«سيناء مصرية وستظل مصرية، أرضا وبشرا، وعلى من يريد التحدث معنا، أن يتوجه إلى رئيسنا جمال عبد الناصر، فى منشية البكرى بالقاهرة». هكذا تحدث المحامى سعيد لطفى عثمان، فى مؤتمر دولى رعاه الاحتلال. الفضيحة الدولية رتبها أبناء أرض القمر مع عاصمتهم، القاهرة، وأجهزتها السيادية بتنسيق مباشر مع عبد الناصر، لتُعرف وطنيا ب مؤتمر الحُسنة ، 31 أكتوبر 1968. قبلها، توهمت إسرائيل أنها عزلت قطاعا من البدو عن أمهم، مُصدرة سجينا جنائيا، سلام البس، أطلقته ورشحته ملكا لدولة سيناء، وعرضت على المشايخ والأعيان دعما ماديا ودبلوماسيا لإقامتها. أبلغ الشيخ سالم الهرش القاهرة، وسافر عثمان إلى عمان للقاء اللواء عادل فؤاد، قائد مكتب المخابرات العامة والمسؤول عن منظمة سيناء العربية، وتم رسم السيناريو. أقنع أهلنا قيادة الاحتلال، موشى ديان، بتنظيم مؤتمر إعلامى حاشد لإعلان مملكتهم، لتفاجأ جولدا مائير، أمام مندوب استدعته من الأممالمتحدة وسفراء الغرب، وتجهيزات هوليوودية، بمشايخ أرض الفيروز ينفذون كمينا بدويا قاهريا: رئيسنا جمال عبد الناصر . أعقبه اعتقال فورى ل120 من مشايخ وشباب سيناء، على رأسهم الهرش وعثمان. سيناء، الواد المُقدس، يُخايل كل المشاريع القومية، فهى جزء من خرائط أوهام: إسرائيل الكبرى، إيران الفارسية، تركيا الطورانية، سوريا الكبرى، والسعودية.. التى سعت لضمها عام 1920. والآن المشروع الغربى، القديم الجديد، لاقتطاع جزء منها لصالح غزة الكبرى ، فى تناغم مع مخطط إخوانى كشفه سعد الكتاتنى مبكرا، تعليقا على كسر آلاف من حماس ل حدودنا ، أمام دستة محررين برلمانيين: ما نديهم حِتة من سينا.. إحنا بنعمل بيها إيه؟ (!!). وحين وصلوا للحكم حولوها، فعليا، إلى مرتع لدواعش وهم الخلافة. واد مقدس، عليه تمحورت شروط الكتلة الصلبة الثلاثة، حين استطلع رأيها فى اتفاقية السلام . أولها: تطوير منظومة صواريخ تتوافق مع قراءتها لشكل الحروب المقبلة. الثانى: ثلاثة أنفاق تربطها بالوادى الأم، لم ينفذ منها سوى (الشهيد أحمد حمدى).. متأخرا عن موعده. الثالث: خطة قومية لتعميرها وتوطين 4- 5 ملايين مواطن. عادت سيناء إلى الوطن مع حكم مبارك، الذى أهدر لا نظامه أبسط مقومات الدولة. أمنيا، لدينا توصيف الأستاذ هيكل لأسلوب تعامله مع سيناء بخصوصيتها الجغرافية/ الثقافية.. ليونة على الأرض.. خشونة مع البشر . وحشية الشرطة، وإجهاض خطة التعمير حولا حلم الدمج القومى إلى بذور كراهية، لنقرأ عن غضب يورثُ السوداءَ/ حقدٌ يأكلُ الأسوارَ التى تعلو ببطءٍ ، كما كتب الشاعر السيناوى سالم أبو شبانة، وننزف مع كل خروجة للدواعش من الكهوف والأنفاق.. و الزَّرْوُبْ . الزَّرْب ، حفرة على شكل البيضة، فوهتها ضيقة ومجوفة فى أسفلها، لتدفئة صغار الماعز فى الشتاء، طورها الدواعش لتستوعب ما متوسطه عشرة منهم، وسط ربع مليون مواطن، فى محيط طوله 45 وعمقه 12 كيلومترا. قبل كمين الحُسنة ، لم يتمكن عبد الناصر من خدمة ولا تنمية سيناء، لكنه أشعرهم بالأهم.. بمصريتهم. تغييب مبارك العمدى للأجهزة السيادية، التى أجادت التناغم مع أهلنا فيها، أعمى الدولة معلوماتيا، لصالح منظومة شُرطية غبية ، خلفت شروخا واختراقات، اجتماعية وثقافية وأمنية، ندفع ثمنها من دماء أولادنا. رمّم ما خلّفه مبارك، استعد روح الحُسنة أولا، وبعدها: أطلق نيرانك، لا ترحم. حينها، فقط، ستتطهر أرض القمر.