كتب محمود السيوفى: للمرة الثالثة تواصل التحرير الكشف عن الأسباب الحقيقية التى تسببت فى تحول قطاع البترول المصرى، من قطاع كبير يحقق مكاسب كبيرة، وينهض بالاقتصاد القومى إلى قطاع يعانى، ولا يستطيع حتى توفير احتياجاته الضرورية، فى حين أنه كان فى فترة من الفترات يتحمل فشل قطاعات أخرى تعجز عن تدبير التزاماتها، ويقوم بتدبيرها. فى هذا العدد تكشف التحرير عن حريق حقل التمساح والتحول الجذرى فى موارد الهيئة العامة للبترول، وحقل التمساح هو حقل بحرى يقع فى نطاق مدينة بورفؤاد، وهو عبارة عن منصة بحرية تحتوى على عشر آبار، تنتج كميات كبيرة من الغازات تصل ما بين 500 و800 مليون قدم مكعب يوميا، والحقل يتبع شركة بترول بلاعيم بتروبل وهى شركة مشتركة بين هيئة البترول وشركة إينى الإيطالية، وينتج الحقل من المياه العميقة بالبحر المتوسط بضغط 400 ضغط جوى، وهى ضغوط مرتفعة جدا، والغاز الناتج من الآبار يختلط بالرمال ومع الضغط المرتفع للغاز ووجود الرمال يحدث نحر أو تآكل فى مواسير الآبار، وتضطر العمليات إلى وقف البئر التى تحدث بها المشكلة، وتقوم بتأجير حفار عملاق لتغيير المواسير التالفة. ويتم ذلك من خلال ضخ عمود من الطفلة له ضغط هيدرو ستانيكى يعادل ضغط الخزان الأرضى أو يزيد عليه قليلا، مما يوقف خروج الغاز من الخزان الأرضى. وهذه العملية، رغم تكاليفها الباهظة من حيث تعطيل الإنتاج وتأجير حفار عملاق، فإن لها مخاطر عدة تتمثل فى خطر الاندفاع الغازى وخطر الحريق، وقد جرب العاملون بشركة بتروبل كل السبل الممكنة للحد من تأثير الرمال الناتجة مع الغاز فى إحداث تآكل أو نحر فى المواسير، وكانت أفضل الطرق هى تقليل الضغط الخاص بالغازات الناتجة عن طريق التحكم فى فتحة البئر عند السطح، وهذا بالطبع أدى إلى نقص الإنتاج. وفى شهر أغسطس 2004 أحضرت شركة بتروبل الحفار العملاق سنتافى أدرياتيك 1 وأجرى الحفار عملية لتغيير المواسير المتآكلة، ووضع مواسير جديدة وضبط فتحة البئر مع الضغوط المطلوبة حتى يقل معدل التآكل، ونظرًا لأن هذا الأمر قد قلل الإنتاج بنسب بسيطة، فقد تساءل وزير البترول وقتها سامح فهمى عن سبب النقص، فشرحوا له الأسباب، فصرخ قائلا الغاز ده بنصدره للأردن وهو فى الأصل يصدر لإسرائيل، متابعًا: الحفار يرجع ويعيد كل شىء كما كان ، وبالفعل عاد الحفار وكانت الكارثة، حيث حدث اندفاع غازى أكثر من مرة، ثم مع الاندفاع الغازى الأخير قام مهندس الحفار بإخلاء المنصة، بعدها حدث الحريق واستمر أكثر من 45 يومًا حتى تم إطفاؤه من خلال حفارات عملاقة، بعمل حفر مائل عن طريق ضخ الأسمنت فى مسام الطبقة المنتجة لسدها حتى يتوقف الحريق. وقد أدى الحريق إلى دمار المنصة بالكامل، وكذا دمار الحفار التابع للشركة الأمريكية سنتافى وقد تم تعويض شركة سنتافى عن طريق التأمين، أما تعويض بتروبل فليس هناك ما يثبت أنه تم، وتوقف الإنتاج فى حقل التمساح لمدة عامين ونصف إلا أن سامح فهمى، وفى عيد البترول، فى نوفمبر من نفس العام 2004، قال إن حقل التمساح عاد للعمل والإنتاج، ونظرًا لشكوى الأردن وإسرائيل من عدم وصول الغاز بالكميات المتفق عليها بسبب قرارات فهمى المدمرة، أصدر سامح فهمى قراره بتحويل الغاز الموجود فى شركتى جاسكو و سوكو وغيرهما من الشركات إلى الشبكة القومية، ليتم ضخه إلى العريش للتصدير لإسرائيل. ونظرًا إلى أن هذه الشركات كانت تستخدم هذه الغازات فى إنتاج الزيت الخام عن طريق الحقن والرفع بالغاز، فقد اشتكى الشركاء الأجانب من أخذ الغاز من الشركات عنوة، حفاظًا على مصلحة إسرائيل دون النظر إلى مصلحة مصر، وعندها قال سامح فهمى أنا هاتصرف وكان التصرف هو الاتفاق مع الجزائر لتوريد غاز وسولار، وطلبت الجزائر الدفع مقدمًا، وهو ما جعل سامح فهمى يطلب قرضًا من مؤسسة تمويل أمريكية تدعى مورجان ستانلى قيمته 28 مليار دولار، وأرسلت الشركة لجنة للتقييم قبل فتح العرض، وقابلت اللجنة رؤساء شركات البترول وزارت المواقع، ثم أقرت بعدها القرض، ليتحمل قطاع البترول قرضًا كبيرًا بسبب سياسات وقرارات خاطئة تسببت فى خراب قطاع البترول، وظل البنك الأهلى المصرى والهيئة العامة للبترول لسنوات طويلة تسدد القرض. وعندها قام رئيس هيئة البترول بإبلاغ يوسف بطرس غالى بالظروف المالية الصعبة التى تعيشها الهيئة، فقام على الفور بإبلاغ رئيس الوزراء وقتها أحمد نظيف، والذى قام هو أيضًا بإبلاغ مبارك الذى رفض تغيير سامح فهمى، ثم كانت الخطوة الرابعة والمدمرة والتى تسببت فى أزمات يعيشها الشارع المصرى حاليا، حيث اتفق سامح فهمى مع وزارة الكهرباء على الحصول على الغاز اللازم لتشغيل المحطات وتعويضه بالسولار الأرخص سعرًا لكى يصدر الغاز لإسرائيل. بعد كل هذه التصرفات من سامح فهمى اتخذ قرارًا غريبًا تسبب فى تحول الهيئة العامة للبترول من هيئة مستقلة تمتلك كل مواردها إلى هيئة لا تستطيع تدبير التزاماتها، حيث تمت إعادة تشكيل مجلس إدارتها وإدخال وزارة المالية عضوًا فيها، وأصبحت مواردها من مبيعات المنتجات البترولية تدخل إلى وزارة المالية التى لم تكن تدفع للهيئة ثمن حصة الشريك الأجنبى من الزيت والغاز، وتراكمت الديون للشركاء الأجانب على الهيئة، ووصلت إلى مليارات الدولارات. ثم إنشاء الفرعونية بنفس النظام وبنفس الشركاء، والفارق الوحيد هو أن الفرعونية لها منصة إنتاج ولديها غاز، ثم بعدها قام ببيع البترول البريطانية وحقل أبو الغراديق كاملًا لشركة أباتشى الأمريكية بثمن بخس مليار و200 مليون دولار فقط.