أحاول متابعة الحكاية.. حاول معى: 1- المرسى يحتاج إلى منقذ. 2- ليس مشكلة عندنا (من الناحية الظاهرية) هل يستوعب ذلك أم يضطر إليه. 3- لكنها مشكلة (من الناحية السياسية) لأن المرسى يعانى الآن من تمزق بين المرسى ابن الجماعة (الذى ما زال يحضر اجتماعات الأسرة أصغر وحدة فى تنظيم الإخوان السرى).. وبين المرسى الرئيس (الذى لم يعد خافيا على أحد حتى أقرب من يفهم فى جماعته أنه فاشل). 4- المرسى حائر بين التصرف كرئيس يبحث عن إنقاذ من خارجه فيستمع إلى نصائح الأمريكان بفتح الباب ليدخل خصومه من جبهة الإنقاذ ليحملوا معه مسؤولية الإجراءات الاقتصادية. 5- أم يسير خلف من يحمل سر الجماعة ويسير بها إلى الاحتلال الكامل للدولة (أمن، اقتصاد، مؤسسات، تشريع) وبعد هذه السيطرة (سَمِّها مثلهم التمكين) ستهبط البركة من السماء وتحل مشكلات مصر. 6- الكلام عن حيرة المرسى نوع من المجاز أو توصيف محترم لما يمكن أن يقوم به شخص وصل الرئاسة محمَّلا بمشروع جماعة فى تدمير دولة.. عليه فى نفس الوقت أن يعبر بها المرحلة الانتقالية من الدولة الحديثة إلى دولة المرشد -أو الفقيه- على الطريقة المصرية. 7- الوصول إلى دولة المرشد الذى يعنى أن تكون الدولة هى النموذج المنفوخ للجماعة. لم يعد الأمر مجرد إيمان أو عقيدة بأن الحل فى إعادة دولة الخلافة (سَمِّها مثلهم الأستاذية).. لكنها حدود قدرتهم أو إمكاناتهم، فهم لن يسيطروا إلا على من يؤمن بأنهم «الطليعة المؤمنة» ولن يحكموا إلا بمنطق «السمع والطاعة»، فماذا يفعلون مع من يراهم مجرد أشخاص تملَّك منهم الفشل، أو من مجتمع متعدد بطبيعته (الاجتماعية والدينية والثقافية والعرقية). 8- ومثل كل طليعة فإن الإخوان تتم تربيتهم فى حضّانات يشربون فيها أنهم «كريمة الكريمة» فى البلد، وأنهم خلاصة المؤمنين، ومثل كل تنظيم يُبنى على فكرة الطليعة لا مانع من قتل أو قهر ملايين لتسيطر تلك الطليعة المؤمنة (وهنا تلتقى طليعة هذا التنظيم الإسلامى مع أعتى أحزاب الشيوعية.. كلهم يقتلون من أجل أن تحكم الطليعة..). 9- ولهذا فإننا لسنا فى مرحلة انتقالية بين الاستبداد والديمقراطية، ولكن فى مرحلة انتقالية يتمكن فيها التنظيم من الدولة الحديثة (التى يراها شر الشرور) ليدمرها ويبنى عليها دولة الأستاذية (أو الخلافة..). 10- ولأن الشطار منهم يدركون أن دولة الأستاذية وَهْم، إلا أنهم يشحنون بها جمهورا جديدا ويجعلونها مصدر رزقهم التنظيمى والشخصى، فهم مثلا فى مناهج تربية الجماعة يعتمدون كتاب رسائل حسن البنا.. لا شىء غيره، ومع ذلك فهناك طبعة جديدة (مزيدة ومنقحة) ليبدو الإمام جديدا كل عام وليحصل صاحب المطبعة على أرباح مع كل طبعة. 11- تجار يبيعون الوهم.. ويعزلون جماهيرهم/زبائنهم عن العالم، لكى يمكنهم السيطرة عليهم. 12- أكرر هنا أن المرسى ما زال يحضر اجتماعات الأسرة، أول حاضنة للإخوانى وعالمه الافتراضى الأول ويمعن هو فى الإخلاص لأنه لم ينضم إلى هذا العالم إلا فى سن متقدمة بينما هناك من يُولد إخوانيا أو يتلقى أول دروسه مع حليب الرضاعة. 13- وبهذا فإن مهمة المرسى فى القصر ليست الحكم الرشيد أو عبور نفق الأزمات، ولكن تأسيس مرحلة انتقالية قبل تدمير الدولة الحديثة (التى بُنى التنظيم على أساس أنها أساس تخلف المسلمين). 14- وهذا يعنى أن إنقاذ المرسى لا يعنى سوى إنقاذ مشروعه من أجل تدمير الدولة الحديثة.. أو مشروعها الذى لم يكتمل منذ 60 عاما ويزيد. 15- وتصور أن العودة إلى ما قبل الإعلان الدستورى دون محاسبة المسؤولين (من القتلة..) على ماحدث من وقتها، لن يعنى سوى مزيد من الوقت للمرسى وجماعته. 16- دون محاسبة فإنه ستضيع المرحلة الانتقالية الثانية بعد أن ضاعت الأولى دون تغيير حقيقى، فالمسؤول الذى يدرك أنه فوق المحاسبة لن يترك السلطة إلا بصفقة (كما حدث مع المشير..) ولن يسمح ببناء الدولة على قواعد جديدة (لأن فى القديم حمايته وانفرداه بالسلطة..). 17- ستتحول جبهة إنقاذ مصر إلى جبهة إنقاذ للمرسى إذا تعاملت مع ما يحدث بمنطق المعارضة التقليدية، ولم تفهم أن التغيير الحقيقى ليس فى أشخاص الحكومة ولكن فى طبيعة الحكم. 18- المرسى الآن فى أزمة، والأصدقاء فى واشنطن نصحوه بأن الخروج منها لن يأتى إلا عبر قرض الصندوق، وهو لن يستطيع وحده تحمل مسؤولية الإجراءات، وهذه هى كل مشكلة المرسى لكنها ليست إلا جزءا من المشكلة الحقيقية وهى وضع بنية أساسية لحكم ديمقراطى. 19- وهذا يعنى الاعتراف من جميع الأطراف بأننا وصلنا إلى حقيقة أن لا أحد يمكنه خطف الدولة، وأن الحياة هنا للجميع وفق قواعد لا يضعها سلطوى يريد فرض سلطانه باسم تقوى أو دين أو سلاح ولا وصىّ على مجتمع متعدد لكل فرد فيه حق الحياة والسعادة. هذا هو ترتيب للحكاية التى تحدث فى الكواليس لتملأ الفراغ السياسى أَعِدّها ورَتِّبْها كما شئت.. وحاول أن ترى.