ما سمى (خطأ) بالربيع العربى كان البداية. بدأ الأمر فى تونس، ثم مصر، وتلتهما ليبيا، فسوريا، وانطلق التطرف يسفر عن أنيابه ووحشيته، وقسوته، وأساليبه الشيطانية النابعة من الغضب والغل والحقد والكراهية، والبعيدة كل البعد عن الإسلام، والقريبة كل القرب من الشيطان. ولأنهم يدبرون مؤامرة لشعوب متديّنة بالسليقة، فقد تاجروا باسم الدين، ليسقطوا كل مكارم الأخلاق، التى بعث النبى، صلوات الله وسلامه عليه ليتمّها، دون أن يدرك من يتبعونهم، إلى أى منزلق شيطانى يسقطون، وبدلا من أن تكون الدعوة إلى سبيل الله، عز وجل، بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمر سبحانه وتعالى، فى آية صريحة، ليدخل الناس فى دين الله أفواجًا، سجدوا للشيطان، واتبعوا أساليبه، ومارسوا أعمالا وحشية بالفظاظة وغلظة القلب، لينفروا الناس من دين الحق أفواجًا، وليربح الشيطان لعبته، ويبعد الناس عما أمر به الخالق، جل جلاله. فى تونس ومصر أبرز الإخوان أنيابهم، وفى العراق والشام استبد تنظيم داعش واستأسد، وفى اليمن توحّش الحوثيون، وسعوا جميعًا للسيطرة على مقاليد العالم العربى، وتحويله إلى بؤرة إرهاب، وعاصمة للشيطان، يطلق منها زبانيته على العالم كله، كل هذا كان بمباركة أمريكية، تستهدف تقسيم العالم العربى، وتفكيكه، وإعادته ألف عام إلى الوراء، حتى يصير عاجزًا عن المنافسة لألف عام قادمة، ولكنهم يمكرون ويمكر الله المعز المذل بهم، والله المنتقم الجبار خير الماكرين. ما دبروه طوال عقدين ونصف لتفكيك العالم العربى، أدى -ولأول مرة- إلى اتحاد العرب، وتآزرهم، وتحوّلهم إلى قبضة واحدة، بجيش عربى مشترك، طالما حلمنا به وتمنيناه. التطرّف صنع خطرًا مشتركًا فى المنطقة العربية، فاتحد الكل لمواجهته، أكثر من مرة، فى هذا العمود، ربطت بين النازية والتطرف، فالنازية كانت لها طموحات استبدادية مثل التطرّف، ولتحقيقها، مارست أبشع وأحط الوسائل، وأكثرها حقارة ووحشية، وكذلك فعل التطرّف والنازية عرّضت العالم لخطر مشترك، فتآزر الكل ضدها، كما يحدث فى المنطقة العربية الآن، والنازية وسّعت رقعة الصراع، فتفكّك تماسكها، وعجزت عن التصدى لمحاربيها، كما أخطأ التطرّف بهذا أيضًا، والنازية انتهت نهاية ساحقة مذلة مهينة، وكذلك سينتهى التطرّف بإذن الله. والبدايات تقول هذا، فالحوثيون يكذبون، ويحاربون بالشائعات وصفحات النت المحتالة، وهذا إن كان يعنى شيئًا، فهو يعنى أنهم يدركون حتمية هزيمتهم. وتكريت تحرّرت، وداعش انهزم هناك هزيمة مهينة، تجعلنى أربط هذا بغزو نورماندى، فى الحرب العالمية الثانية، والذى كان بداية النهاية للنازية، أنصار النازية أيضًا ظلوا يتحدّثون عن النصر، حتى عندما كان الروس على مسافة كيلومتر واحد من مخبأ هتلر، كما سيظل يفعل المتطرفون، حتى الرمق الأخير، هذا لأنهم مثل النازيين تمامًا، لا يضعون احتمالا واحدًا فى تريليون أن يكونوا على خطأ، نحن نشهد البداية أيها السادة، بداية النهاية لأخطر حرب يواجهها العالم العربى فى تاريخه، حرب بين الحضارة، والتطرّف.