لحظة صعبة عاشها الصوفيون فى جمعة «لم الشمل»، التى حولتها القوى السلفية المتناثرة إلى «جمعة الآلام»، بعد رفعها شعارات كان من بينها تكفير الصوفيين، الذين انسحبوا من الميدان، فيما الغضب والتحدى والتساؤل عن المستقبل يشغل أذهانهم.. خوف صوفى من حدة السلف، وشعاراتهم التكفيرية التى تضرب فيما تضرب وحدة وطن، يسعى إلى لملمة أطرافه، والتوحد طمعا فى بناء مستقبل مزدهر. هل يترحم الصوفيون على مبارك وأيامه؟ حينما كان حضورهم فى الشارع طاغيا، رغم التدخل الأمنى فى اختيار زعاماتهم، بينما كان السلفيون مختبئين فى المساجد، بفضل قمع أمن الدولة الممنهج لأنشطتهم قبل عقود. غضب الصوفيين تصاعد فى المليونية الأخيرة، لأنهم شعروا بالغبن البين، كونهم شاركوا فى الثورة منذ لحظتها الأولى، لكنهم لم يظهروا على سطح الأحداث لقلة خبرتهم السياسية، وفى حين كان السلفيون ينسقون مع الأمن، خوفا وطمعا، وكان للسلفيين مواقف ضد ديكتاتورية مبارك، فمن ينسى جبهة الإصلاح الصوفى التى كونها مشايخ رفضوا تعيين الشيخ عبد الهادى القصبى شيخا عليهم، بأمر مبارك، لأنه عضو لجنة سياسات الحزب الوطنى المنحل، فيما كانت تسير السنة الصوفية بتعيين الأكبر سنا، وكان هو الصراع الذى شهدته، ولا تزال، أروقة المحاكم. كل ذلك علم الصوفيين شيئا.. وبعد الثورة وزوال دهشة خروج السلفيين إلى الشارع، ونحو بعض الأضرحة لهدمها، قرر البيت الصوفى التمرد على الدعوة، والولوج إلى عوالم السياسة، ودهاليزها المهلكة، ليس حبا فيها لكن لمقاومة هذا المد التكفيرى الذى أطل برأسه فجأة، ليذهب بمصر بعيدا عما قدره لها التاريخ، الذى احترم، دوما، تعددية البلد الدينية، والثقافية، والإنسانية، دون إفراط أو تفريط. أسس الصوفيون أحزابا سياسية، أبرزها حزب التحرير المصرى، الذى خرج من عباءة الطريقة العزمية، لمواجهة سيل الأحزاب السلفية، لكن هل تكفى الأحزاب الصوفية فى معركة المصير المحتوم؟ أم ينضوى الصوفيون الخائفون تحت لواء الإخوان المسلمين، الذين باتوا اليوم فى أقصى يسار المشهد السياسى الإسلامى؟ هل يسيرون مع الليبراليين فى سعيهم الحثيث لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل استحقاق الانتخابات المقبلة؟ أم هل يعودون يا ترى إلى محرابهم والاكتفاء برفع الأكف إلى الله، طلبا للحفاظة، وفناء فى حضرة المحبوب، الذى من أجله تهون الخطوب؟ يبدو المشهد الصوفى فى انتظار قرار. المشكلة ليست فى أعداد السلفيين والإخوان، بحسب مدير مركز الدراسات السياسية فى وكالة أنباء الشرق الأوسط، عمار على حسن، لأن الطرق الصوفية يتجاوز عددها ال80 طريقة، وأتباعهم بالملايين، غير أن المشكلة أن الصوفية لا تمتلك شبكة علاقات اجتماعية كبرى قادرة على تجميع أتباعها، مضيفا أن مشكلة المتصوفة أن السلطة السياسية عزلتهم عن العمل العام لعقود طويلة، مما جعل جل اهتمامهم بالطقوس والأذكار والعبادات دون غيرها، بالتالى فخبرتهم السياسية ضعيفة بالمقارنة بجماعة الإخوان المسلمين.