قال «طارق رضوان»، المدير المساعد للأبحاث في مركز « رفيق الحريري »، أن الفجوة الأكثر وضوحًا في دعم أمريكا لمصر تكمن في الساحة التي من الممكن أن تؤثر على التحول الديمقراطي، وهي دعم الليبراليين والأيديولوجية الليبرالية، مشيرا إلى أن وصول « جون كيري » وزير الخارجية الأمريكية للقاهرة يرتفع التوقعات بالآمال في أن تقوم الإدارة الأمريكية بالتحرك من النهج الاقتصادي والبدء في إستراتيجية سياسية جديدة تدعم التحول نحو الديمقراطية وتحقق وعود الرئيس. أشار « رضوان » في مقالته المنشورة بصحيفة « أتلانتيك » الأمريكية إلى أن المعارضة ربما ترفض التوصل مع « كيري » ولكن فقط بسبب انعدام الثقة التي انبثقت عن موقف أمريكا التي اعتمدت على حكومة الرئيس « محمد مرسي » كقناة وحيدة للعلاقات الثنائية، إلا أن زيارة « كيري » تقدم فرصة لمراجعة وإعادة بناء العلاقة الأمريكية مع هؤلاء الذين يشاركونها القيم ذاتها.
كما أوضح المدير المساعد أن القيم الليبرالية وممثليها يمكنهم الصمود في وجه العاصفة السياسية وتعزيز استقرار طويل المدى يرضي الأهداف الأمريكية في المنطقة ولكن ليس بدون مساعدة، ومن ثم يرى أن « كيري » عليه الضغط على « مرسي » في الحال لتسجيل المنظمات المستقلة التي تواجه المحاكمة والتشديد على أهمية وجود قانون جديد يسمح للمنظمات الحقوقية بالعمل بحرية.
أضاف « رضوان » أن مذكرة تفاهم بين البلدين يمكنها تسهيل التمويل الأجنبي لجماعات المجتمع المدني لتعزيز الحكم والديمقراطية الجيدة، بالإضافة إلى أن التواصل الدبلوماسي مع الأحزاب الليبرالية يجب أن يشكل أولوية عالية مع عناية خاصة باللغة المستخدمة لمنع سوء الفهم أو عدم الثقة.
قال أنه بالرغم من تهديدات الكونجرس فإن المعونة العسكرية المقدمة لمصر ظلت بمأمن من التطورات السياسية، ولكن التركيز الأمريكي على العلاقة الإستراتيجية والاقتصادية في مصر ترك الليبراليون يعتمدون على أنفسهم، موضحًا أن الليبراليين يتضمنون إلى جانب أعضاء المعارضة منظمات المراقبة والمجتمع المدني.
أوضح « رضوان » أن إدارة الرئيس الأمريكي « باراك أوباما » ظلت هادئة نسبيًا في إدانتها للتطورات المناهضة للديمقراطية بعد تيقنها من أن الرئيس « محمد مرسي » سوف يلتزم ببنود معاهدة السلام مع إسرائيل ويحافظ على العلاقة العسكرية المصرية الأمريكية القوية، مؤكدًا أن التركيز المفرط على ضمان الأمن الإسرائيلي يعرض الصالح السياسي المصري والمصالح الأمريكية للخطر أكثر مما يتصور « أوباما ».
تحدث « رضوان » عن التحقيقات التي بدأت في 2011 ضد المنظمات المستقلة الممولة أجنبيًا والتي أدت إلى الاضطرابات بين مصر وأمريكا أسفرت عن عواقب أشد ضررًا للتحول المصري، مشيرًا إلى أنه على مدى العامين منذ ذلك الحين شهد التمويل الأمريكي للمجتمع المدني إنفاقًا محدودًا مع زيادة استهداف النشطاء والادعاءات بعودة التعذيب على يد الشرطة .. إلخ.
كما أضاف أن ابتعاد أمريكا عن تعزيز الديمقراطية قي مصر قلص من قدرة العديد من هذه المنظمات على أداء واجباتهم، كما أجبرت المحاكمة العديد من الجماعات على البقاء على بروز أقل، بالإضافة إلى المساهمة في تفضيل « أوباما » أن يكون له حضور قليل في مصر فظلت تصريحات إدارته صامتة في وجه الانتهاكات الجسيمة لثقة الجمهور.
وعن قادة المعارضة وهذه المنظمات قال « رضوان » أنه بالرغم من قلة الدعم الدولي إلا أنهم استمروا في الدفع بالقيم الليبرالية وحققوا بعض النجاح في تعزيز أجنداتهم، ومع تضاؤل شرعية الدولة في نظر الجمهور يقدم البحث عن بديل قابل للحياة نافذة فرصة للسياسيين الليبراليين ولكن هذه النافذة لن تظل مفتوحة لوقت طويل بل ربما يتم غلقها بالفعل مع الانقسامات الداخلية تترجم إلى رسائل مربكة إلى دائرة انتخابية مرهقة ثوريًا ودعوات محدودة ولكنها تنمو بالعودة إلى الحكم العسكري.
ويرى « رضوان » أن المخاوف الإستراتيجية والاقتصاد بدون الشرعية الديمقراطية والتقليد الليبرالي القوي المطلوب تعزيزه غير كافي لضمان الأمن أو الرخاء، فبالرغم من أن الليبراليين حافظوا على جبهة شجاعة لا يمكنهم الاستمرار على الخط بدون المساعدة المطلوبة التي وعد بها « أوباما » منذ عامين.