أدان البيت الأبيض بشدة تصريحات معادية لليهود قالها محمد مرسى رئيس مصر، وقال جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض «نحن نعتقد أن الرئيس مرسى يجب أن يوضح أنه يحترم البشر من كل العقائد وأن هذا النوع من لغة الخطاب غير مقبول فى مصر الديمقراطية». التصريحات أو التعليقات التى تتحدث عن اليهود والصهاينة «مصاصو الدماء» و«مشعلو الحروب» و«أحفاد القردة والخنازير»، قالها محمد مرسى فى عام 2010 كقيادى إخوانى. وجاءت صحيفة «النيويورك تايمز» صباح الثلاثاء 15 يناير لتفجر القضية وتسلط الأضواء على ما قاله مرسى ليصبح «حديث واشنطن»، والأمر المثار من خلال أسئلة الصحفيين سواء فى البيت الأبيض أو فى الخارجية الأمريكية. الرد الرسمى الأمريكى كعادته جاء موحدا، ما قاله كارنى فى البيت الأبيض من مواقف ومطالب كان متطابقا مع ما قالته فيكتوريا نولاند فى الخارجية، ورد الفعل الأمريكى كان يندِّد بما قيل ويستنكر لغة الخطاب المليئة بالكراهية ويطالب الرئيس مرسى بتوضيح وجهة نظره وموقفه، وأيضا ليؤكد فى النهاية أن الأمر يخص الأفعال وأن الرئيس مرسى ملتزم بعملية السلام، إذ قالت نولاند: «ما يمكن أن أقوله أنه منذ أن أصبح رئيسا فإن الرئيس مرسى أكد مرارا وتكرارا التزام مصر باتفاقية السلام والعمل بها قولا وفعلا، وأنه كان راغبا أن يعمل معنا ومع إسرائيل حول أهداف مشتركة، ومنها الهدنة فى غزة، وكان ملتزما بالعلاقة الثنائية، وهذا هو الأساس الذى عليه نستمر فى العمل معا فى التحرك قدما». كانت المتحدثة باسم الخارجية قالت عندما طرح الأمر عليها: «نحن بكل وضوح نُدِين بشدة الملاحظات التى نُسِبَت إلى مرسى القيادى بالإخوان المسلمين آنذاك فى عام 2010. إن اللغة التى رأيناها كريهة للغاية، ونحن نرفض على الإطلاق تلك الكلمات مثلما نرفض أى لغة خطاب تتبنى كراهية دينية. هذا النوع من الخطاب قد تم استخدامه فى هذه المنطقة إلى أمد طويل، وهذا معاكس لأهداف السلام. ونحن نريد أن نرى الرئيس مرسى يجعله واضحا على تماما لشعبه وللمجتمع الدولى بأنه يحترم البشر من كل العقائد وأن هذا الشكل من لغة الخطاب غير مقبول أو مفيد فى مصر الديمقراطية من جانب رئيسها، ومن ثَم نحن بوضوح نرفع قلقنا إلى الحكومة المصرية». ويجب الإيضاح هنا أن أهل واشنطن باستخدامهم تعبير «الحكومة المصرية» يقصدون الإدارة المصرية أو النظام المصرى أو الرئاسة المصرية. وأمس الأربعاء، وصفت «النيويورك تايمز» فى افتتاحية لها أقوال أو تعليقات الرئيس مرسى بأنها «منفرة» وأن الرئاسة المصرية لم تعلق بعدُ رسميا على القضية المثارة، وطالبت الصحيفة بأن يقوم الرئيس أوباما بالحديث مع الرئيس مرسى فى هذا الأمر مباشرة. كانت صحيفة «النيويورك تايمز» يوم الثلاثاء (15 يناير) وعلى صدر صفحتها الأولى وفى تقرير لمراسلها فى القاهرة ديفيد كيركباتريك أثارت ما قاله محمد مرسى فى عام 2010 خلال حملته الانتخابية وما ذكره عن «اليهود» و«الصهاينة» و«أحفاد القردة والخنازير». وقد أشار المراسل فى تقريره إلى أنه حاول الحصول على رد فعل من الرئاسة لمدة ثلاثة أيام، إلا أنه لم يجد المجيب. والتقرير الصحفى يصاحبه تسجيلا فيديو لما قاله مرسى وترجمة إنجليزية لنص ما يقوله فى أسفل الصورة. المراسل الأمريكى فى حوار له مسجَّل بالفيديو نُشر فى موقع الصحيفة لم يتوقع أى ردّ فعل قاسٍ أو سريع من جانب الإدارة الأمريكة التى تميل، حسب وصفه، إلى البراجماتية والتعامل مع مرسى الحالى لا بما يحمله فى طيات قلبه أو ما قاله فى الماضى لأنصاره ومؤيديه، فالأهم هو ما يفعله محمد مرسى كرئيس لمصر الآن. ولم يكن بالأمر الغريب وسط الضجة المثارة عن تعليقات وأقوال مرسى أن يتساءل بعض المراقبين عن إمكانية -أو استحالة- إتمام زيارة مقبلة لمرسى إلى واشنطن ولقاء مرتقب مع الرئيس أوباما قبل نهاية شهر مارس، كما قال مرسى فى حواره مع «سى إن إن»: هل سيكون فى الإمكان إزالة التوتر وتحسين الأجواء الملبدة فى الوقت الحالى؟ كما أن الزيارة إياها إن تمت فى ضوء المعطيات الحالية بالتأكيد لن يكون ذلك سهلا أو أهلا. وتُرى من سيسعى من قيادات أمريكية لمقابلته والتقاط الصور معه؟ ومن ثَم تحمُّل تبعات مرسى و«معاداته لليهود»؟ وأيضا.. إن الزيارة إذا تم إرجاؤها مرة أخرى أو إلغاؤها فلن تسنح للإعلام المصرى الرسمى الفرصة ليقول كعادته «واشنطن تتطلع إلى لقاء الرئيس» أو إن «البيت الأبيض فى انتظاره». وعندما سُئل كارنى هل يعتقد البيت الأبيض أن الإسرائيليين يستطيعون أن يثقوا بمرسى فى أن يلتزم بما تعهد، آخذين فى الاعتبار هذه التعليقات الأخيرة، قال: «نحن عملنا مع الرئيس مرسى نحو أهداف مشتركة لأنه الرئيس المنتخب لمصر، وقد أظهر قولا وفعلا التزامه بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وهذا أمر هامّ. وهو -كما هو واضح- عمل معنا لتحقيق هدنة فى أزمة غزة العام الماضى.. إن الأمر يخص الأفعال». وبما أن نولاند قالت «ما زلنا نعتقد أنه (مرسى) فى حاجة إلى أن يوضح آراءه»، فقد سأل أحد الصحفيين: هل يجب أن يتوقع المصريون بعض التدهور فى العلاقات إذا لم يتم رفض هذه التعليقات (من جانب مرسى)؟ فقالت نولاند: «أعتقد أن أملنا هو أن نجعل آراءنا واضحة وأن نرى أفعالا مما دعوت إليها من هنا ومن ثم لا يكون علينا الدخول فى كل السيناريوهات المرتقبة». من جهة أخرى، صحيفة «النيويورك تايمز» بعد أن أثارت القضية ووجدت رد فعل رسميًّا من البيت الأبيض والخارجية حرصت على أن تنشر افتتاحية صباح أمس الأربعاء، عنوانها «تعليقات الرئيس مرسى المنفِّرة». وقالت الافتتاحية: «عندما أصبح محمد مرسى رئيسا لمصر فى شهر يونيو فإنه صعد وهو غير معروف ولم يتم اختباره، من الإخوان المسلمين لقائد أهم دولة عربية. ولقد أخذ بعض الخطوات الخاطئة واتخذ بعض القرارات المقلقة بالفعل، إلا أنه كان لا يزال هناك سبب للأمل بأنه (أى مرسى) قد يكبر فى أدائه ويصبح القائد الذى يستطيع أن يفيد مصر والمنطقة»، وبعد هذا الاستهلال تعرضت الافتتاحية بالتفصيل والتنديد لما قاله مرسى منذ ثلاث سنوات عن الصهاينة واليهود لتقول إنها « أثارت شكوكا جادة عما إذا كان هو (مرسى) يمكن أن يكون فى أى وقت قوة للاعتدال والاستقرار فى المنطقة»، مضيفة «هذا الشكل من التعصب هو أمر غير مقبول فى أى مكان وفى أى زمان. إلا أنه أيضا كريه أكثر فى الخطاب العام عندما يأتى من شخص أصبح رئيسا لدولة كبرى»، وبعد أن تشير الافتتاحية إلى رد فعل إدارة أوباما تذكر أن هذه المشكلة أعمق من السيد مرسى ذاته سواء فى مصر والمنطقة فى ما يخص مشاعر العداء لإسرائيل. ثم تتساءل «النيويورك تايمز»: «هل يعتقد السيد مرسى بالفعل بما قاله فى 2010؟ وهل كونه أصبح رئيسا جعله يفكر بطريقة مختلفة عن الحاجة لكى يحترم كل البشر ويعمل معهم؟ حتى الآن لم يصدر رد فعل رسمى (من مصر). لقد طالب البيت الأبيض السيد مرسى أن يوضح أنه يحترم أفراد كل العقائد، وقال إن التعليقات المسجلة بالفيديو تتناقض مع هدف السلام. ويجب أن يقوم الرئيس أوباما أيضا بإبلاغ تلك الرسالة للرئيس مرسى مباشرة».