منذ فترة كنت أتحدث مع بعض الزملاء عن فكرة الهجوم على الفنانين بسبب مواقفهم سواء كانت سياسية أو دينية أو أخلاقية، وفكرة تصنيف الفنانين فى قوائم والحكم عليهم تبعًا لتوجُّهاتهم العامة فى الحياة، وانتهى الحوار بينا بسؤال: «ده مش بعيد لو جورج وسوف ولّا زياد الرحبانى فكّر يعمل حفلة فى مصر يمنعوه بدعوى دعمه لنظام بشار!». ومافيش أسبوعين ولقيتلك دعوات على الفيسبوك للمطالبة بمنع حفل زياد الرحبانى فى مصر لمواقفه المؤيدة للنظام السورى! ايه الهرى ده؟! طيب أنا كنت بارمى السؤال على سبيل القلش يا جدعان، تقوموا تمنعوه بجد؟! من جديد.. كيف يفكر هؤلاء عندما يقررون معاقبة فنان بحجم زياد، أو حتى بحجم مروى «أما نعيمة»، على مواقفه العامة بمنعه من تقديم فنه؟ فيمَ يفكرون وهُمّا بيفرزوا الفنانين فى جداول كلٌّ حسب مواقفه الحياتية سياسية كانت أو أخلاقية بغض النظر عن أعماله الفنية؟ ده فنان مهمّ لأن مواقفه السياسية لا غبار عليها، ودى فنانة فاضلة لأنها ملتزمة أخلاقيًّا وعمرها ما لبست حمالات، وده فنان قدير لأن عمره ما غلط فى حد من زمايله... مش ده اللى هُمَّا عايزينه؟ طيب تعالوا نتخيل معًا شكل التقييم بناء على معاييرهم التى اختاروها للحكم على الفنان.. وماله؟ لازم برضه ندِّيهم فرصتهم. معًا لتقييم الفنان بناء على أخلاقه ومواقفة فى الحياة، إحنا نجيب الفنانين ونبدأ فى فرزهم بناء على المعايير السابقة، هذا مقبول لأنه مع الثورة وداعم لها، وهذا مرفوض لأن عليه قضية شيكات بدون رصيد، وهكذا... شوفتو الحكاية سهلة وبسيطة ازاى ومش هتاخد وقت؟ ليبقى سؤال واحد سيواجهنا بعد الانتهاء من عملية الفرز الجديدة.. هو احنا هنسيبهم يقدموا فن ليه؟! إن كنّا سنقوم بتصنيفهم بعيدا عن أعمالهم الفنية فمن بابِ أولى ننصحهم بتوفير مجهوداتهم الفنية لأننا لن نأخذها فى الاعتبار فى أثناء عملية التقييم. السؤال موجَّه إلى كل المطالبين بمنع حفل زياد الرحبانى فى مصر ومن قبله عشرات الدعوات بالمنع والمنح بناءً على توجُّهات الفنان ومواقفه العامة: خلّوا عندكو الشجاعة الأدبية وطالبوا المبدعين بالتوقف عن تقديم مزيد من الأعمال الفنية سواء غناء أو تمثيلًا أو غيره، طالما كده كده هذه الأعمال مش داخلة فى التقييم، قولوا لهم اقعدوا فى بيوتكو، وتقييمكو هيجيلكو لحد عندكو، مافيهاش حاجة، مش عيب، بدلًا من أن يهدروا وقتهم وطاقتهم ومجهودهم فى أعمال فنية مالهاش 30 لازمة من وجهة نظركم!