لم تخل ردود فعل المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى على استقالة وزير العدل المستشار محفوظ صابر بسبب تصريحاته الرافضة لتولى أبناء عمال النظافة مناصب بالقضاء، من تباه وفخر بنجاحهم بالضغط من أجل إقالة الوزير خاصة بعد تدشينهم ل"هاشتاج" يطالب بإقالته منذ أمس الأول. شعارات ك"احنا هنفضل الأقوى" و"الدوشة اللى عملناها مشت الوزير" و"ابن عامل النظافة أقال الوزير" و"وزير العدل أُقيل من شوية بسبب بوستاتنا علي الفيس وتويتر واحنا صوتنا بيوصل ومؤثرين في تقويم السلطة".. كانت محصلة تغريدات الزهو والفخر التى تبادلها المصريون فيما بينهم للتهنئة على استقالة وزير العدل الذى وصفوا تصريحاته بالعنصرية والمخالفة للدستور وتحض على التمييز. وبرغم الغضب من تصريحات الوزير المستقيل إلا أن إصراره على ما قاله وتمسكه به خلال مداخلة هاتفية بأحد البرامج عقب إعلان استقالته قائلا "ما قلته مصمم عليه ومقتنع بيه لأن هو ده الواقع والناس مش عاجبها، وأنا بنسحب من أجل مصر ومجلس القضاء هو المختص بالتعيينات وليس أنا" دفع البعض للإشادة بصراحته وإعادة التأمل فيها خاصة أن ذلك مطبق بالفعل فى بعض الوظائف بقطاعات الجيش والقضاء والداخلية والخارجية والأجهزة السيادية. فأعرب البعض عن دهشتهم من ردود الفعل الغاضبة على تصريح الوزير عقب استقالته وكأنه المسئول الوحيد عما يحدث من تمييز أو كأن المجتمع فى حالة إنكار متعمد هربا من واقع مسكوت عنه يعجز عن تغييره فصب جام غضبه على الوزير أو كونه يغط فى حالة من الغفلة و"مش عارف البلد ماشية ازاى"، على حد تعبيرهم. وأشاروا إلى أن تصريحات الوزير أحرجت المسئولين والسلطة فى ظل استمرار تبنى سياسات التمييز الاجتماعى بشكل غير معلن بهذا المستوى من قبل أجهزة الدولة المختلفة. وارجع البعض استقالة الوزير ونجاح حملة الضغط الشعبية التى أدت لاستقالته إلى كون مطلب الاستقالة كان يمثل سقفًا منخفضًا يمكن للسلطة أن تتجاوب معه مقارنة بمطلب الإصلاح الكلى وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسات القضاء والداخلية. خاصة وأنه مطلب واضح ومحدد توحد عليه الجميع بعيدًا عن الاستقطاب السياسي المسيطر على المشهد وإن كان مغلفًا بنزعة أخلاقية ومجتمعية جعلته على قمة النقاش بين الشعب بمختلف المستويات، بالإضافة إلى ما يشهده البيت القضائي من خلافات وانقسامات انعكست على توازنات القوى للأطراف المختلفة فى تلك الأزمة. وفى ظل ذلك يرى هؤلاء أن استقالة وزير العدل ربما لا تكون انتصارًا للثورة ولكنها انتصار لرد الفعل المجتمعى الواعى لحقوقه والتمسك بها للضغط على الحكومة، لافتين إلى أن إقالة الوزير لن ينتج عنها أى تغيير فى سياسات التعيين بالقضاء والنيابة والخارجية والداخلية أو أى مناصب سيادية وسيظل أيضا ممنوع على أبناء عمال النظافة وغيرهم من البسطاء الوصول لأى منصب فى تلك المؤسسات. واعتبروا أن الصراع منذ اندلاع ثورة يناير وحتى الآن ليس سياسي بحت بل هو صراع متشابك يمتزج فيه السياسي والاقتصادى بالاجتماعى الطبقى وأن الثورة نجحت فى إحداث تغيير جزء من الوعى الجمعى وكسر تابوهات رسخها نظام مبارك حول هيبة الطبقة العاملة فى قطاعات بعينها بالدولة مثل الجيش والقضاء والداخلية وإبراز صورة واقعية لهم ولإخفاقاتهم. كما اعتبروا أنه ليس معنى إقالة الوزير رفض الحكومة الاعتراف بالواقع ولكن رفضها أن يتم فضح ذلك الواقع بعد ثورتين قامتا ضد نظام فاسد وضد التوريث ولكن التوريث مازال موجودًا ومسكوت عنه ومعمول به فى كل الوظائف سواء السيادية أو حتى العادية بمباركة الدولة. وبرغم إشادتهم بالاستجابة السريعة من السلطة لمطالبتهم بإقالة الوزير؛ أكد المصريون عبر تغريداتهم المرحبة باستقالة وزير العدل أن إقالة الوزير غير كافية بدون تغيير السياسات التى تتبعها الدولة، مطالبين السلطة الحالية باتخاذ إجراءات تضمن تفعيل بنود الدستور المجرمة للتمييز بمختلف أشكاله ومستوياته وإصدار قانون لمكافحته وتجريمه وإنشاء المفوضية العليا ضد التمييز وإلغاء كشف الهيئة والواسطة والمحسوبية و وقف توريث المناصب والوظائف. وبعيدا عن محاولة قراءة ما يحيط باستقالة وزير العدل تفجر نقاش آخر مثل مستوى من المكاشفة حول النفاق الاجتماعى والنظرة الطبقية المتغلغلة فى المجتمع المصرى، وانعكاس ذلك فى التناقض بين الثورة غضبا دفاعا عن مبادىء وقيم بعينها وبين عدم تبنى تلك القيم من قبل المدافعين عنها. وأكد رواد مواقع التواصل الاجتماعى أن المجتمع ومنظومته بأكملها فى حاجة لحراك شامل من أجل إحداث تغيير فى تلك المنظومة حتى لا تكون داعمة للتمييزوالعنصرية والطبقية وغيرها من القيم السالبة بالتعايش معها وممارستها رغم الغضب والثورة ورفض الإعلان عنها.