رقصَت مع الأمير وفرحَت وأحبّها هو حتى اقتربت عقارب الساعة من الثانية عشرة، فتركَته وجرَت لتعود لحياتها البائسة كما اتفقت مع الساحرة الطيبة (هوّ دايمًا بيبقى فيه فصلان كده فى الساعات الحلوة)، ولكنها تركت وراءها حذاءً. ولأن الأمير «له قرايب مهمين» استطاع أن يلفّ البلد كله حتى وجد السندريلا صاحبة الحذاء الذى لا يتشابه مقاسه مع مقاس أى حذاء لفتاة أخرى من البلد لأن «المخرج عايز كده». كان الحذاء هنا فى تلك القصة الخيالية سببًا للسعادة المُنتظرة. المعروف أنه كان اعتراضًا على العدوان الثلاثى على مصر، ولكن مصادر تقول إنه كان اعتراضًا على تنديد الفلبين بسياسات الاتحاد السوفييتى الذى لم يسمح به رئيس الاتحاد حينها نيكيتا خروتشوف. أيًّا كان سبب الاعتراض، ولكن تصور أن رجلاً روسيًّا اسمه خروتوشوف (اسم يخوّف كأنه اسم سلاح) غاضب الوجه ينزع حذاءه ويخبط به على مائدة اجتماع الأممالمتحدة ليوضّح مدى اعتراضه. حذاء أدخل اعتراضًا التاريخ. بعد الغزو وبعد الحرب وبعد الكذب وبعد القتل وبعد التشريد وبعد التدمير وبعد الإهانات، جاء بوش لزيارة العراق فى نهاية فترته، وتم عقد مؤتمر صحفى لإقرار الاتفاقية الأمنية. وكان الصحفيون يجلسون يسألون ويستمعون فى أدب القرود المعتاد، ثم فجأة وفى آخر المؤتمر قام منتظر بإلقاء زوجَى حذائه نحو الرئيس الأمريكى، وتماسك الرئيس كالطفل الرخم اللى لما تضربه يقول لك برضه ماوجعتنيش . المهم، لو حاولت القراءة عن منتظر الزيدى لن تجد له إنجازا شديد التميز كصحفى، لن تجد أى عمل مميز سوى قذف بوش بالحذاء كردّ أرضَى أغلب العرب. حذاء صنع بطولة. حكت لنا مدرّسة اللغة العربية فى الصف الثانى الابتدائى قصة نتعلم منها الرفق بالحيوان بعد أن رأت طالبًا يحاول أن يؤذى قطة فى أثناء الفسحة، وهى القصة المبنية على حديث له روايتان: رواية بطلها رجل، وأخرى بطلتها مومس. وهى أن رجلاً (أو مومسًا) رأى كلبا يلهث من العطش، فنزع حذاءه وملأه بالماء وسقاه، فدخل الجنة (أو غفر الله للمومس ودخلت الجنة).. أيًّا كان، رجلاً أو مومسًا، وأيًّا كان مدى إيمانك بالأديان، لكنها قصة فيها الحذاء كان وسيلة للرحمة. منذ عامين، فى برنامج لطونى خليفة رأيت ضيفًا لا أعرف اسمه يتناقش مع شيخ سلفى اشتهر بصريخه هاتولى راجل ، وفى احتدام النقاش وتضارب الآراء قال الشيخ محمود شعبان للضيف: والله ليا حذاء ألبسه ، فى إشارة إلى أنه هيقوم يديله بالجزمة . وردّ الضيف: ده أنا هامرمطك . حذاء لا يُذكر. حين تأملت، وجدت أنه حتى الأحذية لها أدوار مختلفة الأهمية عبر التاريخ ولها علاقة بسلوك صاحبها. أقصد، إذا اخترت أن تكون حذاء من تلك الأحذية التى عرضت سابقًا، أيها ستختار؟