حتى حكم البراءة الذى صدر، أول من أمس، بحق المتهمين فى قضية «حمام باب البحر» ظلَّت المخرجة والإعلامية منى عراقى، على يقين من أنها فعلت ما يرضى ضميرها. عراقى أكدت أن التنسيق مع الداخلية كان واجبًا لحماية المتهمين من بطش أهالى المنطقة، لو أنها بثَّت الحلقة دون معرفة رجال الشرطة بالأمر. صاحبة برنامج المستخبى عرضت فى الحلقات التالية للحلقة الأزمة، ما يؤكد أن قنوات عالمية نقلت نفس الوقائع من قبل وصوَّرت فتيات الليل وهن شبه عرايا فى قبضة الشرطة، وذلك فى إطار مكافحة انتشار مرض الإيدز. حسنًا، سيظل الجدل مستمرًّا حول المسموح والممنوع فى مواكبة كاميرات التليفزيون لهذا النوع من القضايا، وسيكون على كل قناة إثبات أنها فعلت ذلك لحماية المجتمع. وأن المتهمين مذنبون فعلًا، لكن بما إن متَّهمى باب البحر أصبحوا أبرياء الآن. يصبح السؤال عن ردّة الفعل المطلوبة مهنيًّا وأخلاقيًّا من قناة القاهرة والناس ومنى عراقى. مشوار عراقى مع الأفلام الوثائقية والتحقيقات الاستقصائية لم يشهد من قبل الوقوع فى خطأ بهذه الفداحة، بالعكس قدَّمت حلقات غاية فى الأهمية والتأثير، بالتالى من الظلم مقارنتها بإعلاميين آخرين يرتكبون حماقات مهنية كل أسبوع. لكن فى الوقت نفسه التمسُّك -مثلًا- بأن براءة المتهمين جنائيًّا لا تعنى أنهم أبرياء فى الحقيقة، مبرر من الصعب قبوله ولن يقلل من عاصفة الغضب المحيطة بعراقى وبالقناة. هل تعرَّضت عراقى للخداع من المصدر؟ هل خطَّط أحدهم لتشويه سمعة الحمام لأغراض تجارية؟ هل حدثت مبالغات فى وصف ما يجرى فى الحمام بشكل أقنع فريق المستخبى أن الأمر يستحق المخاطرة بسمعة البرنامج؟ علامات استفهام لن تجيب عنها إلا منى عراقى. المستخبى بعد الحمام لن يكون كما كان قبله مهما تعدُّدت محاولات تجاوز هذه الأزمة. بالتالى فإن الاعتذار عما جرى مطلوب أولًا قبل التفكير فى ما يجب فعله لتعويض المتهمين عما طالهم من أذى بعدما أصبحوا أبرياء بحكم محكمة.