تفصح أعمال وزير المالية الجديد، مرسى السيد حجازى، الأكاديمية، باعتباره أستاذا للاقتصاد العام ورئيس قسم المالية العامة فى جامعة الإسكندرية، قبل توليه منصبه الوزارى الجديد، عن توجهاته وتصوراته ورؤاه للتعامل مع الوضع المالى والاقتصادى الحالى، ولا بد من أنها تقود إلى تعرُّف بعض أفكاره التى من الممكن أن يسعى إلى تطبيقها من خلال منصبه الجديد. من أبرز الدراسات التى يمكن أن تفيد فى هذا الصدد دراسة له بعنوان «الزكاة والتنمية فى البيئة الإسلامية»، وهى دراسة تلتقى للغاية مع توجهات حزبى الحرية والعدالة الإخوانى والنور السلفى فى الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، بإقرار «الزكاة» ضمن مواد الدستور تمهيدا لتحصيلها من قِبل الدولة، على نحو أعاد إلى الأذهان تجارب دول أخرى فى هذا المضمار، مثل المملكة العربية السعودية واليمن وليبيا. الدراسة التى تعرض «التحرير» لبعض أفكارها الأساسية، نُشرت فى مجلة جامعة الملك عبد العزيز فى السعودية فى العام 2004، وتضمنت الإشارة إلى تجربة دولة متأخرة للغاية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى ومؤشرات التنمية المتخلفة، وهى دولة السودان التى يتوقع صندوق النقد الدولى أن لا تتجاوز معدلات النمو فى ناتجها المحلى 1.5 فى المئة هذا العام. تَضمَّن ملحق «2» فى الدراسة «أمثلة لمشروعات إنتاجية لديوان الزكاة فى السودان»، وهى أمثلة تشمل: «توطين العرب الرُّحَّل بمشروعات زراعية فى محافظة الدامر لعدد خمسة آلاف مزارع - ترعة الإنقاذ لرى سبعين ألف فدان، ومشروع الأمن الغذائى - مجمع مصانع الملابس الجاهزة بعطبرة، ومشروع ترعة مكلى لرى ستة آلاف فدان - مشروع مياه ومشروع تشجير همشكوريب بالنخيل لزراعة ثلاثة آلاف نخلة - تمليك 15 ألف رأس من الأغنام بمنطقة الضعين». اللافت فى الدراسة أنها تضمنت فى الجانب الأكبر منها قيما أخلاقية ودينية بعيدا عن علم الاقتصاد نفسه، من قبيل تعريف حجازى ما أسماه «النموذج الإسلامى فى التنمية» بأنه نموذج «يجعل قضية الحلال والحرام من القضايا البالغة الأهمية فى جوانب التنمية الاقتصاديه والاجتماعية كافة، لذا يمكن القول بحق إن محور التنمية فى النموذج الإسلامى يبدأ بتقوى الله»، أو حين تحدث عن أهمية الزكاة فى المجتمع فيقول «إن الايمان هو الذى يهيئ الأفراد لتقبل المبادئ الخيرة مهما يكن ما وراءها من تكاليف وواجبات وتضحيات ومشقات، وهو العنصر الوحيد الذى يغير النفوس ويدفعها إلى الإسهام فى حياة أفضل بوازع من ولائها لعقيدتها وبمقدار قوة أو ضعف الإيمان تكون قوة المشاركة فى أوجه البناء». يشار إلى أن الدراسة لم توضح الفارق بين «تطبيق الزكاة» و«تطبيق الضرائب»، بما تحمله من مردود إنمائى بإعادة توجيه حصيلتها إلى توفير فرص العمل عبر الاستثمار العام، بخلاف الخدمات العامة. ففى سياق الحديث مثلا عن إسهام الزكاة فى حل مشكلات البطالة بأنواعها المختلفة المقنعة والهيكلية، يقول حجازى «إن الزكاة تزيد من الحافز على الاستثمارات الجديدة، إضافة إلى الحفاظ على الاستثمارات الحالية»، وأنها «تسهم فى علاج مشكلة البطالة المقنَّعة الهيكلية والتى تتسبب فى وجود عوائق خطيرة أمام قوة العمل فى الانتقال بين الوظائف وبين الصناعات والمهارات المختلفة من خلال رفع مستوى إنتاجية العامة عن طريق توفير متطلبات الغذاء والكساء والعلاج والمسكن لأفراد قوة العمل، وجواز الإنفاق على طلاب العلم النافع من حصيلة الزكاة، إذا تعذر الجمع بين طلب العلم والعمل للكسب، وتوفير التدريب والتعليم وإعادة التأهيل لأفراد قوة العمل، مما يزيد من قدرتهم على الانتقال بين فروع الإنتاج المختلفة».