لماذا قام رئيس الوزراء اليونانى «اليكسيس تسيبراس» بزيارة لموسكو فى هذا التوقيت؟ وهل تمهد هذه الخطوة للتقارب بين الدولتين المعزولتين أوروبيًا، وكيف سيكون موقف الاتحاد الأوروبى تجاه هذا التقارب؟ أسئلة عديدة فرضتها الزيارة التى قام بها رئيس الوزراء اليونانى «تسيبراس» لموسكو مؤخرا، حيث كان من المفترض أن تجرى الزيارة فى مايو المقبل، لكن تسيبراس قدم موعدها، لتكون قبل يوم على موعد القسط المستحق على اليونان لصندوق النقد الدولى، قيمته 450 مليون يورو، كما تزامنت هذه الزيارة مع احتفال اليونان بذكرى حرب الاستقلال، عندما وقف القيصر الروسى ألكسندر الأول مع اليونان، لإنهاء أربعة قرون من السيطرة العثمانية. وخلال الزيارة التى استمرت يومين، طالب تسيبراس بإنهاء العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب الأزمة فى أوكرانيا، ووصفها بالحلقة المفرغة، فيما نفى بوتين استخدامه أثينا لزرع الفتنة داخل الاتحاد الأوروبى. ورغم تصريحات بوتين التى أراد بها طمأنة الغرب، ومحاولة ميركل التقليل من أهمية الزيارة قائلة فى ختام مباحثاتها مع الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند «نحن أيضا كنا فى موسكو، ومازلنا أعضاء فى الاتحاد الأوروبى، ونقف موحدين»، إلا أنه فى حقيقة الأمر، فإن إتباع اليونان سياسة مختلفة يثير مخاوف الاتحاد الأوروبى، وهو ما أبرزته العديد من الصحف الأوروبية، التى اهتمت بتحليل تلك الزيارة، ورصد هذا التقارب الروسى - اليونانى، وتأثيره على الاتحاد الأوروبى. فى هذا السياق، ذكرت صحيفة «سوديتش زيتونج» الألمانية أن كلا الزعيمين اليونانى والروسى على خلاف سياسى مع الاتحاد الأوروبى، فالرئيس الروسى على خلاف كبير مع بروكسل بسبب ضم منطقة القرم إلى بلاده وبفعل الحرب فى أوكرانيا، ورئيس وزراء اليونان على خلاف حاد مع الاتحاد بسبب أزمة الديون اليونانية. وتشير الصحيفة الألمانية إلى أن صور لقاء الرئيسين، الروسى واليونانى، تعطى الانطباع بأن روسيا ليست معزولة أبدا بل إن أوروبا بالمقابل، تبدو ضعيفة جدا لدرجة أن أعضاء فى الاتحاد يطلبون المساعدة من روسيا. ولفتت الصحيفة إلى أن موسكو كانت قد استثنت البضائع اليونانية من البضائع الأوروبية المحظور استيرادها من الاتحاد الأوروبى، كرد على العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، وهذا الأمر بالتحديد هو بحد ذاته دعوة روسية إلى بروكسل من أجل إعادة النظر فى العقوبات المفروضة على روسيا، وهذا هو الهدف المنظور للرئيس الروسى فلاديمير بوتين. أما صحيفة «ايل سول» الإيطالية، فنوهت ببراعة الرئيس الروسى بوتين الذى امتنع عن إعلان أية نية بمساعدة اليونان ماديا، كى لا تزداد الانقسامات الأوروبية، ورأت الصحيفة أن الرئيس الروسى برهن عن موهبة سياسية استراتيجية تجلت بالتمييز بين هدفين أساسيين: الأول هو جذب اليونان إلى مجموعة الدول المؤهلة للتعاون مع موسكو (مثل قبرص والمجر)، وهكذا تتسع دائرة المؤهلين للتعاون مع موسكو بحيث يصبح ممكنا رفع العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبى، الذى سيدرس شأن هذه العقوبات فى القمة الأوروبية المقبلة فى يونيو، أما الهدف الثانى للرئيس الروسى فهو إرساء علاقات سياسية واقتصادية تقود إلى تعاون مع شركاء تحتاجهم موسكو. من جانبها، أكدت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن اللقاء الذى جمع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين برئيس الوزراء اليونانى أثار مخاوف لجوء الأخير لرفض عرض الإنقاذ الذى تقدم به الأوروبيون. وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء اليونانى المسئول عن إبرام صفقة مع الاتحاد الأوروبى بشأن الديون اليونانية قابل الرئيس الروسى فى موسكو فى وقت حساس للغاية. وقالت الإندبندنت إنه بينما كان تسيبراس وبوتين يقفان أمام الصحفيين لالتقاط الصور، كان وزراء مالية منطقة اليورو يعقدون اجتماعا عبر الفيديو كونفرانس للتحدث حول كفاية الإصلاحات التى اقترحتها اليونان، وإمكانية إمدادها بباقى أموال الإنقاذ.