كتب: إسلام أبو خطوة .. عدسة : علي السيوفي مواطنة: "مش هتحرك إلا لما أضمن حقى" عالم من المهمشين والبسطاء لا يحلمون سوى بحياة آدمية.. منازل آيلة للسقوط، وأهالي حياتهم مهددة بالموت تارة من الإهمال الجسيم الذى يحيط بهم، وتارة أخرى من الأمراض التى سادت بينهم جراء أتلال القمامة التى تراكمت أمام منازلهم، وعدد آخر يعيشون داخل منازل أشبه ب"البدروم"، يعتليها نيران مشتعلة تنبعث منها روائح كريهة... إنها منطقة "تل العقارب"، التي تبعد عن محطة مترو السيدة زينب أمتارا قليلة، تفصلها "درجات سلم" عن حي السيدة زينب الراقى. ولم تكن "التحرير" بعيدة عن أهالي منطقة "تل العقارب" ومطالبهم، ورصدت شكواهم خلال زيارة ميدانية عايشت فيها معاناتهم. كهوف المحروسة "إحنا كل يوم بنستشهد".. هكذا بدأت حليمة صبرى إحدى قاطنات المنطقة حديثها بعدما خرجت من منزلها الأشبة بالكهف، وينخفض مستواه عن أرض المنطقة متران، الأمر الذى جعل المنزل من الداخل ظلام دامس فى فترات النهار والليل. وأضافت حليمة: " أنا وولادى ساعات بحس إننا أموات.. بل الأموات مكرمين آدميًا عننا". وتابعت: "ابنى أصيب ب(فيروس سى)، زى كتير من أبناء الأهالى هنا بسبب تلوث الهواء بالأتربة والروائح الكريهة التى تنبعث من أتلال القمامة التى تعتلى المنازل وتراكمت بجوارها أيضًا"، وأشارت صاحبة الأربعين عاما إلى أنه فى فصل الصيف تبصح المنطقة مرعى للزواحف المميتة مثل العقارب والثعابين وغيرها من الزواحف التى هددت حياة عدد كبير من الأسر. كما قالت حليمة إنها تتمنى أن تتخلص من المنطقة وترحل فى أى مكان آخر بشرط أن تضمن حقوقها فى التملك من الشقق المعروضة من المحافظة، وأن تكون مساحتها مناسبة للمعيشة بداخلها. وأعربت حليمة عن قلقها عندما علمت بأن سكان العشوائيات من المناطق الأخرى عرض عليهم شقق فى مناطق بعيدة مثل العاشر وغيرها، وقائلة: "لو هموت تحت بيتى مش هتحرك إلا لما أضمن حقى وحق ولادى". استئناس عقارب من جانبه قال خلف عبد العال: "اتلدغت من التعابين.. بس ربنا موجود"، وذكر حادثة تعرضه للدغة ثعبان: "عندما استيقظت شعرت بشيء ألمس يسير على جسدى، عندها فقدت الإحساس حتى استيقظت ووجدت نفسى فى المستشفى". وتابع خلف حديثه قائلا إن أهالى منطقة "تل العقارب" لا يملكون سوى مساورة مياه واحدة، تعمل من الساعات الأولى من الصباح وحتى وقت الظهيرة، وفى أغلب الأيام تكون هذه الفترة هى فقط التى تتواجد بها لماء لدى المنطقة وبعدها يقوم الأهالى بملء الماء من المقاهى التى تجاور المنطقة حتى يستطيعون قضاء حاجاتهم. كما قال حمدى عبد الهادى، إن الأهالى القاطنين بالمنطقة يعانون كثيرا من الإهمال الصحى، مشيرا إلى أن المئات من الأطفال لقوا مصرعهم ثمنا للجهل وعدم الوعى، وتابع: "لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، لكن نسبة الأمية هنا تبلغ 90%، ولا تستطع الأمهات توعية أبنائهن". وأضاف عبد الهادي أن عددا كبيرا من الأهالى يعتمدون على تربية الماعز والأغنام حتى يستطيعون تلبية حاجات أبنائهم من المأكل والملبس، قائلا: "نقوم بتربيتها والاستفادة من ألبانها، وبعد ذلك ذبحها للاستفادة من لحومها، أو بيعها أحيانا لتوفير أموال لسد احتياجات الأبناء". جدير بالذكر أن محافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد، أكد أن وزارة الإسكان ووزارة الدولة للتطوير الحضرى والعشوائيات، وافقتا على إنشاء وحدات إعاشة مؤقتة بعدد 500 وحدة، شاملة المرافق للإيواء المؤقت لسكان منطقة "تل العقارب" بقيمة تقديرية 14.5 مليون جنيه.