التطرّف الدينى فى أوجه.. بدأ فى السبعينيات من القرن العشرين، كنزعة عصبية انتقامية، ترى أن المجتمع فاسد منحل، وتكره المجتمع، الذى وقف ساكنًا، عندما أطاح بهم نظام الزعيم عبد الناصر، الذى لا يكرهون فى الكون كله أكثر منه «بعد الزعيم السيسى بالطبع».. ومع الوقت تضاعف غضبهم من المجتمع، وحوّلوه من فاسق إلى كافر، وتحوّلوا بالدين إلى صراع مسلّح على السلطة، وحاولوا تغييب عقول البسطاء، وإقناعهم بأن ما يسعون إليه هو رفعة الدين.. ومع الكابوس العربى، نجحوا فى القفز على عدة أنظمة عربية، وكعادتهم الشيطانية الوحشية، تحوّلوا إلى ذئاب مفترسة لا تعرف الإنسانية ولا الرحمة، وترتكب من المذابح والأهوال ما لم يرتكبه المغول والتتار، ولم تبلغه النازية، مع كل جرائمها الوحشية، وعلى عكس ما يتصوّرون، «وهم دومًا حمقى التصوّر مختلو الفكر، شيطانيو النزعة» كان صعودهم إلى السطح، وانقلابهم إلى أتباع شيطان، يتخذون الشيطان وليًّا، متصورين أنهم الأتقياء، هو المواجهة العالمية الأخيرة، بين التطرّف والمدنية، المتطرفون بوحشيتهم ودمويتهم ونزعاتهم الشيطانية، واحتقارهم القيم الآدمية الإنسانية، فى مواجهة الحضارة العالمية، التى هبّت للدفاع عن نفسها، ضد أعداء الحضارة والبشرية وكل الأديان، المواجهة الحاسمة، التى ستحدّد مستقبل الحضارة، ولا تخدعنكم الانتصارات الوقتية للدعاشنة، فهذا بالضبط ما حققته النازية فى البداية، لكن القاعدة الدنيوية لا تسمح للوحشية بالصعود النهائى، ولم تسمح بذلك منذ الأزل، ولن تسمح به، حتى نهاية الكون، ولا تنخدعوا أيضًا بحديث الوحوش عن الدين، فالدين من عند الله سبحانه وتعالى، الله الرحمن الرحيم، الله عزّ وجلّ، الذى خلق الكون، بمخلوقاته وجوامده، والذى هو رحيم، حتى إنه يرزق مَن كفروا به، فكيف يطلب العزيز الحكيم من بضع خلقه التعامل بوحشية رهيبة، مع البعض الآخر؟! أليس هو المعز المذل، الذى خلقنا أجمعين؟! المؤيدون ل«داعش» يحاولون تصوير الحرب ضده، باعتبارها حربًا ضد الدين، فى حين أنها فى الواقع حرب من أجل الدين، وضد أتباع الشيطان، الذين يدعون الدين والإيمان، حرب من أجل الحضارة والإنسانية، ضد مَن يهدمون الحضارة، ويذبحون الإنسانية.. التطرّف اليوم، وهو فى أَوَجِه، أشبه بعالم عبقرى، زادت عبقريته، حتى تجاوز الشعرة الفاصلة، وانقلب إلى الجنون.. التطرّف أيضًا زاد وتطوّر، حتى بلغ مرحلة الكفر والشرك.. من شدة تطرّفهم سقطوا فريسة للشيطان، الذى زيّن لهم كل شروره، وأخرج كل سيئاتهم، حتى إنك تسأل نفسك: كيف يمكن لبشرى أن يرتكب كل هذه الفظائع، مع أخٍ له فى البشرية؟! كيف بالله عليكم؟! وكيف يرتكبها، ثم ينسبها زورًا وبهتانًا إلى دين الرحمة والعدل؟! مرة أخرى، التطرّف بلغ أَوَجَه، وعليت موجته مع الكابوس العربى، وبدأ مواجهته الكبرى والأخيرة والحاسمة، مع الحضارة البشرية كلها.. والسؤال هو: مَن ينتصر فى النهاية «داعش» وأنصاره، أم دين الله الرحمن الرحيم.. الحقيقى؟!