قال الناقد السينمائي عصام زكريا، إن الراحل رأفت الميهي قدم مع المخرج كمال الشيخ، 4 من أهم أفلامهم، وهي أفلام سياسية هامة في السينما، فيها الإتقان والتشويق والحبكة وكل فنون كتابة السيناريو التي كان يهتم بها كمال الشيخ. وأوضح زكريا أن الميهي كان يقدم السينما التي نطلق عليها السينما البوليسية، أو التشويق، وعادة يقصد بالتشويق أن يكون السيناريو محكم يجذب انتباه المشاهد للأحداث وتتابعها، وهذا عكس كثير من إنتاج السينما المصرية، الذي تراجع فيه السيناريو من أجل "الفرجة"، على فواصل الكوميديا والغناء والرقص دون تتابع درامي، وهذا النمط قد يكون محبب عند البعض، لكنه في النهاية ضد فكرة الدراما التي تقوم على تكثيف الحدث والصراع في وقت زمني محدد. وأشار الناقد إلى أن هذة المدرسة التي نشأ فيها رأفت الميهي، والتي قدم من خلالها عددًا كبيرًا من السيناريوهات المتميزة، مضيفًا ان أفضل كتاباته في مجال السيناريو هي الأعمال التي أخرجها كمال الشيخ. ولفت زكريا إلى أن رأفت الميهي كان مفكرًا سينمائيًا والفكرة والمضمون عنده هما الأساس وليس الصورة، ولديه وجهة نظر في السينما والعالم والحياة، كان يطرحها طوال الوقت، وعندما واجه صعوبة في طرح هذه الأفكار عن طريق مخرجين ومنتجين آخرين قرر ان يتجه إلى إخراج هذه النصوص، فقد كان يريد أن يشعر بالحرية الكاملة في التعبير عن أفكاره، وعندما وجد أنه يحتاج لعنصر ثالث هو الإنتاج تحول إليه أيضاً وأصبح ينتج أعماله. ونوه الناقد بأن هناك مخرجين نجح في العمل معهم كسيناريست مثل كمال الشيخ، وقد تكون الأفلام التي كتبها فقط نجحت جماهيرياً ونقدياً ولكن الأفلام التي قدمها كمخرج أخذ فيها حريته، وأعتقد أنه كان أكثر حرية واستمتاعًا وهو يعمل مع نفسه، وهذا الذي جعله يدخل في معارك لأنه كان يطلق العنان لخياله دون التفكير بشروط السوق أو الرقابة أو أي قيود تعيق طرح أفكاره. وأوضح أن بعض هذه الأفلام حققت نجاحًا جماهيريًا أيضاً، مثل فيلم "الأفوكاتو" و"السادة الرجال" و"سيداتي آنسات" و"سمك لبن تمر هندي"، فهذه الأعمال على الورق قد لا يجرؤ أي منتج على تنفيذها، لكن الميهي كان دائم المغامرة. وأضاف زكريا أن مشوار المخرج الراحل مر بمرحلة من التطورات، سواء في الكتابة للسينما أو الإخراج، حيث كتب سيناريوهات في البداية تقليدية تحمل وجهة نظر متفائلة وواقعية للعالم، وفيها إيمان بالقدرة على التغيير خلال الفترة التي واكب فيها ثورة يوليو والحقبة الناصرية، حيث كان معظم المثقفين لديهم أمل في النهضة والحداثة والتغيير، وإيمان بقدرة الفن علي التغيير وقدرة السياسة على التغيير. وأشار إلى أنه بعد النكسات المتتالية على أرض الواقع تغير هذا الفكر واكتسب الميهي مزيد من الرؤية العبثية والساخرة للعالم، التي انعكست في أعماله، وقد كان هناك محطات كثيرة ومتلاحقة في مشواره الفني، ويعد فيلم "الأفوكاتو" الذي قدمه مع الفنان عادل إمام محطة هامة في مشوار كمخرج، هو أحد المفكرين في السينما المصرية، في ثقافة لا تحب التفكير وهو أحد العقول الأساسية في السينما المصرية وأحد أصحاب الرؤى القلائل.