منذ إعلان فوزه بالمنصب، حرص الدكتور مرسى على تفكيك بنية القضاء المصرى وإعادة تركيبها على نحو يخضعها له وللجماعة، فقد بدأ بمناورة رفض حلف اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، حاول بكل طاقة تجنب حلف اليمين أمام المحكمة، وعندما اضطر إلى ذلك حاول الضغط لعدم نطق القسم على الهواء والاكتفاء بتسجيله، وتعمد الإدلاء بالقسم أكثر من مرة أمام أكثر من جهة حتى لا يكون القسم أمام الحكمة الدستورية هو الأساس. أسرَّ لنائبه المستشار محمود مكى بأنه اضطر إلى الصوم ثلاثة أيام كفارة عن حنثه باليمين الذى أقسمه أمام المحكمة الدستورية على أساس أنه قرر من اللحظة الأولى عدم تنفيذ ما أقسم عليه، وقام نائب الرئيس بكتابة ذلك على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «Facebook». بدأ معركته مع القضاء المصرى مبكرا، فكانت خطة الجماعة لتشويه القضاء، وهى خطة جرى تنفيذها بداية عبر شن حملة إعلامية على المحكمة الدستورية العليا، لا سيما بعد أن أصدرت المحكمة حكمها بعدم دستورية بعض قوانين مواد قانون الانتخابات الذى جرت بناء عليه انتخابات مجلسى الشعب والشورى، ومن ثم قررت المحكمة بطلان مجلس الشعب بالكامل، ومرة ثانية تدخلت المحكمة وأبطلت الجمعية التأسيسية الأولى التى شكلتها الجماعة مع التيار السلفى وكانت المحكمة فى طريقها إلى حل مجلس الشورى، إذ يسرى عليه ما سرى على مجلس الشعب، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجمعية التأسيسية الثانية. بدا واضحا لمرسى والجماعة أن المحكمة الدستورية العليا والقضاء المصرى عامة يقف فى وجه تنفيذ مخطط الجماعة للسيطرة على مصر، فقضاء مصر الشامخ علامة من علامات الوطن ومؤسسة من المؤسسات التى تمثل الوطن، لا فصيل سياسى. استقر لدى الجماعة أن المحكمة الدستورية العليا عقبة كؤود فى طريق تنفيذ مخطط الجماعة للهيمنة على البلاد وأخونتها، عقبة فى وجه الجماعة كى لا تفعل ما تريد بالمخالفة للدستور والقانون. من هنا وضعت الجماعة مخططها وطلبت من مرسى تنفيذه وكانت البداية إقالة النائب العام عبد المجيد محمود بداعى أنه من الزمن القديم ومن رجال مبارك، والحقيقة أنه مهما كانت الاتهامات والمآخذ فقد كان قرار إقالة النائب العام خطوة على طريق تنفيذ مخطط الجماعة لضرب القضاء المصرى، ولذلك ثار نادى القضاة واحتج أعضاء النيابة وجرى تعليق العمل فى عديد من المحاكم، وكانت التسوية بكتابة النائب العام جديد (الخاص بالجماعة) استقالته، وهى الاستقالة التى تراجع عنها بعد انتهاء الأزمة. جاءت خطوة الجماعة الأكبر فى ضرب القضاء المصرى عبر مواد الدستور الجديد التى تم تفصيلها على مقاس رغبات الجماعة وطلباتها، سواء بالنزول بعدد أعضاء المحكمة إلى ما يسمح باستبعاد تهانى الجبالى ومعها عدد من غير المرغوب فيهم إخوانيا، أو بتدخل الرئيس فى تعيين أعضاء الحكمة وقصر ولاية الأخيرة فى مراجعة دستورية القوانين الخاصة بالانتخابات قبل صدورها، لا بعد الصدور، مع أن مراقبة دستورية القوانين تأتى من خلال مراقبة التطبيق والتنفيذ بالأساس. وطوال الوقت لم تتوقف حملات الجماعة على القضاء المصرى، وكأن هناك ثأرا مع القضاء وبدأت عملية اختراق القضاء المصرى بتعيين رجال الجماعة فى مفاصل مؤسسة القضاء. وقد أدى كل ذلك إلى ضرب هيبة القضاء المصرى على النحو الذى أدى إلى جرأة شديدة من المواطن العادى فى مواجهة القضاء المصرى، وفى تقديرى أن ردود الأفعال الغاضبة الحارقة التى ترتبت على حكم محكمة الإسماعيلية فى قضية مجزرة بورسعيد والاحتجاجات واسعة النطاق التى كانت ترفض قرار المحكمة بإحالة أوراق 21 متهما إلى فضيلة المفتى لأخذ الرأى فى تنفيذ عقوبة الإعدام فيهم، والتى أسفرت عن مقتل أكثر من 40 مواطنا بورسعيديا هى نتيجة منطقية لحملة الجماعة على القضاء المصرى واتهامه بالانحياز والتلون السياسى، فما حدث فى بورسعيد ومدن القناة من احتجاجات على منطوق قرار المحكمة فى مجزرة بورسعيد هو محصلة منطقية لحملات الجماعة التى شوهت القضاء المصرى وأهانته واعتدت عليه وجردته من هيبة ووقار، كان يتمتع بهما فى عيون المصريين.