تقاسما لحظة الميلاد، فتقاسما الملامح كما تقاسما الحلم والفكرة لكنهما لم يتقاسما الشهرة، اليوم تحل ذكرى ميلادهما، فمنذ مئة عام وعام ولدا ليصبحا بعد سنوات قليلة عملاقي الصحافة العربية والتوأم الأشهر في بلاط صحابة الجلالة على ومصطفى أمين، أصل الحكاية وبداية شارع الصحافة. بيت الأمة تجرعا علي ومصطفى أمين، السياسة منذ الصغر، وعشقا الحرية والاستقلال، لأنهما عاشا في بيت زعيم الأمة مصطفي أمين، سنوات طفولتهما، وكانا شاهدان على تفاصيل ثورة 1919 حيث كانا يبلغان من العمر أربع سنوات وقت اندلاعها، فقرابتهما من السيدة صفية زغلول سمحت لهما بالتواجد في كواليس بيت الأمة دوما. مجلة الحقوق لم يكونا طفلان عاديان، وكان أهم ما ميزهما حلمهما الذي نبت في وجدانهما منذ نعومة أظافرهما، فلم يرا كل منهما نفسه إلا صاحب قلب ورسالة، فلم ينتظرا مرحلة النضج، ولا البلوغ وأصدرا معا مجلة الحقوق التي كتباها بالقلم الرصاص على صفحات كارسهما وهما لم يتخطيان الثمانية أعوام بعد، تلك المجلة التي اهتما فيها بتغطية أخبار بيتهما، ومتابعة أهم ما يحجث فيه وأخبار الزوار والضيوف والشغالة والطباخ، ليتطور الأمر وتتحول المجلة إلى مجلات، فكما اهتما بأخبار البيت، اهتما أيضا بأخبار المدرسة فأصدرا مجلة "سنة ثالثة ثالث" في عام 1924، ثم مجلة "عمارة البالي" التي اهتمت بأخبار أولاد الحي والجيران. وانتقالا من أخبار البيت والمردسة والحي، انتقلا التوأم للاهتمام بأخبار الوطن، فأصدرا "التلميذ" التي اهتمت بالشؤون السياسية وهاجمت الحكومة فتم إيقافها، ليصدر التوأم مجلة "الأقلام" التي لاقت المصير نفسه. أخبار اليوم ولأنهما اهتما بتحويل الحلم الصغير إلى واقع ملموس يشهد الجميع بتميزه، قرر التوأم علي ومصطفى أمين أن يمتلكا أول دار صحفية تشبه الدور الصحفية الأوربية، فكانت دار "أخبار اليوم" التي تم تأسيسها في 1944، لتصدر جريدة أخبار اليوم اليومية التي حقق أول أعدادها انتشارا كبيرا لفت الانتباه إليها. دار "أخبار اليوم" التي أكدت للجميع بعد نظر التوأم الذي اختار منطقة من أشد مناطق القاهرة فقرا، والتي تمتلأ بالعشوائيات والبلطجية وقرر أن تكون مقرا لدار أخبار اليوم لتتحول مع الوقت لمركز تجمع النجوم والمفكرين والمثقفين في مصر وأنحاء العالم العربي، ويحارب الجهل بالقلم والكلمة. وأصبحت دار "أخبار اليوم" نواة شارع الصحافة الجديد، الذي أصبح مع الوقت قِبلة النجوم والمفكرين، ففيه تجد أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وكامل الشناوي وشادية ونجاة وفاتن حمامة وغيرهم. شهرة مصطفى على حساب علي لم يستطع أحد حتى الآن أن يكشف سر شهرة مصطفى أمين الطاغية على حساب أخيه على، فكلاهما كان له بصمته الخاصة في الصحافة، وكلاهما ارتبط بنجوم الصف الأول في السياسة والفن والأدب، لكن هذا لم يشفع لعلي عند الجمهور. فكثرت أخبار مصطفي، وتعددت الشائعات حوله، وحول علاقاته بالنجوم، فالبعض يؤكد زواجه السري من أم كلثوم والذي دام 11 عاما على عهدة رتيبة الحفني، والبعض يؤكد زواجه من الدلوعة شادية التي أهداها رائعته معبودة الجماهير التي كتبها من خلال سجنه بعد اتهامه في قضية جاسوسية، وهي القضية التي حُكم عليه فيها بالسجن 9 سنوات، وهي نفس السنوات التي قرر أخيه علي أن يعيشها بعيدا عن مصر لحين الإفراج عن توأمه. ورغم أن علي أمين كان صاحب عمود "فكرة" وصاحب فكرة عيد الأم وعيد الحب، إلا أنها كلها أشياء نسبها الجمهور إلى أخيه مصطفى، ربما لأن رحيل على المبكر في عام 1976 جعل الأجيال الجديدة لا تعرفه كثيرا وترتبط بدورها بمصطفي أمين الذي واصل عمود فكرة بعد رحيل أخيه، حتى لحق به في عام 1997.