رسالة كازان (روسيا) ما الذى غيّب مصر هكذا عن المشاركة فى مهرجان مهم مثل مهرجان كازان الدولى للسينما الإسلامية فى دورته السابعة، وهى التى شاركت العام الماضى بفيلم «واحد صفر»، بحضور بطلته إلهام شاهين فى مسابقة الأفلام الطويلة، وبفيلم «أحمر باهت» إخراج محمد حماد، الذى حصل على جائزة أحسن فيلم روائى قصير؟ لكن رغم الحضور المصرى الباهت هذا العام، فإن المهرجان ما زال مصرا على تكريم مصر، حتى إنه افتتح عروض الأفلام القصيرة، صباح أمس، بعرض الفيلم المصرى القصير والوحيد المشارك فى المسابقة الرسمية «حواس»، وقد تفاعل الجمهور التترى الحريص على حضور العروض مع الفيلم بشكل رائع. الفيلم يحكى عن ممرضة تعانى من الكبت وتعيش تفاصيل حياة خاصة مع مريض بالغيبوبة، بعده عرض الفيلم البحرينى «قوة الأجيال» إخراج محمد جاسم.. مدة الفيلم دقيقتان، لكنه ملىء بالتفاصيل المدهشة.. الفيلم عبارة عن مشهد واحد لرجل جالس على أريكة فى الصحراء، وتتبدل الخلفيات من حوله فى لقطات متتابعة لتطور البشرية العمرانى، وانهيار هذا العمران وبنائه ثانية، إلى أن ينتهى الفيلم بخلفية الصحراء مرة أخرى، فى رسالة تدين الحروب التى ستعيدنا إلى بدايتنا مرة أخرى، مزج المخرج فى الفيلم ببراعة وبساطة بين التصوير السينمائى والجرافيك، فجاء الفيلم مختلفا. أما الفيلم الإماراتى القصير «عتمة» إخراج أحمد زين، فقد قدم رسالة مفادها «شكرا لساعى البريد»، فالفيلم كان رحلة حنين إلى الماضى، بتقديمه لشخصية ساعى البريد الذى كان أحد أهم سبل التواصل الاجتماعى بين الناس فى الماضى قبل ظهور الشبكات الإلكترونية، وبذكاء شديد جسد المخرج معاناة هذا الساعى فى إيصال الرسائل بعد أن فقد بصره.. مشاهدة الفيلم تثبت للجميع أن بين العرب من يقدم السينما بصورة مذهلة، وأننا يجب أن ننتبه ونشاهد إبداع أشقائنا، فبعده قررت دون تفكير مشاهدة الفيلم الإماراتى «ثوب الشمس» المشارك فى مسابقة الأفلام الطويلة للمخرج سعيد سالمين المرى، وهو مؤلف الفيلم أيضا، الفيلم يحكى بلغة سينمائية شديدة الحساسية عن معاناة فتاة معاقة «صماء وبكماء» فى مجتمع ضيق، وكيف أن هذه المعاناة تنتقل إلى النساء المعاقات فى كل مكان وزمان. نعود للسؤال الأهم: ما الذى غيّب مصر هكذا عن مهرجان كازان؟ المفاجأة المرعبة أن إدارة المهرجان طلبت بالفعل مشاركة مصر فى المهرجان، والمفاجأة الأقسى أن المركز القومى للسينما أرسل، أول من أمس، وبعد افتتاح المهرجان رسميا، أربعة أفلام مصرية للمشاركة فى المهرجان.. فما هى الأفلام الأربعة التى وصلت إلى السفارة المصرية فى موسكو لتكون واجهة مصر فى مهرجان دولى تشارك فيه إيران وتركيا بسبعة أفلام لكل منهما، وأرسلت إيران وحدها 26 فيلما قُبل منها 7 أفلام، وتشارك فيه الإمارات بفيلمين، والبحرين بفيلم واحد؟ أبلغ مبعوث الممثلية لحكومة تتارستان بموسكو إدارة مهرجان كازان بأن السفارة المصرية فى موسكو لديها أربعة أفلام طويلة تنتظر المشاركة فى مهرجان كازان، واستجابت إدارة المهرجان رغم تأخر إرسال الأفلام لتفاجأ بأن الأفلام الأربعة قديمة جدا، ثم إنها مبعوثة بنسخ 35 ميلليمترا، والمهرجان يعرض الأفلام بنسخ «DVD».. الأمر إذن يحتاج إلى عمليات تحويل شاقة وطويلة، رغم أن المهرجان قد أكد فى رسائله نوع نسخ الأفلام المطلوبة، وبالطبع رفض المهرجان الأفلام الأربعة. المهم أن المركز القومى للسينما أرسل للمهرجان أفلام «دم الغزال»، و«آسف على الإزعاج»، و«الفرح»، وأخيرا «طباخ الرئيس» بطولة قائد المنبطحين طلعت زكريا.. كيف ترسل مصر الثورة فيلما يبرئ المخلوع، ويؤكد غيبوبته عما كان يحدث فى مصر.. كيف نشارك فى مهرجان دولى بفيلم مهين لبطل مهان الآن هنا؟! وحمدا لله على رفض إدارة المهرجان الأفلام الأربعة.. والسؤال موجه الآن للمركز القومى للسينما ولوزير الثقافة: من المسؤول عن إرسال فيلم «طباخ الرئيس» ليشارك باسم مصر فى مهرجان كازان الدولى للسينما الإسلامية؟ ومن المسؤول عن تغيّب مصر هكذا عن مهرجان تحضره إيران وتركيا والإمارات والبحرين، وتغيب مصر إلا ب«حواس» مخرج شاب؟!