رهان خاسر، هذا ما استهلت به مجلة أتلانتيك الأمريكية تحليلها عن زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقاهرة، ووصفت به علاقة الإدارة الأمريكية بجماعة الإخوان المسلمين. وطرحت المجلة تساؤلا «لماذا لم تدعم أو تساعد الولاياتالمتحدة الليبراليون في مصر بصورة كافية؟»، وقالت إن هذا يناقض بصورة كبيرة ما وعد به أوباما في خطابات سابقة من أنه فخور بالشعب المصري الذي ينادي بالحرية، وسيدعمه لمواصلة الانتقال إلى ديمقراطية ذات مصداقية. وقالت المجلة الأمريكية «لكن خلال العامين الماضيين فإن كل النقاط التي تطرق لها أوباما في خطابه تعرضت لانتكاسة كبيرة؛ حتى وعود الولاياتالمتحدة بالمساعدات تحول من دعم البلاد إلى التحول الديمقراطي إلى دعم ما يخدم فقط السياسات الأمريكية». وتابعت أتلانتيك قائلة «ورغم التهديدات التي وجهها الكونجرس الأمريكي لإدارة أوباما، بإيقاف المساعدات العسكرية في مصر، إلا أن الرئيس الأمريكي كثف من دعمه للحكومة الإسلامية، تاركا الليبراليين في مصر يعتمدون على أنفسهم، رغم أنهم هم الممثلين لأفكار الديمقراطية التي تنادي بها الولاياتالمتحدة في المنطقة». واستمرت المجلة قائلة «وبدلا من ذلك ارتمت واشنطن في أحضان الرئيس محمد مرسي وجماعته من الإخوان المسلمين، والذين بدا أنهم تأثروا بفعل الهجوم الساحر الذي شنته الجماعة على الإدارة الأمريكية في أبريل 2012، وأقنعت خلاله البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي من أنهم خير ضمان لاتفاقية السلام مع إسرائيل (كامب ديفيد) واتفاقيات السوق الحرة». وأردفت قائلة «إدارة أوباما بدت كلها ثقة من أن مرسي هو من سيلتزم ببنود اتفاقية السلام ويحافظ على العلاقات قوية بين مصر والولاياتالمتحدة، وتغاضت في مقابل ذلك عن إقصائه لقادة المجلس العسكري غير الديمقراطيين، والذين لم يكونوا يحظون بالشعبية الكبيرة، وعن إعلاناته الدستورية التي أججت غضب الشارع، ولم يتبق سوى حفنة قليلة من المسؤولين الأمريكيين الذي ينادون بربط المساعدات الاقتصادية والعسكرية المصرية بالتغيير الديمقراطي الإيجابي؛ متجاهلين أي انتهاكات تقوم بها الحكومة الإسلامية طالما تحقق المصالح الأمريكية وتضمن أمن إسرائيل». وأشارت أتلانتيك إلى أن الحكومة الأمريكية بدأت تخشى من المجلس العسكري وقادته، منذ بداية التحقيق في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، وبدأت تشعر أن بعواقب توتر العلاقات بين البلدين؛ لذلك هي مصر حاليا على بقاء العلاقات قوية؛ حتى لو كان ذلك على حساب تغاضيها عن وقوع حالات تعذيب على يد الشرطة المصرية في عهد الرئيس مرسي. وأوضحت المجلة الأمريكية: «كان لزاما على إدارة أوباما ألا ترمي بكل ثقلها وراء حكومة مرسي وأن تدعم زعماء المعارضة والمنظمات غير الحكومة لتضغط على تطبيق القيم الليبرالية في الحياة السياسية المصرية، والتي دفع الكثيرين حياتهم ثمنا لها». وتابعت قائلة «لكنها أدت الآن إلى تضاؤل شرعية الدولة في نظر الجمهور، وبدا البديل القابل للتطبيق لدى السياسيين الليبراليين المصريين هو عدم وجود مرسي في الحكم لأنه لم يبق لهم أي نافذة مفتوحة، وأغرقهم في انقسامات داخلية بعثت برسائل مربكة للناخبين الذين أنهكتهم الثورة؛ ما جعل عدد منهم يدعو في النهاية لعودة الحكم العسكري». وأضافت «رفض قادة المعارضة والأحزاب السياسية الليبرالية لقاء كيري، يرجع لانعدام الثقة في السياسة الأمريكية والتي تسبب فيه أوباما وإدارته الفاشلة للتحول الديمقراطي في مصر، وهذا سيزيد من عزلة الولاياتالمتحدة، وتصبح حكومة مرسي هي القناة الوحيدة المتاحة للإدارة الأمريكية». وأردت قائلة «زيارة كيري قد تكون فرصة لمراجعة وإعادة بناء تلك العلاقات التي أصابها الخلل، ولكن عليه قبل قدومه للقاهرة يغير من طريقة تفكيره؛ حتى يتمكن من مواجهة العاصفة السياسية، ويتمكن من تعزيز استقرار مصر على المدى الطويل وبصورة ترضى أهداف الولاياتالمتحدة في المنطقة».