«1» لأن 57357 تستحق! أنا مدين لمستشفى سرطان الأطفال 57357. مدين بالأمل والتفاؤل الذى أجده هناك، وأنا أزورها كلما ضاقت علىّ الدنيا بما رحبت. مدين بنموذج الإدارة المحترمة الذى أشاهده بنفسى، والمعاملة المحترمة التى أشهد عليها لجميع المرضى. وحين ذهبت إليها للمرة الأولى، وكان ذلك متأخرًا، اصطحبت معى زوجتى وابنى الأكبر، وطلب منى نائب المدير تصوير إعلان للمستشفى، وظننته يجامل، فرد: على الإطلاق. أريد أن يفهم الناس أنهم من الممكن أن يأتوا للمستشفى فى (خروجة) أو (زيارة) عائلية. أريد أن أغيّر مفهوم المستشفى من مكان (مقبض) إلى مكان (مبهج) تستطيع زيارته فى أى وقت. يُتهم المستشفى بين الحين والآخر بالمجاملة والمحاباة وبعدم استقبال حالات لأطفال، وينسى أصحاب الانتقادات أن المستشفى رغم كل شىء محدود، وعدد غرفه والأسرّة به قليل مقارنة بما يجب أن يكون عليه، رغم التبرعات التى تتدفق على المستشفى، والتى تجعله يعالج الجميع مجانًا، وتتولى علاج حالات معينة لم يتم الكشف عليها من قبل سعيًا لرفع نسب الشفاء التى ارتفعت بالفعل. يخرج فيديو يتهم المستشفى بأنه رفض استقبال حالة. الناس معذورة، ولو ذهبوا لمعهد الأورام نفسه سيجدون نفس الرد، والحل ليس فى الاتهامات المرسلة، ولا الهجوم على النموذج المتميز الحقيقى الذى نتمنى أن تكون كل مستشفياتنا فى مصر عليه، بل الحل فى إنشاء مستشفيات أخرى بنفس المفهوم وتكاتف الدولة مع المجتمع المدنى من أجل هذا السبب. تنشر صحيفة مغمورة أرقاما تدعى أن الفنانين تقاضوها نظير إعلاناتهم للمستشفى، دون دليل، ودون إثبات، وتنسبه إلى (مصدر)، على الرغم من أن نفس الفنانين تبرعوا بمبالغ ضخمة صدقة جارية للمستشفى ولم يتقاضوا جنيها واحدا، وأمامى الآن عقود تبرعاتهم، ولولا احترام الخصوصية لذكرت قيمة هذه التبرعات. للمرة المليون نؤكد: الهجوم على «57357» وأخواتها من منظمات المجتمع المدنى، بهدف الانتقام الشخصى، أو الشهرة المجانية، أو شهوة الشير واللايك، خطر كبير على قطاع لو قلّت تبرعاته، أو تم التشكيك فى مصداقيته، فأول من سيتأثر هو الفقراء والبسطاء الذين يتاجر الجميع بهم بدلا من المحاربة لأجلهم. «2» مبادرة تستحق الاهتمام بين يوم وآخر نسمع أو نقرأ عن طفل تم اختطافه هنا أو هناك. أصبحت الموضة فى المولات التجارية، وانتشرت (البوستات) التى تتحدث عن وقائع، ربما لا نجد لها مكانًا فى الصحافة نفسها، وهى تشرح كيف تم إحباط اختطاف أطفال، أو نجاح محاولة الخطف بالفعل، ثم لا أحد يتحرك. مزيد من اللايك والشير والريتويت، و«خلى بالكم من عيالكم»، ولا حل من أى نوع. حتى رمضان الماضى شهد مسلسلا عن هذه القضية هو (ذهاب وعودة) للصديق عصام يوسف ومن بطولة أحمد السقا، وكان من اللافت أن يضع فريق العمل فى الحلقة الأخيرة صورة الطفل مؤمن قمبر الذى تم اختطافه قبل أكثر من عام ولم يظهر حتى لحظة كتابة هذه السطور، ولا حتى اتصل خاطفوه ليطلبوا فدية من أى نوع، بل إن والده أعلن عن مكافأة مالية لمن يجده أو يدل عليه، ولم يحدث شىء للأسف. من هنا ولدت على (السوشيال ميديا) العديد من الاقتراحات، لعل آخرها مبادرة كتبتها الأستاذة (ميريت رمسيس) على صفحتها، وأرسلتها لى الأستاذة إيمان جمال سلامة، لتلفت النظر، مثل كثيرين قبلها، إلى الأطفال الذين يستغلهم المتسولون، والذين امتلأت بهم شوارعنا. الفكرة باختصار تطالب بإلقاء القبض على هؤلاء، وتطالب بوجود غرفة عمليات تمتلك قاعدة بيانات، وتربط بين أقسام الشرطة من جهة وأهالى المختطفين وتقوم بعرض صور الأطفال، سواء المختطفون أو من يجدونهم مع المتسولين على شبكات التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية، فكثير من المتسولين لا (يسرحون) بأطفالهم، ولا أحد يعرف ما إذا كانوا أبناءهم أم لا، وبعضهم يكون واقعا تحت تأثير مخدر أو عقار منوم يجعل الطفل نائما فى الغالب. يمكن أن نطور فى الفكرة، ونمد الخيط على استقامته لنرى رقما مختصرًا تشرف عليه وزارة السكان ووزيرتها المحترمة هالة يوسف، على غرار خط العنف ضد الأطفال، للإبلاغ عن الأماكن الموجود فيها هؤلاء المتسولون، بل وتصويرهم بالموبايل وإرسال صورهم إلى موقع يتم ربطه بوزارة الداخلية وغرفة عمليات تنشأ خصيصا لهذا السبب، مع تفعيل دور شرطة مكافحة التسول وعمل حملات مستمرة فى هذا الإطار. يمكن أيضًا أن تنضم منظمات حقوقية ذات علاقة بحقوق الطفل إلى هذه المبادرة فى نموذج محترم للتشبيك والتعاون بين أجهزة الدولة والسوشيال ميديا، ومنظمات المجتمع المدنى، أملاً فى حل ولو جزءًا يسيرًا من مأساة يعيشها العديد من الأُسر، فهل تستجيب وزارتا الداخلية والسكان؟