تخصصات مختلفة ورواتب مجزية.. العمل تُعلن عن فرص عمل جديدة في شركات خاصة    الداخلية تنظم مؤتمرًا صحفيًا للإعلان عن قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    محافظ المنيا يتابع مشروعات رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    مبعوث واشنطن في سوريا: أي هجوم على الأمريكيين سيقابل ب«عقاب حاسم»    توروب يحسم ملف حراسة مرمى الأهلي.. الاجتهاد كلمة السر بين الشناوي وشوبير    أحمد السقا: حزين لإهانتي بعد رسالة دعم صلاح.. وهذا سبب تصوير الفيديو بالإنجليزية    أمن الجيزة يكشف واقعة اعتداء ولي أمر طالبة على مشرفة باص بمدرسة خاصة    محامي "عروس المنوفية" يكشف مفاجآت وتفاصيل قاسية بشأن واقعة القتل وعقوبة المتهم    بسبب فيديو محمد صلاح| أحمد السقا للجمهور: أقل إهانة عقابها 3 سنين    إطلالة ملكية ل دارين حداد في حفل زفافها بدبي | صور    «رحلات المهندسين» تختتم أعمالها بحفل تكريم ونجاحات بالأرقام وخدمات بشفافية كاملة    الأرصاد يُحذر من منخفض جوي يضرب البلاد غدًا وأمطار متوقعة بهذه المناطق    شاهد| فرحة بطل تركيا بالفوز في مباراة الحسم بمونديال أخبار اليوم للبليارد الفرنسي    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    صاحب الصوت الشجي.. تكريم الشيخ حمدي محمود الزامل في برنامج "دولة التلاوة"    المتسابق عمر ناصر: مسابقة دولة التلاوة طاقة أمل للمواهب علشان تتشاف    وزير الرياضة يشهد اليوم السبت ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    ريال مدريد يجهز خيار الطوارئ.. أربيلوا الأقرب لخلافة تشابي ألونسو    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى فى هجوم تدمر السورية    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى جدل الحراك المجتمعي: انغلاق طبقي أم معايير ترقٍّ شائهة؟ «1-2»
نشر في التحرير يوم 15 - 05 - 2015

هل تنهى استقالة وزير العدل المصرى السابق محفوظ صابر حالة الجدل المجتمعى الواسعة التى أثارتها تصريحات له تحفظ فيها على تولى أبناء بعض الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا ممثلا بعمال النظافة مناصب قضائية؟ وهل يعد هذا الجدل المجتمعى المنتقد فى مجمله لمعانى الانغلاق الطبقى والنخبوى التى تم تأويلها من تصريحات وزير العدل دليلا على مجتمع يسعى إلى تكريس نموذج أكثر حرية وعدالة للانفتاح الطبقى والحراك الاجتماعي؟ وهل تعد تلك الاستقالة فى ذاتها مؤشرا موضوعيا لتوجه الدولة نحو تبنى معايير تجنيد أكثر عدالة وانفتاحا فى بناء النخبة السياسية بمعناها الواسع؟ والأهم هل يعانى المجتمع المصرى بالفعل انغلاقا طبقيا وجمودا فى معايير التجنيد السياسى فيه؟
فى الإجابة على السؤال الأول، فقد تراجعت بالفعل حدة الجدل المجتمعى المشار إليه بدرجة كبيرة فور استقالة الوزير يوم الاثنين الماضى، ونظنها ستنزوى تماما وتختفى خلال أيام معدودة بما لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وبدا مع هذا التراجع تحول كبير فى مضمون الجدل من انتقاد طبيعة العلاقات الطبقية فى مصر إلى احتفاء بانتصار كل من شارك فى حملة الانتقادات لتصريحات الوزير المستقيل، انتصار يعجب المرء أنه لا ينبع من حل أزمة العلاقات الطبقية التى عبروا عنها فى انتقاداتهم، بقدر ما ينبع من شعور موهوم بالانتصار على السلطة. بعبارة أخرى، باتت مجرد استقالة الوزير عنوان للانتصار وليس الوصول إلى إصلاح حقيقى للمشكلات التى تعانيها مصر سلطة ومجتمعا. وفى الواقع فإن هذا النمط من الخطاب السياسى والمجتمعى الذى يختزل مشكلات مصر فى مجرد صراع مع السلطة القائمة، دون أى معالجة حقيقية للعوامل الهيكلية لتلك المشكلات، بقدر ما بات يمثل مظهرا من مظاهر العجز الفكرى والمعرفى عن تحديد العوامل الحقيقية لمشكلاتنا، فقد بات بذاته أحد عوامل تفاقم تلك المشكلات لأنه يغيب الاقتراب الإيجابى من المشكلات وحلولها الممكنة عن فضاءات الحوار السياسى والمجتمعى فى البلاد لمصلحة التنافس على السلطة أو معها.
وتقدم تلك الحالة العدمية من اختزال كل الحوار السياسى والمجتمعى فى محاولة نفى سلطة قائمة إجابة سلبية عن السؤال الثانى، ذلك أنه مرة أخرى يكتفى من يتصدرون مشهد إدارة أى حوار أو جدل مجتمعى بمجرد استغلاله سياسيا دون التفات حقيقى لسبل حل ما أثاره من مشكلات أو تلبية ما يعبر عنه من احتياجات. وفى الواقع، فإن افتقار النخبة أو قادة الرأى لهذه القدرة على الاقتراب الإيجابى مع قضايا المجتمع، أو تغافلهما عنها سعيا وراء أطماع سلطوية تتغذى من معاناة الناس وآلامهم، لن يكون له من نتيجة سواء الانزواء لسريع لأمثال هؤلاء من المشهد السياسى ونفيهم اجتماعيا، وهو ما شهدنا أمثلة كثير له منذ حراك 25 يناير 2011 الثورى، لكن المعضلة أن المجتمع، فى غضون ذلك، سيواصل سعيه للحثيث للحياة وإن كان بمعايير شائهة وسلبية.
إذا كان الاستغلال السلبى لمشكلات المجتمع أحد المظاهر الخطيرة التى كشف عنها الجدل الذى أثارته تصريحات الوزير المستقيل، فإن لا موضوعية الطرح، أو بمعنى أدق تشوه الطرح من قبل الوزير ومنتقديه، يعد مظهرا من المظاهر شديدة الخطورة التى كشف عنها هذا الجدل فيما يتعلق بتعريف ماهية مشكلاتنا بداية قبل البحث فى سبل حلها. ونظن بداية أن حديث الوزير عن عدم ملائمة الوسط الذى ينتمى إليه ابن عامل نظافة بسيط ليكون مصدرا للتجنيد للمناصب القضائية لا يعكس نزوعا إلى الانغلاق الطبقى، بقدر ما يعكس رؤية مشوهة لمعايير الترقى الطبقى. فالمؤكد أن المجتمع المصرى شهد منذ منتصف السبعينيات صعود الكثير من أمثال هؤلاء الذين كانوا يمتهنون مهنًا بسيطة من حيث الدخل إلى مراكز طبقية أعلى بمعايير الدخل ومستوى المعيشة، إما بسبب ازدياد الطلب على الخدمة أو المنتج الذى يقدمونه، مثل كثير ممن يعملون فى مجال العقارات والبناء أو الأطعمة الشعبية أو حتى ممن يعملون فى مجال جمع القمامة أو إعادة تدويرها وغيرهم؛ وإما بسبب إمكانية حصول البعض على دخول مرتفعة نتيجة أنشطة غير مشروعة مثل تجارة السلاح أو المخدرات وقدرتهم على غسيل الأموال الناتجة هن هذه الأنشطة، أو نتيجة الالتحاق بالعمل فى بلاد ذات متوسط دخول مرتفعة عما هو موجود فى مصر.
كل هؤلاء لم يكونوا بأى حال موضوعا لعزل طبقى بسبب خلفياتهم المهنية أو الطبقية، وأصبحوا يشكلون جزءا مهما من الطبقة الوسطى المصرية بل وأضحى بعضهم يحظى بمكانة اجتماعية، وأحيانا سياسية متميزة. وسرعان ما تغيرت بالمثل المسميات التى تستخدم لتوصيف انتمائهم المهنى لتلائم وضعهم الاقتصادى الجديد ولتتيح لهم اندماجا سهلا فى الطبقات الجديدة التى ارتقوا عليها ولعل أبرز الأمثلة لذلك هو التوسع الشائه فى مفهومى «رجل الأعمال»، ولاحقا «الحاج» ليستوعبا، وبالمخالفة لمدلولاتهما الأولى الإيجابية، هذا الطيف المتزايد وغير المتجانس من الصاعدين طبقيا. بعبارة أخرى، لا يبدو أن المجتمع المصرى يعرف انغلاقا طبقيا صارما مثلما توحى تصريحات الوزير المستقيل، أو حتى تقييدا طبقيا كبيرا مثلما كان عليه الحال قبل ثورة يوليو 1952. لكن ما تعكسه تصريحات الوزير، وما غيبته الانتقادات التى واجهتها، هو تشوه معايير الترقى الطبقى وعدم تجانسها، لتصبح مثلما عكسه فهم الوزير المستقبل قاصرة على الوضع المادى، بغض النظر عما تأسس عليه هذا الوضع المادى من نمط إنتاج أو قيم أكثر رقيا أو تحضرا أو حتى التزاما خلقيا أو قانونيا. كيف حدث هذا التشوه، وهل من سبيل لتجاوزه، هو ما سنحاول مناقشته فى مقال لاحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.