تهنئة المسيحيين والأديان الأخرى بأعيادهم واجب على المسلمين.. استمرارا لمسيرة تصحيح التفسيرات والرؤى الخاطئة لنصوص القرآن الكريم ومقاصد الشريعة، لعدم وجود رؤية شاملة لمجمل الكتاب عند البعض، أو لفهم قاصر أو نابع عن رأى شخصى لمزاج أو هوى من مشايخنا القدامى، وكذا لمواجهة من يتاجر بالدين عن جهل أو لطبيعة الشر والعنف الموجودة بداخله. ولكل من يفتى عن جهل ورؤية تنم عن قلب أسود، نحن نجتهد فى تقديم الرأى والفتوى، وردا على الفتوى الصادرة من أحد رجال الدين وهو غير مؤهل للفتوى بعدم تهنئة أو مشاركة المسيحيين أعيادهم نقول فى معرض ردنا: إن تهنئة المسيحيين وغير المسلمين بأعيادهم هى واجب على كل مسلم، لأن الله لم ينهنا عن ذلك، بل على العكس طلب منا أن نقول لكل الناس الكلام الحسن، كقوله تعالى فى سورة «البقرة» آية 83 (وقولوا للناس حُسنًا). كما أنه أمرنا أن نرد التحية بأحسن منها فى قوله تعالى فى سورة «النساء» آية 86 (إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها). وإخواننا المسيحيين يعايدوننا، وسباقون فى التحية والمحبة، فكان واجبا علينا ولزاما شرعيا رد التحية بأحسن منها أو مثلها على الأقل. أيضا قد أمرنا الله أن نعامل الناس بالعدل والإحسان فى قوله تعالى من سورة «النحل» الآية 90 (إن الله يأمر بالعدل والإحسان). كما أن الله قد أمرنا أن نعامل غير المسلمين بالبر والعدل طالما لم يقاتلونا فى قوله تعالى فى سورة «الممتحنة» الآية 8 (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). وقوله تقسطوا إليهم، أى أن تعدلوا إليهم ومعهم وتحسنوا معاملتهم بالعدل، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينهَ عن معايدة غير المسلمين والتعامل معهم وتبادل الهدايا، حيث ورد عن على بن أبى طالب رضى الله عنه، أنه قال (أهدى كِسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبِل منه الرسول، وأهدى له قيصرُ فقبِل، وأهدت له الملوك فقبِل منها) وهم غير مسلمين.. كما أن الإسلام لم يمنع زواج المسلم أو المسلمة من أهل الكتاب فكيف لزوج مسلم لا يقول لزوجته المسيحية كل عام وأنتم بخير على سبيل التهنئة بالعيد، لذا نحن نفتى بأن التهنئة لإخواننا المسيحيين وغير المسلمين هى واجبة على كل مسلم، وعلى من يفتى بجهل ودون علم وليست له صلاحيات الفتوى أن يتوقف عن الإساءة لنفسه ولصورة الإسلام.. والله من وراء القصد والابتغاء والله المستعان. الشيخ د.مصطفى راشد أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو نقابة المحامين المصرية واتحاد الكتاب الإفريقى الآسيوى ورئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان