5 أفلام في بلاتوهات التصوير.. أبرزها «السلم والثعبان 2»    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    محافظ البحر الأحمر يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى بالمستشفيات استعدادًا لعيد الأضحى    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج ل26.4 مليار دولار «خلال 9 أشهر»    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريراً حول ملف القضية السكانية    مشتريات محلية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات جلسة الأربعاء    رئيس الوزراء يشدد على ضرورة التصدى لأية محاولات للتعدى على الأراضى الزراعية    هل يكفي إنتاج مصر من اللحوم لسد احتياجاتنا؟.. الحكومة تجيب    محافظ المنوفية يبحث مع حماية الأراضي بوزارة الزراعة مواجهة التعديات    محافظ المنيا: توريد 500 ألف طن قمح حتى الآن    شركات الطيران العالمية تحذر من الرسوم الجمركية الأمريكية: تعرض السلامة الجوية للخطر    استشهاد 16 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خيام النازحين بغزة    مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق في غزة    إذاعة مغربية: عادل رمزي مُرشح لخلافة الرمادي في تدريب الزمالك    مكافآت خاصة للاعبي الزمالك حال الفوز بكأس مصر    كأس العالم للأندية - في الجول يكشف القائمة الأقرب ل الأهلي للسفر إلى أمريكا    «تعليم الجيزة»: التعامل الفوري مع أي محاولات للإخلال بنظام الامتحانات    حار نهارا.. الأرصاد تكشف عن طقس غد الخميس وقفة عيد الأضحى المبارك    تجديد حبس 5 متهمين 15 يوما بقضية التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الأقصر    «مياه القليوبية» تعلن رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    «توفت بشموخ وكبرياء».. ناقدة فنية تنعى سميحة أيوب    تبدأ بنقل وقفة عرفات .. تفاصيل خريطة عرض شاشة MBC مصر في عيد الأضحي    دعاء يوم التروية 2025 للرزق وتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    الصحة تعقد اجتماعا مع مستشفى جوستاف روسي (هرمل السلام سابقا) لتيسير الخدمات العلاجية للمرضى    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    القومي لثقافة الطفل يحتفل بعيد الأضحى المبارك    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    برنامج تدريبي لصغار المربين بالمحافظات للتوعية بأمراض الدواجن والطيور    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    يديعوت أحرنوت: حماس تعيد صياغة ردها على مقترح ويتكوف.. وأمريكا تتوقع إعلانا بحلول عيد الأضحى    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    خالد سليم يشارك جمهوره صورًا تجمعه بعمرو دياب وعدد من النجوم    جبران: حريصون على استقلالية النقابات وترسيخ ثقافة الحقوق والحريات    أحكام الحج (12).. علي جمعة يوضح أعمال أول أيام التشريق    الجباس: بيراميدز بطل الدوري هذا الموسم.. ومواجهة الزمالك أصعب من صن داونز    فرصة للترقية.. حظ برج العذراء في شهر يونيو 2025    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    مصرع شخص وإصابة 21 شخصا في حادثين بالمنيا    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    أحمد الصالح: على الزمالك مهاجمة بيراميدز منذ بداية مباراة كأس مصر    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل فهمي في أجرأ حوار بعد 30 يونيو: مصلحة مصر ليست مع روسيا أو أمريكا
نشر في التحرير يوم 19 - 05 - 2015


حوار- إبراهيم منصور وإسماعيل الوسيمي:
تصوير- أحمد رمضان:
يستكمل وزير الخارجية السابق نبيل فهمى حواره مع «التحرير» ويتحدث خلال الجزء الثانى والأخير حول الكثير من القضايا والملفات الخارجية، ويطرح رؤيته فى عودة الدور المصرى فى المنطقة، وهل ستحصل مصر على عضوية مجلس الأمن الدولى، وتتفتح معه التوترات السياسية بين مصر وتركيا والقاهرة والدوحة، كما يحدثنا عن «عاصفة الحزم» فى اليمن والضربة المصرية فى ليبيا، ونناقشه فى إمكانية وجود حوار عربى- إيرانى، كما حازت إفريقيا وملف سد النهضة نصيبًا من الحوار.. فإلى نص الحوار.
■ ما أهمية الدور المصرى فى المنطقة من حيث: الجغرافيا والتاريخ وأهمية الإنسان المصرى؟ وهل تقلَّص هذا الدور بعد ثورتى يناير ويونيو؟
- أشكرك على إضافة عنصر الإنسان فى السؤال، لأن عظمة المكان شىء حقيقى والعمق التاريخى مسجل ومقدر، وإنما المسؤولية والثروة الحقيقية تَكمن فى الإنسان المصرى، على مدى الزمن يسكن نحو ربع سكان المنطقة فى مصر، وحاليا يبلغ عددنا 90 مليون مصرى من 350 مليون مواطن عربى، لذلك فالإنسان عنصر مهم فى تحديد المسؤولية وفى تحديد الحال.. بدأنا نستعيد الطريق، وما زال أمامنا «مشوار»، ليس من السهل أن تطالب دولة مرت بثورتين فى أقل من ثلاث سنوات، فهما ثورتان ضد تراكمات الماضى، ونطالبها بأن تستعيد دورها فى سنة أو اثنتين.. وأول خطوة فى استعادة الدور هى الصحوة الشعبية التى حدثت فى عام 2011 وتكررت بتصحيح التوجه فى 2013، لم تكن هناك آليات فى صحوة يناير 2011 لتوجهها فى الطريق الصحيح بسبب عدم توافر قائد للثورة، وغياب المنظومة السياسية فى الشارع المصرى نتيجة لأخطاء الماضى والطرف الوحيد المستجد هم الإخوان المسلمون، الذين لم يكونوا فى الأصل مع مشروع بناء الدولة المصرية الحديثة بالشكل الذى يجتمع عليه المصريون، فإذا كنا لم ننجح فى عام 2011، لأن الأطراف الفاعلة لم تكن قادرة على إجراء هذه النقلة النوعية التى أحدثتها الثورة، ولم تُدَر المرحلة الانتقالية 2011- 2012 إدارة حسنة، وما بين 2012 إلى 2013 كان التوجه للإخوان إقصائيا، لذا لم نبدأ حقيقة فى بناء مؤسسات الدولة المدنية إلا بعد 30 يونيو 2013، وتم إعداد دستور وانتخاب رئيس، وننتظر انتخاب البرلمان، ومع كل ذلك مطلوب بعد انتخاب البرلمان ممارسة وسطية.
وأعتقد أن أى مصرى يضع مصريته قبل فكره الأيديولوجى، ويمارس ممارسة سياسية سلمية، يجب أن يكون له مكان فى البرلمان، ونحن فى النهاية نحاسب أطياف الشعب على ممارسته لا على أفكاره.
■ كيف تتم استعادة الدور الإقليمى لمصر؟
- استعادة الدور تحتاج إلى قيادة لديها شجاعة المبادرة وهذا متوفر، وتحتاج إلى أدوات لممارسة السياسة الخارجية والأمنية وهى متوفرة أيضا والإمكانيات التى تسمح لك بترجمة الأفكار والمواقف إلى حيز النفاذ، وهذا يتطلب توافقًا واستقرارًا مجتمعيًّا داخليًّا، لأن الدور الخارجى مهم وضرورى، ويحمل فى طياته مخاطر وبه تكلفة بقدر ما فيه مكاسب، ويواجه صعوبات، حيث ما زالت الممارسة السياسية على النمط القديم بمواءمات لتحقيق مكاسب بدلا من إيجاد توافق حول برامج سياسية.
ويريد الشعب أن يكون حرًّا ويشارك فى منظومة الدولة واتخاذ القرار، ومطلوبًا توظيفه كى يكون صاحب قرار، ومعنى الحرية أن تكون لك خيارات متعددة، ولا توجد حرية مطلقة إلا لمن يُعزَل عن الساحة، ولكى تكون لك خيارات وبدائل لا بد من إصلاح عوار جذرى فى السياسات الخارجية لدول الشرق الأوسط، أولاها الاعتماد المبالغ فيه على غيرهم، وهذا ينطبق على كل الدول العربية بدرجات مختلفة، وينطبق على مصر فى فترات معينة أيضا.. ونتيجة للاعتماد المبالغ فيه على غيرنا شاهدنا فقدان الثقة بين الأطراف العربية فى القدرة على التفاعل مع القضايا الإقليمية التى تعنيها، ومن ثمَّ لم نعتمد فقط على غيرنا فى أمننا القومى بل أصبحنا نعتمد عليهم فى حل المشكلات السياسية، أصبحنا نطالب الأمم المتحدة بالحضور للتعامل مع موضوع ليبيا، وطلبنا الغرب والشرق للتعامل مع موضوع سوريا وإدارة المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووى مع خمس دول ليس من بينها دول عربية أين الصوت العربى؟ مطلوب استعادته واستعادة الثقة العربية فى التحرك عربيا عربيا، ولا يعنى هذا أننا نرفض التعاون الأجنبى، وإذا نظرنا إلى ساحة الشرق الأوسط سنجد أن الحراك الإيرانى والحراك التركى لفترات قصيرة مضت تجاوز بكثير الحراك العربى نتيجة وجود فراغ عربى وعدم توافر الحد الأدنى من التعاون العربى - العربى للتفاعل مع القضايا العربية.
■ هل هذا بسبب تراكم المشكلات العربية عبر الأزمنة؟
- نعم هناك مشكلات تراكمية على مدى 50 سنة، وإنما لا يعنى هذا أن استعادة الحراك العربى مستحيلة فلنتذكر اتفاقية الطائف فى لبنان، وهى كانت حصاد جهد عربى وكذلك حرب أكتوبر.
■ وهل تَدخُّل الطرف الأجنبى يعتبر مؤامرة أم حالة ضعف منَّا؟
- أعتقد أننا نعيش بين «برانويا المؤامرة» وبلاهة التعامل مع العلاقات بين الدول على أنها عواطف ومبادئ، العلاقات الدولية «مصالح»، كل طرف يسعى لمصلحته، ويجب أن تعترف بذلك، ونتعامل مع الأطراف الأخرى مع هذا المنطلق، ويختلف الأمر بعض الشىء عندما نتكلم عن المصالح العربية، لأن هناك هوية مشتركة، ولكن على مستوى العالم يتفاعل الكل على أساس المصلحة.. فالتصور بأن هناك مبدأ عامًّا ينطبق على الجميع ويلتزم به الجميع دون أخد اعتبار المصالح «بلاهة سياسية»، والشعور بالمؤامرة عندما يسعى أى طرف لتحقيق مصلحته «برانويا سياسية»، وكلاهما نتيجة للفراغ العربى والعوار السياسى الجذرى نتيجة الاعتماد على غيرنا وعدم الثقة بالنفس.
■ هل مصلحتنا مع أمريكا أم مع روسيا أم مع الخليج أم مع الجميع؟
- ليس هذا أو ذاك، إنما مصلحتك أن تملأ الفراغ الذى تشهده الساحة العربية، ولن يتحقق ذلك سريعا، وإنما لا بد أن تسعى وتجتهد، وعليك مسؤولية خاصة لأسباب ثلاثة، أولها أن الشعب ضحى بشهداء فى ثورتين متتاليتين، ويسعى لمستقبل مختلف عن الماضى ويطالب باستعادة دورنا وأكثر من نصف الشعب المصرى من الشباب ويتطلع إلى مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا ورفاهية، والثانى على المستوى العربى وعالمنا على حافة الهاوية ككيان سياسى، نحن الآن رؤساء القمة العربية، فتلك مسؤولية وفرصة، وهذا يتطلب منَّا رؤية حول مستقبل العالم العربى، وتحركًا سياسيًّا لزرع بذور تشكيل عالم عربى جديد رغم صعوبة التحديات والتوترات، أما السبب الثالث بكل أمانة فهو أن هناك على مستوى العالم من وقف معنا بعد الثورتين ومن وقف ضدنا، ولكن ليس هناك من استطاع أن ينكر وزن ونفوذ مصر الفاعل والمؤثر فى تحديد مستقبل الشرق الأوسط، وستنضم مصر إلى مجلس الأمن الأممى مع بداية العام القادم.
■ هل تضمن ذلك مع أننا نشهد مؤامرة وتجمعًا دوليًّا ضدنا لصالح أى مرشح آخر بمجلس الأمن؟
- أطمئن لذلك بنسبة 200%، ومصر ستحصل على مقعد مجلس الأمن فى انتخابات نهاية العالم، فالمعقد العربى يتم تداوله مرة فى آسيا وأخرى فى شمال إفريقيا، وتحصل عليه الدول بالترتيب، والدور على مصر لتولى هذا المقعد لعامى 2016- 2018، ولذلك لا يوجد أى مرشح آخر.
اطمئن، القضية ليست فى حصولنا على المقعد من عدمه، وإنما فى قدرة استثمار وجودنا فى مجلس الأمن لرفع صوت العرب والدول النامية عاليا، لتحقيق نظام أكثر ديمقراطية فى العلاقات الدولية، وتطبيق القواعد والقوانين الدولية على الجميع دون تمييز أو استثناء، خصوصا بالنسبة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية المحتلة، ومكافحة الإرهاب على المستوى الدولى، وإيجاد حلول سياسية فى سوريا وليبيا واليمن وتحقيق منطقة منزوعة من السلاح النووى بالشرق الأوسط، وإصلاح الأمم المتحدة ومنظمتها.
■ وهل نحن مؤهلون لتلك الريادة؟
- دون شك مؤهلون، رغم كل التحديات الداخلية والاقتصادية والاجتماعية وكل حدودنا مشتعلة غربًا وشرقًا، ليبيا، السودان، سيناء. لا توجد دولة عربية قادرة على القيام بهذا الدور الريادى ولن تقدر مصر على ذلك إلا إذا التف حولها العالم العربى، مطلوب مننا أن نكون مثالًا لدولة عصرية متحضرة يلتف حولها أطياف الشعب ونموذجًا يحتذى به العالم العربى، لن نفرض آراءنا على أحد، فقد كنا فى الخمسينيات والستينيات ينظر إلينا العالم العربى على أننا المثال الذى يحتذى به، وكانوا يأتون للدراسة والاستمتاع بالفن والموسيقى وغيرهما.
المطلوب منا مرة أخرى استعادة هذا الدور من هذا المنطلق، دولة متحضرة عصرية، ولن يتحقق ذلك إلا ببناء دولة ديمقراطية بشرط وجود المواطنة قبل الأيديولوجية، والسلمية قبل العنف.
■ تحمَّلت مسؤولية وزارة الخارجية فى أعقاب 30 يونيو.. ما كواليس ذلك القرار؟ وهل كان قرارًا صعبًا؟ وما أولوياتك إبان تلك المرحلة؟
- عندما طلب منى حمل المسؤولية كان هناك يقين لدى صاحب القرار بأنى سأرفض الطلب، لأننى رفضت المنصب قبل ذلك عام 2005، وبعد الوزير نبيل العربى، ومرة أخرى بعد ذلك، ومع هذا استجبت هذه المرة لخطورة الظرف المصرى حينذاك، وسألت نفسى: ما المطلوب من وزير الخارجية بعد ثورة 30 يونيو، فانتهيت إلى أنه لا بد أن نستجيب للرغبة الشعبية لظرف سياسى جديد، وتوقفت عند كلمة الحرية وما تعنيه خارجيًّا، وكيفية تحقيق الريادة، فانتهيت إلى مجموعة من الأهداف، أهمها حماية الثورة وتأمين حرية القرار المصرى بتوفير خيارات متعددة ثم إعادة توجيه السياسة فى التمركز على ركائز عربيا وإفريقيا وتوسيع دائرة الاتصالات الدولية من روسيا إلى الصين، وإعطاء الأولوية لدول الجوار، وفق ثلاث حلقات، حلقة الحرب والسلام والهوية «دول الجوار»، وحلقة دول الهوية المشتركة والأطراف الفاعلة؛ روسيا أمريكا أوروبا وغيرها، والحلقة الثالثة تشمل بقية دول العالم والمؤسسات الدولية، فنحن نعيش فى منظومة دولية لذلك، ولا أستطيع التصرف عكس الأنماط المقبولة دوليا، فيجب أن أتفاعل معها لأنى أتعامل مع قانون دولى، ومن ضمن هذه القضايا قضية النيل، التى أضعها من الأولويات، وبدأنا فى تفعيل التخطيط المستقبلى حتى لا تكون سياستنا رهن الأحداث وأجندات غيرنا، ولقد طلبت دراسات من داخل وخارج وزارة الخارجية لوضع تصورات لشكل الشرق الأوسط فى 2030، وفى إطار هذه الرؤية، نحدد من خلالها مصالح مصر والسياسات التى تحدد هذه التوجهات؟ فلكى أستعيد الدور يجب أن أنطلق من نقاط القوة التى لدىَّ، لا يجوز أن نتعامل مع العالم العربى والإفريقى كما تعاملنا معه فى الماضى، ومن واقع مسؤوليتى كوزير كان علىَّ أن أستجيب للهدف وتطلعات الشعب وتوظيف إمكانيات وزارة الخارجية لوضع السياسات التى تحقق ذلك، وأعلنت هذا لك فى مؤتمر صحفى بعد تولى المسؤولية ب4 أيام، وهذا الطرح ليس طرح نبيل فهمى أو طرح عدلى منصور، والسياسة الخارجية الحالية ليست طرح سامح شكرى أو الرئيس السيسى، وإنما سياسات وممارسات لهؤلاء المسؤولين استجابة للطرح وموقف شعبى حرك المياه الراكدة.
■ البعض يرى أن ثورة 30 يونيو جعلت هناك ندية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.. كيف ترى ذلك؟
- النِّدية مع كل دول العالم «كلام مرسل»، وفى نفس الوقت عدم تقدير حجم ونفوذ مصر الإقليمى والدولى خطأ جسيم، نحن دولة لها نفوذ واسع فى الشرق الأوسط، ولكن هناك تمسك شعبى بحرية اتخاذ القرار مع أمريكا أو غيرها، فعند ذهابنا إلى روسيا لم يكن الغرض من ذلك استبدالها بأمريكا، وإنما الغرض هو تأمين خياراتنا مع أمريكا أو غيرها، فالاقتصاد الأمريكى كبير ونفوذ أمريكا الدولى أوسع، ولا أدعى أننا نِدٌّ لأمريكا أو لروسيا ماديًّا، لكنى عملت على أن نكون أحرارًا فى قراراتنا.
أعطيكم مثالا لأسباب ضرورة ممارسة سياسات مصر الخارجية بحكمة، مصر تستورد أغلب مواردها الغذائية، والطاقة والسلاح والمياه يأتينا من الخارج، فالتحرك الذى قمنا به ونقوم به حاليا وسنقوم به مستقبلا لتأمين قوت الشعب المصرى ومصادر السلاح المتنوعة وتأمين الطاقة والمياه، وأشعر بالعرفان تجاه الشعب المصرى على صحوته التى مكنتنا من تصحيح أوضاعنا الخارجية.
■ البعض يرى أن حالة الانقسام أكثر من الوحدة بالنسبة للعالم العربى.. ما رأيك؟
- هذا هو الواقع العربى المؤلم، وليس أمامنا خيارات عدا العمل ولمّ الشمل لبناء المستقبل، وعلينا استعادة الثقة والابتعاد عن برانويا المؤامرات دون أن نقع فى بلاهة العواطف، أو نتصور أن استعادة الدور والحراك السياسى ستكون سريعة أو سهلة، وعلى مصر أخذ الريادة الفكرية ووضع تصور للعالم العربى خلال العشر سنوات القادمة، مع تحديد مجموعة من الأهداف والأولويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتشاور مع الأطراف العربية.
فى الخمسينيات كان يجمعنا فى الماضى التحرر من الاحتلال الأوروبى، وإذا نظرنا إلى المستقبل فسنرى محاولة لتفتيت المجتمع العربى من حيث الهوية والمصالح، التبادل التجارى العربى - العربى يمثل 16% من تجارة العالم العربى بالخارج، و80% من هذه النسبة لمجلس التعاون الخليجى، فلا بد من المحافظة على الهوية العربية وخلق مصالح حقيقية من ضمنها رفع حجم التعاون التجارى، وتفعيل الدفاع المشترك من خلال القوة العربية المشتركة للتدخل فى أزمات محدودة مع الحيطة والحكمة.
■ هل دور مصر فى القضية الليبية مُرضٍ؟
- إذا نظرنا إلى الوضع فى ليبيا على حدودنا، نجد أنه تمت حوادث قتل لمصريين عدة مرات، فتدخلت مصر عسكريًّا، وكان تدخلًا سليمًا وكان لا يمكن السكوت عن الجرم الذى وقع، والآن يجب أن نقود الحوار السياسى الإقليمى، سواء كان فى ليبيا أو اليمن أو مكافحة الإرهاب فى المنطقة العربية كطرف عربى، حفاظًا على الهوية. ويجب أن لا نغفل قضية إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
■ كيف تابعتَ عملية «عاصفة الحزم» فى اليمن بمشاركة مصر؟
- إذا نظرنا للوضع فى اليمن لا شك أنه يمثل تهديدًا لأمن واستقرار السعودية، وهو شىء غير مقبول، وكانت هناك ضرورة لممارسة عمل عسكرى فى اليمن، والمطلوب هو أن يتبع هذا العمل تصورٌ للحل السياسى أو العملية السياسية، والعمل العسكرى أداة وحق مشروع دفاعًا عن النفس، لكنه وسيلة لتحقيق هدف سياسى لا أكثر، وأيدت التدخل العسكرى الجوى والبحرى؛ لكبح جماح تَفتُّت الدول العربية، وكل من يريد أن ينال من العالم العربى.
إيران دولة مهمة فى المنطقة، ولكن هناك تساؤلات كثيرة حول سياستها على الأرض وأهدافها وهذا ينعكس فى تصريحات إيرانية أخيرة، فعندما يصرح مسؤول إيرانى عن تحديد أربع دول عربية «سوريا ولبنان والعراق واليمن»، فى سياق الحديث عن نفوذ إيرانى وإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية، فهذا شىء غريب جدا وغير مقبول سياسيًّا، والمطلوب هنا أن يكون هناك رادع عربى لأى انفلات وتجاوز، وهذا يمثل خطوة قبل طرح عربى سياسى لحل قضايانا الخاصة التى هى فى الأساس قضايا داخلية.
■ الحديث عن اليمن يجعل من الضرورة الحديث عن العلاقات العربية - الإيرانية.. كيف ترى تلك العلاقات فى الوقت الراهن؟
- إيران دولة كانت ولا تزال مهمة فى الشرق الأوسط، بغض النظر إن كان هناك تحفظات على سياستها، سواء فى الماضى أو الحاضر، وما وصلت إليه الأمور الآن جاء نتيجة للفراغ العربى قبل أن يكون نتيجة للطموح الإيرانى فى المنطقة، ويجب أن لا نُعفى إيران من أخطاء سياستها، وإنما التعامل معها يجب أن يكون بعدم ترك مساحة لها فى المنطقة، ويجب أن تكون هناك دلائل ومؤشرات واضحة على أن العالم العربى مستعد لأنْ يتحمل مسؤولية نفسه بنفسه، وبالتعاون مع الغير إذا تعرض أمنه لخطر، وأن لديه قوة الشخصية والحكمة كى يتحاور مع أى طرف، وعلى استعداد للتحاور بجدية لحل المشكلات.
■ هل تؤيد الحوار العربى مع إيران؟
- نعم، وإنما مطلوب من إيران بعض المؤشرات لإثبات حسن النيات، فى مقدمتها احترام علاقات حُسن الجوار مع الدول المجاورة لها، والابتعاد عن الممارسات التى تخل بأمن هذه الدول، سواء التى تتعلق بدعم تيارات سياسية بعينها أو فى أسلوب التعامل الأمنى التقليدى، وإذا كانت هناك استجابة إيرانية لذلك فمن المفيد التحاور مع إيران، والحوار ليس هدفًا، وإنما يجب أن يكون مبنيًّا على مؤشرات لحسن النيات، أنا من مؤيدى الحوار من حيث المبدأ، وبصراحة عدم وجود حوار يضر الكل، ولكن تجاهل سياسات إيران فى المنطقة شىء صعب تجاوزه، والحوار مطلوب مع وضع أرضية ملائمة لحوار مفيد، ولن يكون الحوار سهلا فى جميع الحالات.
■ لكن فى المقابل هناك حوار أمريكى - إيرانى رغم وجود خلافات قوية بين البلدين.. بمَ تفسر ذلك؟
- إيران قبلت الحوار تحت ضغط نظام العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وعلى أمل رفعها، والولايات المتحدة وغيرها دخلوا فى الحوار لشعورهم أن لإيران قدرات تكنولوجية نووية تستطيع تطويرها ذاتيًّا وتحتاج لكبح جماحها، إذن فكلاهما لديه نقاط ضغط على الآخر، وكل منهم له مصلحة فى إيجاد حل للمشكلة، مع العلم أن محاولات بدء الحوار فشلت مرات عديدة، واستمر الحوار طويلا قبل إحراز تقدم.
■ هل تقف العلاقات القوية بين مصر ودول الخليج عائقًا أمام فتح اتصال بين القاهرة وطهران؟
- الاتصالات المتقطعة بين مصر وإيران موجودة، وإنما الحوار السياسى الجاد لم يبدأ بعد بين مصر وإيران، وأعتقد أنه سوف يستغرق بعض الوقت، خصوصا أن تهدئة الوضع فى اليمن أمر هام، علما بأننى سعيت وأنا وزير كى تكون هناك قنوات اتصال إيرانية سعودية، على أمل أن يمهد ذلك لحوار فى ما بينهما لتهدئة الأوضاع الإقليمية، وحتمًا سيكون هناك حوار عربى - إيرانى، إذا تغيرت السياسات الإيرانية، بما فى ذلك بين مصر وإيران، وبأسلوب أكثر استقرارًا إذا أظهرت السياسات الإيرانية جدية فى السعى لعلاقات حُسن الجوار.
■ كيف ترى الاتفاق المبدئى بين ال«ست الكبار» وإيران، وكذلك دعوة أوباما لقادة دول الخليج للقاء بمنتجع كامب ديفيد؟
- الاتفاق الأمريكى - الإيرانى، حسب ما اطلعنا عليه حتى الآن به عناصره إيجابية، ويؤدى بعد 15 عامًا إلى استعادة إيران كل حقوقها فى المجال النووى، على افتراض من الولايات المتحدة بأن إيران ستكون قد غيرت سياستها الشرق أوسطية أو فى المجال النووى، وأنها لن تمارس السياسة بشكل عنيف، فضلًا عن أن الولايات المتحدة تعتقد أن الاتفاق يعدُّ أفضل ما كان متاحًا لكبح جماح القدرات التكنولوجية النووية الإيرانية، وأنا مؤيد للاتفاق كخطوة، وإنما لا أؤيده كنهاية، لأن الاتفاق لا يؤدى إلى معالجة المشكلات النووية فى المنطقة، والتى يقع على رأسها البرنامج النووى فى إسرائيل لا إيران، وأضيف إلى ذلك أن الجانب الأمريكى فى شرحه للاتفاق يقول: «لن يسمح للعرب بنفس الحق المسموح لإيران فى تخصيب اليورانيوم»، بمعنى أنهم سيسمحون لإيران بذلك بعد تنفيذ الاتفاق، وتكون الدول العربية فى موضع ضعف تجاه إيران وإسرائيل، وسيعنى ذلك أنه على الدول العربية أن تدفع ثمن الاتفاق الأمريكى الإيرانى، وأطالب بأن يتم استغلال المدة المقدرة لتنفيذ الاتفاق ب15 عامًا لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووى بالشرق الأوسط، والتعامل مع البرنامج النووى الإسرائيلى بنفس التعامل مع البرنامج النووى الإيرانى، وصولا إلى ترتيبات تغطى العرب وإيران وإسرائيل، بالإضافة إلى ضرورة وجود تحرك عربى لملء الفراغ السياسى فى المنطقة، وتحديدًا فى اليمن وليبيا وسوريا لكى نستعيد دورنا العربى، وبناء على كل ذلك يكون هناك حوار عربى - إيرانى، وإذا تم انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة فسيكون هناك حوار عربى - إسرائيلى أيضًا.
■ كيف تتابع الحوار التركى - العربى دون مصر؟
- إذا كانت إيران تملأ الفراغ العربى فى الجنوب الشرقى، فإن تركيا تملأ هذا الفراغ فى الشمال الشرقى، وكلاهما يملأ مساحتين كانت تملؤهما مصر، واستعادة الدور المصرى عربيا سيضع كليهما فى مكان أكثر منطقية مما نجده الآن، الوضع مع تركيا يختلف عن الوضع مع إيران، فالاختلاف بين مصر وإيران ليس مباشرا أو تصادميا، ويأتى ذلك بسبب الصراع الدينى، ولكنهم ينظرون إلى مصر على أنها دولة لديها حضارة كبيرة، وأنهم لا يجدون فى مصر نسبة كبيرة من الشيعة، وبالتالى لم تكن الساحة فى مصر مناسبة لسياستهم، ويفضلون تجنب الصراع المباشر مع مصر، وتحييد مصر فى الصراع السنى الشيعى الدائر فى المنطقة، فى حين أن الوضع العربى مع تركيا يختلف، حيث إن تركيا وضعت نفسها فى الماضى فى موقع حلقة الوصل بين العالم العربى وإسرائيل، ثم بعد اتفاقات سلام بين مصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل والحوار الفلسطينى الإسرائيلى لم يعد هناك دور تركى تقليدى، وانتقلت تركيا بعد ذلك مع نمو التيار الدينى داخل تركيا لتطرح نفسها كحلقة الوصل بين الغرب وتيارات الإسلام المعتدل، ومع ثورة 30 يونيو فى مصر تم تفتيت هذا الحلم التركى، وأصبح هناك صدام مباشر بين أيديولوجية حزب أردوغان وبين مصر، لا بين تركيا كدولة ومصر، وبكل صراحة لا أرى مجالا واسعًا لمصالحة مصرية تركية فى ظل استمرار أردوغان رئيسًا.
■ كنت وزيرًا للخارجية فى بداية الأزمة بين مصر وتركيا.. ماذا عن كواليس تلك الأزمة؟
- العلاقة المصرية التركية علاقة مهمة وتنافسية فى نفس التوقيت، والعوار الموجود فيها الآن ارتبط بتيار الإسلام السياسى، وموقف شخص أردوغان، وعلى المدى الطويل نعلم أنه من المصلحة الحفاظ على قدر كبير من هذه العلاقات، لذا تحملنا كثيرًا بالمنظور الاستراتيجى للمصلحة، فى المقابل وصل أردوغان إلى حدود لا يمكن السكوت على تجاوزها، فأصبح من الصعب عدم التصدى له، المسألة لم تكن تصريحاته فقط إنما كان أردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو آنذاك، والذى تولى رئاسة الحكومة مؤخرًا، فكانا يقومان خلال الاتصالات بالدول الغربية بقيادة حملة عنيفة ضدنا، وكانت تأتى اتصالات من الدول الأوروبية ويقولون لى إن أوغلوا تحدث معهم عن الوضع فى مصر، مطالبًا بإثارة مشكلات مع مصر، ويطالب بعزل مصر وعدم التعامل معها، وكل هذا جاء لأن مصر أوقفت الحلم التركى بأن تكون حلقة الوصل بين تيار الإسلام السياسى الذى كان يحكم مصر وبين الغرب، وتركيا مستمرة فى قيادة الحملة ضد مصر حتى الآن، مع استمرار تجاوزات تركيا فى أعقاب 30 يونيو، اتخذنا قرارًا بمجلس الوزراء بأن التجاوز القادم لتركيا سيتم الرد عليه بسحب السفير المصرى، وعرضت هذا القرار على رئيس الجمهورية، وصدق عليه، ومع حدوث تجاوز آخر من أردوغان، -كنت حينها فى مناسبة عائلية اجتماعية- اتصل بى العضو المناوب بمكتبى، وأبلغنى بالتجاوز الأخير، فأجريت اتصالا بالمستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، وأبلغته بما حدث، وتناقشت معه فى تنفيذ القرار الخاص بمغادرة السفير التركى لمصر، ووافق رئيس الجمهورية على التنفيذ.
■ ننتقل إلى الحديث عن قطر التى اتخذت موقفًا عدائيا ضد ثورة 30 يونيو مثل تركيا.. كيف ترى العلاقات المصرية - القطرية الآن؟
- قطر تختلف عن تركيا، فالمشكلة مع تركيا كانت حول مشروعها، أما مع قطر فالاختلاف كان حول «الدور»، فبالتالى تَعاملنا مع المشروع يختلف عن تعاملنا مع الدور، والفارق بين البلدين أن قطر دولة عربية تجمعها مع مصر هوية، وهذا كان يجعلنى لا أتوقع ما صدر عنها فى أعقاب ثورة 30 يونيو، ووجود هوية مشتركة جعل مصر تصبر عليها كثيرًا، فلم نتحمل من تركيا ما تحملناه من قطر، ودور قطر لم ينته حتى الآن، ونتابعه بدقة، وكل المواقف التى تم اتخاذها تجاه تركيا وقطر كانت بالتنسيق الكامل مع رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، ومع مجلس الأمن الوطنى، وذلك قبل وبعد اتخاذ القرارات الخاصة بسحب السفراء أو خروج سفراء، حتى عندما سحبنا سفيرنا فى قطر فى البداية، كان ذلك دون الإعلان عن سحبه، استجابة لرغبة دول عربية بإعطاء فرصة أسبوعًا لمحاولة الإصلاح، وعندما فشلوا سحبت تلك الدول العربية سفراءها أيضا.
■ كيف عادت مصر إلى إفريقيا بعد تجميد عضويتها فى الاتحاد الإفريقى؟
- عندما كنتُ أذهب إلى دول إفريقيا كنت أحرص دائمًا على وجود مستثمرين مصريين خلال الزيارة، لأن الأفارقة كانوا دائما يشعرون بخلفية الماضى، فإما أنك قادم إليهم كى تبيع لهم سلعًا، وإما ستحدثهم عن دورك التاريخى وبخاصة فى حركة التحرير منذ 40 عاما، وكانت رسالتى تحمل غير هذه الصورة، بتوصيل رسالة أننا قادمون إليكم للاستثمار، وأتحدث معهم عن المستقبل، ونتيجة ذلك يسألنى القادة فى إفريقيا قبل مغادرتى «هو انت هتيجى تانى إمتى؟»، وكنت أعمل آنذاك على إقامة نوع جديدة من العلاقات المصرية - الإفريقية، وعندما عادت مصر إلى الاتحاد الإفريقى لم نعُد بالتصويت أو بتحفُّظ دولة، إنما عدنا بالإجماع.
■ نختتم الحوار بسؤال عن قضية سد النهضة.. أين كُنا وأين نحن الآن؟
- العلاقات مع إثيوبيا ودول حوض النيل حساسة وهامة جدا، ولم تعالج بشكل سليم فى العشرين عاما التى قبل ثورة 2011، واقتصرت على المنظور الأمنى والاتصالات الشكلية المراسمية دون اهتمام أو استثمار حقيقى من جانبنا، مما أثار الكثير من الشكوك والحساسيات لدى الأشقاء الأفارقة، وخلال حكم الإخوان والاجتماع الهزلى الذى نُقل تليفزيونيا تركنا انطباعًا عنصريا كريها لدى الأفارقة، فتسلمنا الملف عام 2013 وبه مشكلات جمة وفقدان للثقة، مما جعلنا حينذاك نسعى إلى تحسين المناخ السياسى، مع إبراز أهمية النيل بالنسبة لنا وخطورة تداعيات أى أخطاء أو تجاوزات فى هذا الملف.
وما شهدناه بعد انتخاب الرئيس السيسى من تواصل وتكثيف الجهد إلى تحسين العلاقة فى ما بيننا، وهذا موقف سليم، مع ضرورة توخى الحذر والدقة فى المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، فلا توجد معادلة صفرية لصالح طرف أو آخر بالكامل على حساب الغير، وعلى افتراض حُسن النية فالمفاوضات ستكون صعبة ودقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.