رئيس الإنجيلية: ميلاد السيد المسيح يحمل رجاء يغيّر العالم ويمنح الأمل لجميع البشر    وزير البترول يناقش الخطة الجديدة للاستكشاف والإنتاج مع رؤساء الشركات العالمية العاملة في مصر    وزيرة التخطيط ووزيرة التنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية غرب جرجا    عاجل- نواف سلام يؤكد: العلاقة مع مصر تتجاوز تبادل المصالح    18 مشروعًا بقطاع مياه الشرب يستفيد من 3 ملايين مواطن بمحافظة سوهاج    رئيس لبنان جوزاف عون يستقبل مصطفى مدبولى فى قصر بعبدا    مصر ترحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين    شاهد الان بث مباشر.. الأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا اليوم في كأس عاصمة مصر    الأهلي يواجه أصحاب الجياد في ربع نهائي دوري مرتبط سيدات الطائرة    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدي الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    زفاف نجل حنان ترك وسط الأقارب ورواد السوشيال يتساءلون عن غيابها    المجلس الأعلى للثقافة يستضيف فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للفيلم القصير 2025    سلام: العلاقة بين مصر ولبنان تشمل تفاعلا في المسار واتفاقا في الرؤى    وزير الصحة يبحث مع نظيره الموريتانى سبل التعاون فى عدد من الملفات    أمم إفريقيا - تقرير: حسام عوار يغادر معسكر الجزائر بسبب الإصابة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    رسائل السيسي لقادة فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية تتصدر نشاط الرئيس الأسبوعي    انتخابات النواب 2025، ننشر الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد في الدقهلية    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    أحمد عبد الوهاب يكتب: تسريب «مشعل» بين خطاب المقاومة وحسابات الأنظمة    بوتين يعلن سيطرة القوات الروسية على المبادرة الاستراتيجية بعد معارك «كورسك»    وزير الزراعة يبحث مع مزارعي الإصلاح بالبحيرة وأسوان حلول لرفع الأعباء عن كاهلهم    وزير البترول يناقش الخطة الجديدة للاستكشاف والإنتاج مع رؤساء الشركات العالمية العاملة في مصر    محافظ أسيوط يعلن افتتاح صيدلية "إسعاف 24" بحي شرق    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    جهود متسارعة لإنقاذ اتفاق دمج «قسد» مع الحكومة السورية قبل نهاية العام    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    النشرة المرورية.. سيولة بحركة السيارات بمحاور القاهرة والجيزة    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم سيد حنفي في دائرة الخليفة    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب الاستبداد
نشر في التحرير يوم 12 - 06 - 2015

إذا كان الشعر ديوان العرب فالاستبداد هو الرواية والقصة والمسرحية فكل شىء ينطق بالاستبداد عند العرب حتى النهر إذا غضب والصحراء إذا عصفت رياحها وإنما العاجز من لا يستبد.
والعرب على ما برعوا فى الفنون والعلوم فإن براعتهم فى الاستبداد لا تُبارَى، قامة سامقة لا يصل إلى عنفوانها وتجددها أحد إنهم يتنفسون ويأكلون ويشربون استبدادًا لا حياة لأحد دونه، من الرئيس إلى الخفير، وعسكرى الدرك والموظف والتاجر كلهم يقتنصون الذل والقهر من عينيك ومن قلبك وكرامتك، اقتناصًا يثير العجب بمجرد الاقتراب منهم.
إذا اختلفت مع الشيخ أو القسيس أو الموظف الكبير أو الشرطى أو الحاكم، فالنتيجة واحدة، التكفير والسجن والتشريد. الجميع ينطقون من معين واحد، وإن اختلفت ملابسهم أو كراسيهم، فالحكومة المستبدة تكون مستبدة فى كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطى إلى الفراش إلى كنّاس الشوارع. كتاب الاستبداد العربى أهم صفحاته القتل، وكل حروفه من دماء البشر، وفصوله من رقابهم، ومقدمته بيد الحاكم المستبد، وآخر صفحاته يحررها الجلاد وتطوى كل صفحة منه بالسيف وطلقات الرصاص، والناس بين دفتى الكتاب حروف مأسورة بين قبضتى الطاغية والجلاد لا يخرج حرف عن سطره، ولا عنوانٌ عن بابه حروف مصفوفة تكتب أناشيد الرياء وتدبج قصائد النفاق، من يتفوق يصبح عنوانا يستبد بآلاف الحروف وملايينها، ومن يغضب أو يرفض أو يعصى نرمِه للجلاد فى قعر الكتاب لا علم إلا ما يدرس فى هذا الكتاب، كتاب الحاكم المنزل من زبانيته يحكى عن عظمته وعبقريته وحكمته وقيادته الرشيدة الملهمة للأمة والدنيا بأسرها. الحاكم الذى لا يخطئ أبدًا ويظل يعلو ويعلو، وشعبه ينحدر ينحدر حتى يروح فى دنيا النسيان وقد يتذكرهم الحاكم المستبد فجأة فيزور مستشفياتهم ليطمئن على حجم المرضى، أو يزور مدارسهم ليعرف مقدار الجهل ويزور مصانعهم ليعرف مقدار التخلف، وساعتها ينمام مطمئنًا، فكلما كان الشعب مريضًا جاهلا متخلفًا كلما كان المستبد أكثر راحةً وكلما طال بقاؤه على كرسى الحكم. وعروش الطغاة لا ترتفع إلا على رؤوس البشر، ولا حياة لتَاجِهِ إلا بما أخذ من حياة الناس.
ويلخص ابن خلدون حال العرب بأنهم أمة جُبلت على التوحش وعدم الانقياد للسياسة، فهم يهدمون البيوت ليبنوا الأثافى والخشب ليعمدوا خيامهم ورزقهم فى ظلال رماحهم متنافسين فى الرياسة، قَلَّ أن يسلِّم أحد منهم الأمر إلى غيره، ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا فى الأقل، أو على كُرهٍ، ولا يجمعهم الملك إلا بصبغة دينية وقد بعد عهدهم بالسياسة، فرجعوا إلى أصلهم من البداوة والتوحش والعصبية والغلظة.
أما ميكيافللى المعلم الأول للمستبدين فيعطى الدرس لمن أراد البقاء فى السلطة: عليه أن يعرف كيف لا يكون فاضلًا، وأن لا يبالى بما تجلبه عليه الرذائل من خزى وعار، والتى بدونها يتعذر عليه الاحتفاظ بدولته، وإذا كان عليه أن يجد سبيلًا لإعدام شخص فيجب أن يختار تبريرًا مناسبًا وسببًا عامًّا (كالكفر أو العلمانية)، فى ما يعتقد هيجل أن الشرقيين ومنهم العرب بالتأكيد لم يتوصلوا إلى معرفة أن الروح أو الإنسان، بما هو إنسان، حر، ونظرًا إلى أنهم لم يعرفوا ذلك فإنهم لم يكونوا أحرارًا، وكل ما عرفوه أن شخصًا معينًا حرًّا يقصد الحاكم الطاغية، وأن أبناء الشرق يتسابقون فى تدبيج القصائد للطاغية، لتتغنى بأياديه البيضاء على الناس، حتى لم يعد الحاكم يجد حرجًا فى تسخير الصحافة والتليفزيون وجميع وسائل الإعلام للحديث عن أمجاده وبطولاته.
هذه الصورة الكئيبة عن الشرق قديمة، حيث أرسل أرسطو رسالة إلى تلميذه الإسكندر الأكبر بعد فتوحاته فى الشرق ينصحه فيها بأنْ يعامل اليونانيين كقائد، وأن يعامل الشرقيين معاملةَ السيد، لأنهم بطبيعتهم عبيد ولا يتذمرون من الطاغية. ربما لذلك قال الإمام محمد عبده: أعوذ بالله من السياسة، من لفظها ومعناها وحروفها، ومن كل أرض تُذكر فيها ومن كل شخص يتكلم أو يتعلم أو يجن أو يعقل فيها، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.