لقد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى فى زيارته لألمانيا وفى المؤتمر الصحفى مع المستشارة أنجيلا ميركل، على أن يصف مصر بأنها دولة دستورية، ولها دستور منذ عام 1923.. وأنها دولة القانون. لكن على مستوى الواقع ما يحدث شىء آخر. لقد ساد العرف، أو ما يمكن تسميته بالدولة العرفية.. وليس القانون فى حوادث وأمور كثيرة. فعندما تم تهجير أقباط من قرية ببنى سويف تم استدعاء الجلسات العرفية لحل المشكلة، بعد أن تم التعتيم على المشكلة لما يقرب من أسبوع إلى أن تسربت إلى الإعلام.. فكان الحل «العرفى»!! وهو الأمر الذى ما زال مسيطرا على كثير من حل المشكلات والأزمات فى عدد من القرى والمدن خصوصا فى الصعيد. لكن يبدو أن الحل العرفى انتقل إلى الدولة أيضا.. حتى إن الرئيس وجد حلا فى مشكلة انفجرت بين الشرطة والمحامين بعد اعتداء ضابط شرطة على محامٍ بالجزمة. فقد أعلن الرئيس اعتذاره علنًا على ما حدث من الشرطة تجاه المحامى والمحامين. وهو أمر عرفى وليس قانونيا. فكان المفروض المحاسبة. وكان يجب الدعوة إلى الإصلاح، إصلاح الشرطة بعد أن ازدادت الشكوى.. وهذا الاعتذار ليس المرة الأولى، فقد سبق للرئيس أن أوضح لنا بما يشبه الاعتذار عن استشهاد الناشطة شيماء الصباغ برصاص الشرطة، التى كانت تنكر ما حدث.. وعندما قال الرئيس: «بنتى شيماء».. تحركت الأمور وتم الكشف عن الضابط الذى أطلق عليها الرصاص. فهل أصبح الرئيس هو المسؤول عن أخطاء وانتهاكات وزارة الداخلية.. ومن ثمّ تقديم الاعتذار.. بدلا من الوزارة والضباط؟! إى نعم الرئيس مسؤول.. لكن بشكل عام عن السياسات.. ومن ثمّ يجب إعمال المحاسبة.. التى تقوم على القانون من أجل دولة القانون الذى خرج الشعب فى ثورتين لتحقيقها. يجب أن تكون الدولة دولةَ مؤسسات. ويجب أن ينفذ القانون.. ويُحترم. فمن أخطأ يتحمل وزره، وتتم مساءلته، ولو كان مسؤولا يجمد ويعزل من منصبه. كما يجب تطبيق مبدأ تعارض المصالح. ليس المطلوب أن يعتذر الرئيس السيسى.. ولكن مطلوب منه أن يجرى إصلاحا «بلاش تغيير طالما الناس بتزعل». فمصر فى حاجة إلى إصلاح الشرطة.. فلم يعد مطلوبا فقط أن يطلب الرئيس من الشرطة فى مناسبات عدة احترام القانون واحترام حقوق الإنسان، وهو كلام لا يعتد به فى الغالب ولا ينفذ. فنحن فى حاجة إلى دولة القانون بجد، وكفى «الدولة العرفية» التى أضاعت على البلد الكثير.. وشدَّتها إلى الخلف سنوات. إعمال القانون سيريح الجميع.. وسيعيد الكرامة إلى المصريين.