الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطل في عيون شعبه لوقوفه في وجه الغرب، ويمكنه أن يكسب قاعدة شعبية جديدة، إذا ما تدخل لإنقاذ اليونان التي تواجه أزمة اقتصادية طاحنة في ظل تخلفها عن سداد مستحقات الدانئين، ما يمثل أنباء سيئة بالنسبة لواشنطن وأوروبا، حسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية. وقالت المجلة، إن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس غادر أول من أمس الخميس اجتماع وزراء مالية أوروبا في لوكسمبورج دون التوصل إلى اتفاق أو قرار، ما يعني تزايد فرص تخلف أثينا عن سداد 1.8مليار دولار لصندوق النقد الدولي نهاية الشهر الجاري، ولهذا يتوقع الخبراء أن يلجأ تسيبراس إلى موسكو للمساعدة. وفي الوقت الذي توجه تسيبراس للقاء بوتين أمس الجمعة على هامش المنتدى الاقتصادي بمدينة سان بطرسبرج، قال مسؤولون في وزارة الطاقة اليونانية إنهم سيوقعون اتفاقا لمد خط أنابيب مع شركة غازبروم، شركة الطاقة الوطنية الروسية، ما يدل على نفوذ موسكو المتزايد، بحسب المجلة. وأشارت إلى أنه في اجتماع سابق مع بوتين في أبريل الماضي انتقد تسيبراس موقف الناتو عندما قال إن العقوبات الأوروبية والأمريكية على موسكو بشأن أحداث أوكرانيا من شأنها أن تؤدي إلى حرب باردة جديدة في أوروبا، في حين قالت موسكو خلال نفس اللقاء إنها ستمول مشاريع البنية التحتية في الدولة التي تعاني ضائقة مالية. ولفتت المجلة إلى أنه حتى الوقت الراهن ظلت روسيا إلى حد كبير بمنأى عن الأزمة المالية الأوروبية، ولكن المعضلة اليونانية تعطيها حافزا للتدخل، وإذا فعلت فإنها ستحول الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ 5 سنوات إلى أزمة جيوسياسية. ونقلت عن سيباستيان مالابي، وهو خبير في الاقتصاد الدولي بمجلس العلاقات الخارجية: "موسكو لا تريد أوروبا أن تتعامل مع اليونان، التي هو عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبدأت فجاة تتملق روسيا". وقبيل اجتماع أمس الجمعة، قال نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش إنه "لا يمكن التعليق على قرارات محددة" عندما سئل عما إذا كانت موسكو ستتدخل لإنقاذ أثينا. ورأت المجلة أن هذا يضع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في موقف صعب، حيث أوضح حزبها المحافظ "الشعب الألماني"، والمصرفيون في فرانكفورت أنها لا ترغب في الاستمرار في السداد عن أثينا إذا لم يستجيب اليونانيون لدعوات الإصلاح. لكنها تتعرض لضغوط من واشنطن للحفاظ على التحالف الذي لن يعكر صفو الوضع الراهن عندما يتعلق الأمر بفرض عقوبات. وفي محاولة لدفع الألمان للوقوف إلى جانبه نشر تسيبراس افتتاحية الخميس في صحيفة "دير شبيجل" الألمانية، وقال إنه يرفض "أسطورة" أن الألمان الذين يعلمون بجد يدفعون رواتب لمتقاعدي اليونان، وأضاف: "كل من يدعي أن دافعي الضرائب الألمان يدفعون الأجور والمعاشات التقاعدية لليونانيين يكذب". وبعد انهيار اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في لوكسمبورج بتبادل حاد للاتهامات مساء أمس الخميس، يبدو أن القطيعة تقترب بين اليونان ودائنيها من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الذين سيحاولون بذل قصارى جهدهم الإثنين المقبل في قمة استثنائية في بروكسل لتفادي السيناريو الأسوا لهذا البلد الذي يقف على حافة التخلف عن السداد.