المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    مياه الإسكندرية تجتاز زيارة التجديد والمراجعة لخطط سلامة ومأمونية المياه    محمود فوزي: استمرار قوانين الإيجار القديم الاستثنائية في مصر بلا مراجعة أدى لإهدار القيمة المادية والعقارية    الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاق الشراكة مع إسرائيل بسبب منع المساعدات لغزة    البحرين تعزي مصر في ضحايا سقوط طائرة تدريب عسكرية    فرصة لا يمكن إهدارها.. دي بروين يحرم مرموش من أول أسيست بالدوري الإنجليزي (فيديو)    الإسماعيلي يفوز على طلائع الجيش بركلات الترجيح ويصعد لنصف نهائي كأس عاصمة مصر    محمد عامر: الرياضة المصرية تنهار بفعل فاعل.. وصمت هاني أبو ريدة "مدان"    مراجعة نهائية شاملة.. أبرز 16 سؤالا فى الاستاتيكا لطلاب الثانوية العامة    عرض ناجح للفيلم المصري "عائشة لا تستطيع الطيران" بمهرجان كان السينمائي الدولي    فرص عمل فى الأردن بمرتبات تصل إلى 22 ألف جنيه شهريا .. اعرف التفاصيل    غرق ثلاثة أطفال داخل ترعة بالدقهلية أثناء الاستحمام    لامين يامال يغازل أرقام ميسي التاريخية    جميلة وساحرة.. إطلالة لميس رديسي في مسابقة ملكة جمال العالم (صور)    "نعتذر وعبد الحليم كان يبحث عن ربة منزل".. بيان جديد من أسرة العندليب بشأن سعاد حسني    أكثر من 100 مليون دولار.. فيلم «Final Destination: Bloodlines» يتربع على عرش شباك التذاكر العالمي    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    فيديو- أمين الفتوى: قوامة الرجل مرتبطة بالمسؤولية المالية حتى لو كانت الزوجة أغنى منه    حكم الاحتفال بعيد الميلاد.. أمين الفتوى: احتفل بما يفرحك واجعله فرصة للتأمل في حياتك مع الله    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    الحليب قد يسبب الصداع للبعض- إليك السبب    نقيب المحامين يحذر من القرارات الفردية في التصعيد بشأن أزمة الرسوم القضائية    جولة تفقدية لوزير السياحة والآثار بدير أبومينا ومارمينا بالإسكندرية    البابا تواضروس ووزير السياحة ومحافظ الإسكندرية ومديرة اليونسكو يتفقدون مشروع حماية منطقة أبو مينا الأثرية    حملة مكبرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالقليوبية    عيدان ألكسندر: كنّا نجلس مع السنوار في شقق ومساجد وحتى في الشارع    موعد مباراة الزمالك القادمة أمام بتروجيت في الدوري المصري والقناة الناقلة    طرح 15 ألف وحدة لمتوسطي الدخل في 15 محافظة (تفاصيل)    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    بكلمات مؤثرة.. دنيا سمير غانم تحيي ذكرى رحيل والدها    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية رشوة وزارة الري    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات بين الأهلي ووادي دجلة (مستند)    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    «لسه بدري عليه».. محمد رمضان يعلن موعد طرح أغنيته الجديدة    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    لتجنب الإصابات.. الزمالك يعيد صيانة ملاعب الناشئين بمقر النادي    الجيش الصومالى يشن عملية عسكرية فى محافظة هيران    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    وفاة عجوز بآلة حادة على يد ابنها في قنا    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    «السجيني» يطالب الحكومة بالاستماع إلى رؤية النواب حول ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى جدل الحراك المجتمعي: انغلاق طبقي أم معايير ترقٍّ شائهة؟ «1-2»
نشر في التحرير يوم 15 - 05 - 2015

هل تنهى استقالة وزير العدل المصرى السابق محفوظ صابر حالة الجدل المجتمعى الواسعة التى أثارتها تصريحات له تحفظ فيها على تولى أبناء بعض الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا ممثلا بعمال النظافة مناصب قضائية؟ وهل يعد هذا الجدل المجتمعى المنتقد فى مجمله لمعانى الانغلاق الطبقى والنخبوى التى تم تأويلها من تصريحات وزير العدل دليلا على مجتمع يسعى إلى تكريس نموذج أكثر حرية وعدالة للانفتاح الطبقى والحراك الاجتماعي؟ وهل تعد تلك الاستقالة فى ذاتها مؤشرا موضوعيا لتوجه الدولة نحو تبنى معايير تجنيد أكثر عدالة وانفتاحا فى بناء النخبة السياسية بمعناها الواسع؟ والأهم هل يعانى المجتمع المصرى بالفعل انغلاقا طبقيا وجمودا فى معايير التجنيد السياسى فيه؟
فى الإجابة على السؤال الأول، فقد تراجعت بالفعل حدة الجدل المجتمعى المشار إليه بدرجة كبيرة فور استقالة الوزير يوم الاثنين الماضى، ونظنها ستنزوى تماما وتختفى خلال أيام معدودة بما لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وبدا مع هذا التراجع تحول كبير فى مضمون الجدل من انتقاد طبيعة العلاقات الطبقية فى مصر إلى احتفاء بانتصار كل من شارك فى حملة الانتقادات لتصريحات الوزير المستقيل، انتصار يعجب المرء أنه لا ينبع من حل أزمة العلاقات الطبقية التى عبروا عنها فى انتقاداتهم، بقدر ما ينبع من شعور موهوم بالانتصار على السلطة. بعبارة أخرى، باتت مجرد استقالة الوزير عنوان للانتصار وليس الوصول إلى إصلاح حقيقى للمشكلات التى تعانيها مصر سلطة ومجتمعا. وفى الواقع فإن هذا النمط من الخطاب السياسى والمجتمعى الذى يختزل مشكلات مصر فى مجرد صراع مع السلطة القائمة، دون أى معالجة حقيقية للعوامل الهيكلية لتلك المشكلات، بقدر ما بات يمثل مظهرا من مظاهر العجز الفكرى والمعرفى عن تحديد العوامل الحقيقية لمشكلاتنا، فقد بات بذاته أحد عوامل تفاقم تلك المشكلات لأنه يغيب الاقتراب الإيجابى من المشكلات وحلولها الممكنة عن فضاءات الحوار السياسى والمجتمعى فى البلاد لمصلحة التنافس على السلطة أو معها.
وتقدم تلك الحالة العدمية من اختزال كل الحوار السياسى والمجتمعى فى محاولة نفى سلطة قائمة إجابة سلبية عن السؤال الثانى، ذلك أنه مرة أخرى يكتفى من يتصدرون مشهد إدارة أى حوار أو جدل مجتمعى بمجرد استغلاله سياسيا دون التفات حقيقى لسبل حل ما أثاره من مشكلات أو تلبية ما يعبر عنه من احتياجات. وفى الواقع، فإن افتقار النخبة أو قادة الرأى لهذه القدرة على الاقتراب الإيجابى مع قضايا المجتمع، أو تغافلهما عنها سعيا وراء أطماع سلطوية تتغذى من معاناة الناس وآلامهم، لن يكون له من نتيجة سواء الانزواء لسريع لأمثال هؤلاء من المشهد السياسى ونفيهم اجتماعيا، وهو ما شهدنا أمثلة كثير له منذ حراك 25 يناير 2011 الثورى، لكن المعضلة أن المجتمع، فى غضون ذلك، سيواصل سعيه للحثيث للحياة وإن كان بمعايير شائهة وسلبية.
إذا كان الاستغلال السلبى لمشكلات المجتمع أحد المظاهر الخطيرة التى كشف عنها الجدل الذى أثارته تصريحات الوزير المستقيل، فإن لا موضوعية الطرح، أو بمعنى أدق تشوه الطرح من قبل الوزير ومنتقديه، يعد مظهرا من المظاهر شديدة الخطورة التى كشف عنها هذا الجدل فيما يتعلق بتعريف ماهية مشكلاتنا بداية قبل البحث فى سبل حلها. ونظن بداية أن حديث الوزير عن عدم ملائمة الوسط الذى ينتمى إليه ابن عامل نظافة بسيط ليكون مصدرا للتجنيد للمناصب القضائية لا يعكس نزوعا إلى الانغلاق الطبقى، بقدر ما يعكس رؤية مشوهة لمعايير الترقى الطبقى. فالمؤكد أن المجتمع المصرى شهد منذ منتصف السبعينيات صعود الكثير من أمثال هؤلاء الذين كانوا يمتهنون مهنًا بسيطة من حيث الدخل إلى مراكز طبقية أعلى بمعايير الدخل ومستوى المعيشة، إما بسبب ازدياد الطلب على الخدمة أو المنتج الذى يقدمونه، مثل كثير ممن يعملون فى مجال العقارات والبناء أو الأطعمة الشعبية أو حتى ممن يعملون فى مجال جمع القمامة أو إعادة تدويرها وغيرهم؛ وإما بسبب إمكانية حصول البعض على دخول مرتفعة نتيجة أنشطة غير مشروعة مثل تجارة السلاح أو المخدرات وقدرتهم على غسيل الأموال الناتجة هن هذه الأنشطة، أو نتيجة الالتحاق بالعمل فى بلاد ذات متوسط دخول مرتفعة عما هو موجود فى مصر.
كل هؤلاء لم يكونوا بأى حال موضوعا لعزل طبقى بسبب خلفياتهم المهنية أو الطبقية، وأصبحوا يشكلون جزءا مهما من الطبقة الوسطى المصرية بل وأضحى بعضهم يحظى بمكانة اجتماعية، وأحيانا سياسية متميزة. وسرعان ما تغيرت بالمثل المسميات التى تستخدم لتوصيف انتمائهم المهنى لتلائم وضعهم الاقتصادى الجديد ولتتيح لهم اندماجا سهلا فى الطبقات الجديدة التى ارتقوا عليها ولعل أبرز الأمثلة لذلك هو التوسع الشائه فى مفهومى «رجل الأعمال»، ولاحقا «الحاج» ليستوعبا، وبالمخالفة لمدلولاتهما الأولى الإيجابية، هذا الطيف المتزايد وغير المتجانس من الصاعدين طبقيا. بعبارة أخرى، لا يبدو أن المجتمع المصرى يعرف انغلاقا طبقيا صارما مثلما توحى تصريحات الوزير المستقيل، أو حتى تقييدا طبقيا كبيرا مثلما كان عليه الحال قبل ثورة يوليو 1952. لكن ما تعكسه تصريحات الوزير، وما غيبته الانتقادات التى واجهتها، هو تشوه معايير الترقى الطبقى وعدم تجانسها، لتصبح مثلما عكسه فهم الوزير المستقبل قاصرة على الوضع المادى، بغض النظر عما تأسس عليه هذا الوضع المادى من نمط إنتاج أو قيم أكثر رقيا أو تحضرا أو حتى التزاما خلقيا أو قانونيا. كيف حدث هذا التشوه، وهل من سبيل لتجاوزه، هو ما سنحاول مناقشته فى مقال لاحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.