياسي، وقبل انتخابات يونيو كان ينظم مسيرات يدعو الناخبين للتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية". وكان أردوغان قد ترأس اجتماعات مجلس الوزراء لعدة مرات، الأمر الذي يتناقض تمامًا مع الدستور، وعلاوة على ذلك، تم تشكيل إدارات جديدة داخل الرئاسة خلال فترة رئاسته، بما في ذلك الدفاع والأمن الداخلي، والعلاقات الخارجية، وإدارات الاقتصاد والطاقة، وهو ما كان ينظر إليه باعتباره محاولة لخلق بديل لمجلس الوزراء الذي يعرف الآن باسم "حكومة الظل"، بحسب ما قالت "توداي زمان". نور الدين أكتاس، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق وأحد الأعضاء المؤسسين للحزب، قال للصحيفة التركية "إن تصرف أردوغان كرئيس للوزراء وتهميش أحمد داود أوغلو كان السبب في انخفاض نسبة الدعم الانتخابي لحزب العدالة والتنمية في انتخابات يونيو". وأضاف "الشعب رفض قرار أردوغان بالتصرف كما لو كان رئيس حزب العدالة والتنمية، إذا كان تمكن من البقاء على الحياد مثل الرئيس السابق عبد الله جول، كان سيحفظ اعتباره بشدة". يوسف حلاج أوغلو، وهو نائب عن حزب الحركة القومية، أوضح "أن أردوغان قد خالف اليمين التي تنص على البقاء على الحياد من خلال عقد مسيرات الدعم لحزب العدالة والتنمية". السعي لإجراء انتخابات مبكرة وفي مثال حديث على المحسوبية والمحاباة الواضحة للحزب الحاكم، سلَط أردوغان الضوء كثيرًا على إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، والتي ستكون الطريق الوحيد أمام حزب العدالة والتنمية لاستعادة الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل الحكومة بمفرده. المعارضون له يتهمونه بالبدء بشن عمل عسكري ضد حزب "العمال الكردستانى" من أجل حشد الدعم الوطني وتقويض التأييد لحزب الشعوب الديموقراطي، الموالي للأكراد، الذي ساعدت نتائجه القوية في حرمان حزب العدالة والتنمية من تحقيق الأغلبية. وكثيرًا ما فضحت تصريحات أردوغان تفضيله للحزب الحاكم، وفي أثناء زيارته إلى آسيا في يوليو الماضي، قال الرئيس للصحفيين "إنه يُحذِر مما أسماه مخاطر عقد تحالفات هشة، كما أشاد بمزايا حكم الحزب الواحد". ويرى "أكتاس" أن السبب وراء بقاء المشاكل التي تؤثر على البلاد بدون علاج، هو تدخل أردوغان في محادثات تشكيل حكومة ائتلافية والفشل في تشكيل الحكومة الجديدة، مضيفًا "لقد تحولت تركيا إلى حمام من الدماء، وانجرفت نحو أزمة اقتصادية والمزيد من عدم الاستقرار، ومع ذلك، فإن محادثات تشكيل حكومة ائتلافية لا تؤتي ثمارها بسبب تدخل أردوغان فيها". كما أوضح "أن عملية التسوية مع الأكراد التي بدأت في عام 2012 خرجت عن مسارها بسبب محاولة أردوغان لزيادة الدعم السياسي لحزب العدالة والتنمية في انتخابات مبكرة". وقال مير محمد فرات، وهو نائب عن حزب "الشعوب الديموقرطي" وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، إن البلاد حاليًا في أزمة بسبب فشل الأحزاب السياسية لتشكيل الحكومة نتيجة لرغبة أردوغان لعقد انتخابات مبكرة. تعيينات جامعية في تجاهل صارخ لمبدأ الانتخاب خلال عامه الأول في الرئاسة، كان لأردوغان القول الفصل بشأن تعيين رؤساء الجامعات، بدون الرجوع إلى أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، الذين هم قادرين على التصويت لصالح مرشحهم المناسب. وظهر هذا واضحًا عندما عين أردوغان يوكسل أيسر رئيسًا لجامعة "تشاناكالي 18 مارس" على الرغم من حصوله على عدد أصوات من منافسه سيدات لاسينر، في إبريل الماضي. لاسينر قال ل"توداي زمان" إن "المرشح الذي لم ينال دعم أردوغان يتعرض للترهيب والتهديد، إذا قرر الترشح بالرغم من الضغوط". السيطرة على السلطة القضائية النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري ، اتيلا كارت، قال لصحيفة "توداي زمان" إن أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية قد دمرت استقلال القضاء من خلال تعيين القضاة الموالين له في المؤسسات الرئيسية مثل مجلس الدولة والمحكمة العليا للطعون والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين. وأضاف "كارت" أن أردوغان كان قد فشل في الحفاظ على التوافق بين المؤسسات الحكومية، التي قال إنها أحدثت البيروقراطية التي أدت إلى الفوضى. وفي مثال على التدخل في أعمال السلطة القضائية، ألقى أردوغان اللوم على السلطة المسؤولة عن تعيينات النيابة العامة، بشأن عدم فصل اثنين من القضاة الذين حكموا بإطلاق سراح مشتبه بهم بقوا رهن الاحتجاز لعدة أشهر. كما اتهم الرئيس التركي في وقت سابق، بأنه حرَض، في خطاب علني له، القضاء على اتخاذ إجراءات قانونية ضد رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديميرتاش، واتهمه بأنه يدعم حزب "العمال الكردستاني" الذي تصنفه الحكومة كمنظمة إرهابية.