بعد علاقات مصرية أمريكية، على العقود الماضية، تشهد العلاقات المصرية الروسية، انطلاقة جديدة بزيارة الرئيس فلاديمير بوتين، للقاهرة، بعد غدٍ الاثنين، التي سيجري خلالها مباحثات هامة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، في توجه وتوسع في العلاقات الخارجية وتنويعها. وتتطرق المباحثات، إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وبحث عددٍ من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والوضع في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصةً في العراق وسوريا وليبيا والقضية الفلسطينية. وتعتبر زيارة بوتين للقاهرة نقطة فارقة في تاريخ علاقات الصداقة التي تربط بين البلدين، سعيًا وراء البناء على أسس العلاقات المتينة والقوية التي تربط روسيا ومصر منذ فترة الاتحاد السوفيتي السابقة في ظل سياسة خارجية جديدة للقاهرة تسعى من خلالها إلي إحداث توازن في علاقاتها بدول العالم في أعقاب ثورتي 25 يناير، و30 يونيو. وفي ظل التحليلات الخاصة بالتوقف عن التبعية للولايات المتحدةالأمريكية، وما ذهبت إليه التحليلات من أن ثورة 30 يونيو قضت على هذه التبعية، أكد مراقبون أهمية توقيت هذه الزيارة التي تأتي في الوقت الذي تسعى فيه مصر إلى الحصول على دعم الدول الصديقة في حربها ضد الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي خاصة مع روسيا وحثها على المشاركة في المشروعات التي ستطرح في مؤتمر الاقتصادي الدولي في مارس المقبل، في شرم الشيخ. وحظي الرئيس السيسي خلال زيارته لروسيا مرتين العام الماضي بترحاب كبير وحار من الرئيس بوتين، حيث كانت الأولى خلال توليه منصب وزير الدفاع في فبراير الماضي، في موسكو، والثانية بعد توليه منصب رئيس الجمهورية وكانت فى أغسطس الماضي حيث التقيا بمنتجع سوتشي. كما شهدت الفترة الماضية لقاءات وزيارات مصرية روسية رفيعة المستوى، بينها زيارة فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة، لموسكو، في سبتمبر الماضي، والمباحثات الهامة التي عقدت بين سامح شكري، وزير الخارجية، مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، على هامش اجتماعات الأممالمتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي. وشارك نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف، في مؤتمر إعادة إعمار غزة في أكتوبر الماضي، وزيارة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، لموسكو، نوفمبر الماضي، وأخيرًا زيارة نائب رئيس وزراء روسيا، أركادي دفوركوفيتش في ديسمبر الماضي، والتي جاءت للإعداد لزيارة بوتين لمصر. وذكر تقرير لسفارة روسيا بالقاهرة، اليوم، أن مصر منذ زمن طويل شريك هام للاتحاد السوفيتي، وروسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا، مضيفًا أن الاتحاد السوفيتي ساعد مصر في إقامة 97 مشروعًا صناعيًا، بينها سد أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان، ومصنع الألمنيوم بنجع حمادي، الذي استمر يلعب دورًا هامًا في الاقتصاد المصري. وأكد التقرير أن التعاون الاقتصادي بين البلدين استمر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ولكن في الأعوام الأخيرة شهد نموًا ثابتًا حيث تخطى حجم التبادل التجاري بين البلدين أربعة مليارات و600 مليون دولار عام 2014 بنمو يقدر ب 80%، بالمقارنة ب مليارين و945 مليون دولار عام 2013. وتشمل الصادرات الروسية لمصر البترول ومنتجاته بقيمة مليار و100 مليون دولار، والحبوب 980 مليون دولار، والأخشاب 431 مليون دولار، والحديد ب 412 مليون دولار، وقطع الغيار ووسائل النقل البري ب 283 مليون دولار، وزيت عباد الشمس 288 مليون دولار. وتتضمن الصادرات المصرية لروسيا بقيمة إجمالية 520 مليون دولار، وتشمل البرتقال والحمضيات بقيمة 182 مليون دولار والبطاطس بقيمة 172 مليون دولار، والبصل بقيمة 34 مليونًا و700 ألف دولار، والملابس والنسيج بقيمة 32 مليونًا و600 ألف دولار. وتشير إحصاءات الوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة أن مليونين و180 ألف روسي زاروا مصر خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2014 بزيادة تقدر ب 32% من بينهم مليون و890 ألف سائح روسي بالمقارنة ب مليون و650 ألف زائر روسي عن نفس الفترة من عام 2013، مؤكدًا أن مصر تحتل ثاني أكبر مقصد سياحي للروس في العالم . وأوضح التقرير أن اللجنة الحكومية المصرية الروسية حول التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي عقدت اجتماعًا، في سبتمبر الماضي، في موسكو، برئاسة منير فخري عبد النور، ووزير الزراعة الروسي، نيولاي فيدوروف. واللافت فى ملف العلاقات بين مصر وروسيا أن كلا الجانبين يبحثان آفاق التعاون في عدة مجالات، وهذا التعاون يشمل تحديث وتطوير المشروعات التي أقيمت بمساعدة الخبراء السوفيت من بينها محطة الطاقة الكهرومائية في أسوان وإقامة منطقة صناعية خاصة مشتركة لتصنيع الآلات الزراعية ليتم توزيعها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فضلاً عن مشروع لصناعة السيارات الروسية في مصر وإفريقيا، وتوريد الغاز الطبيعي المسال من شركة "جاز بروم" وتوريد القمح ومشاركة شركة "روساتوم" في بناء محطة كهرباء نووية.