الجميع فى مصر -من المهتمين بالشؤون السياسية والهمّ العامّ- لا يعرفون ولا يعلمون شيئا عن اسم الدكتورة باكينام الشرقاوى إلا بعد أن أصدر الرئيس مرسى قرارا بتعيينها مساعدة لرئيس الجمهورية للشؤون السياسية وبدأ الجميع يتساءل: مَن باكينام الشرقاوى؟ وبدأت المعلومات تقول إنها أستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إذن فما تاريخها السياسى الذى جعل الرئيس يضعها فى هذا المنصب الهامّ؟ إلى الآن لا أحد يعلم، بالطبع لم يرَها أحد فى مظاهرة ضد النظام السابق، لم يقرأ لها أحد فى أى صحيفة مقالا تُبدِى فيه آراءها السياسية وبخاصة آراءها فى النظام السابق، لم نرَها على شاشات الفضائيات تتحدث بآراء سياسية اختلفنا معها أو اتفقنا، بالعربى وليس بالإنجليزى تلك السيدة التى منحها السيد الرئيس منصبا هامًّا هو مساعدة لرئيس الجمهورية للشؤون السياسية ما هى إلا أستاذة جامعية أكاديمية غير مشهورة حتى داخل مجتمع السياسة والاقتصاد، هذه السيدة بعد كل المشكلات التى تم اقترافها فى حق المصريين من قِبل الرئاسة منذ أن تولاها الرئيس مرسى تدافع عنها دفاعا كبيرا، وحتى عندما أحس مستشارو الرئيس ومساعدوه بحجم الورطة التى ورطهم فيها الرئيس مرسى بقراراته غير الصائبة آثر كثير منهم أن يذهب بعيدا ويترك المنصب، إلا باكينام الشرقاوى، فقد ظلت تتمسك بالمنصب تمسكا رهيبا وتدافع عن أخطاء محمد مرسى دفاعا شديدا وتقسم أنه بأفعاله يضع مصر على خريطة العالم الجديد وتؤكد أن الثورة المضادة فى مصر تتم لأنها أحست أن النظام الديمقراطى بدأت تظهر ملامحه على يد الرئيس مرسى! ونحن فى حيرة من ذلك، أى نظام ديمقراطى تتحدث عنه السيدة باكينام؟ هل النظام الديمقراطى الذى أخرج لنا الإعلانات الدستورية الفاشية التى تفرض ديكتاتورية رهيبة على المصريين؟ عن أى ديمقراطية تتحدث السيدة المساعدة؟ وعن أى ديمقراطية تدافع السيدة باكينام؟ عن نزول الإخوان إلى «الاتحادية» وهجومهم على الثوار تحت زعم أن الثوار كان معهم بلطجية؟ وبأى وجه سياسى تؤكد الدكتورة باكينام أن إدانة المعارضة لأعمال العنف كانت غير مرضية؟ وما معنى أن تجتمع جبهة الإنقاذ بعد سويعات قليلة لترفض العنف فى بيان رسمى وتطالب بالتحقيق الفورى؟ ما غير المرضى فى ذلك؟ بالطبع غير المرضى الذى تتحدث عنه الدكتورة باكينام هو أن جبهة الإنقاذ طالبت بالتحقيق فى تعذيب الثوار داخل قصر الاتحادية تحت إشراف مسؤولين كبار داخل القصر، هذا الكلام لم يعجب طبعا باكينام، فلذلك هى غير راضية. تتحدث الدكتورة باكينام عن المؤامرات، ومع ذلك تؤكد أنها لا تمتلك معلومات عن ذلك، عندما يسألونها عن تقنين وضح جماعة الإخوان المسلمين تقول نفس كلام الإخوان ولا تخرج عنه قيد أنمله، تؤكد أن الجماعة تنتظر قانون الجمعيات الجديد لتبدأ فى تقنين لوضعها، وتتحدث بكل غرابة شديدة عن أن جميع الجمعيات والجماعات تنتظر قانون الجمعيات الجديد. تتحدث مساعدة رئيس الجمهورية عن الحوار الوطنى وتؤكد أنه سيتواصل فى الأيام المقبلة وتفتخر بأنها تعمل بكل طاقتها لإقناع جميع الأطراف الغائبة عن الحوار بجدوى الانضمام، تكثر الحديث عن الحوار وآلياته وفرصته التاريخية التى لا يمكن لأى وطنى أن يبعد عنها، ولا تتذكر ولا تقول كيف خدعت الرئاسة المعارضة بعد حوارات مع رموزها وخرجت على الناس بقرارات فاجعة أقلها الإعلانات الدستورية، وهنا لا بد أن نسأل الدكتورة باكينام: مَن الذى خان؟ ومَن الذى وجب عليه الآن أن يشكّ فى أى صوت خارج من الرئاسة؟ وبأى وجه وبأى لون تجلس القوى الوطنية مرة أخرى معكم فى الرئاسة وأنتم تخدعون المجتمع بوعود لا توفون بها؟ تتحدث الأستاذة باكينام عن أن المبادرات التى تخرج لحل الأزمة السياسية فى مصر يستجيب لها الرئيس مرسى، ونحن نسألها «بذمتك»، كيف استجاب مرسى لأى مبادرة؟ هل استجاب لمبادرة حزب النور بتغيير الوزارة وتغيير النائب العام؟ و«بذمتك» قولى لنا طلبًا واحدًا طالبت به القوى الوطنية الرئيس مرسى وتم الاستجابة له؟ بل بالعكس، الرئيس مرسى يعاند ويرفض كل الطلبات المقدمة إليه من القوى الوطنية. أما حكاية خطط مؤسسة الرئاسة لتشجيع الحوارات المجتمعية حول منظومة التشريعات التى تنتظرها مصر فكله كلام فى الهوا ومحاولة لتهدئة الجميع استعدادا للمشروعات التى بدأت رائحتها فى الظهور مثل مشروعات الجمعيات الأهلية والإعلام والتظاهر التى تُظهِر بلا أدنى شك أن تكميم الأفواه قادم فى مصر بصورة كبيرة! ثم تخرج علينا الأستاذة باكينام لتؤكد لنا أن مسألة التحرش بالمرأة المصرية فى ميدان التحرير ترجع إلى أن القوى المعتصمة داخل الميدان أقصت القوى الأخرى (وتقصد هنا الإخوان) عن الميدان وجعلته حكرا لها، لذلك أصبح الميدان مسرحا للبلطجية، انظروا إلى هذا التسطيح الفكرى فى شرح المشكلة. وعندما تُسأل لماذا لا يشعر المصريون بثمار ثورتهم تقول نفس كلام ومنطق الإخوان المسلمين وتؤكد أنه بعد الانتخابات القادمة لمجلس النواب سينفتح باب الاستقرار وتبدأ عجلة الاقتصاد فى الدوران، نفس المنطق الذى قدموه عندما كان الاستفتاء السابق على الدستور بين يدَى الناس.. قولوا نعم وسيأتى الاستقرار، ونحن نتساءل: هل جاء الاستقرار؟ والآن يوهموننا أنه سيأتى بعد الانتخابات القادمة! وأنا هنا لا بد أن أتساءل: لماذا هذا الإصرار الكبير على إجراء الانتخابات وسط هذه الظروف الراهنة التى يمر بها المجتمع المصرى من التفكك والانقسام والعنف والبلطجة؟ هل يتخيل الإخوان المسلمون فعلا أنهم سيكتسحون الانتخابات القادمة؟ أليسوا هم من يدَّعون أنهم قريبون من الشارع ويعرفون ما يدور فيه؟ هل الناس فى الشارع الآن مع الإخوان بالصورة التى تجعل الإخوان والدكتورة باكينام يطالبون بالانتخابات على أمل الانتصار الكاسح فيها؟ نحن نرى غير ذلك، إلا لو كان الإخوان بحكومتهم الحالية يدبرون لتزوير الانتخابات القادمة. إن مطالبة الدكتورة باكينام مساعدة رئيس الجمهورية للشؤون السياسية بالهدنة فى الأنفاس التى تزعم أن المجتمع المصرى يحتاج إليها، هذه المطالبة ما هى إلا مطالبة لزيادة فترة التمكين للإخوان المسلمين للاستيلاء على مفاصل الدولة، إن التاريخ سيتذكر نساء كثيرات فى مصر كُنَّ رائدات مناضلات قدمن للشعب المصرى صورًا من النضال المصرى المحترم، وأظن أن التاريخ المصرى المناضل من الصعب أن يتذكر الدكتورة باكينام الشرقاوى، جاءت وسوف تذهب ولن يتذكرها أحد إلا بأنها كانت تدعو لنظام يريد للشعب أن يركع له.