ألم تستمع إلى هذا الرأى يتردد فى الشارع «يستحقون، ألم يسخروا من الرسول والإسلام؟» نعم هناك من يشرع الاغتيال للمختلف دينيا وفكريا، ويرى فى الحادثة البشعة للصحيفة الفرنسية «شارلى إيبدو» وراح ضحيتها 12 صحفيا جزاء مستحقًّا، وهو ما ينبئ بكارثة قادمة لو لم نتنبه حقيقة لتنامٍ مشفوع بموافقة ضمنية لاستخدام أقصى وأقسى درجات العنف للمختلف. مع الأسف صارت ممارسات قطاع من المسلمين تنسج ملامح مشوهة للإسلام، صورته الذهنية ثابتة تكاد تنحسر فى خنجر وسيف ورصاصة وقنبلة وبعدها تستمع إلى الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وفى لحظات يتم تنفيذ حكم القتل وتتناثر الدماء، وترى من يجز رأس الضحية ويمسكها من شعرها وتتدلى الرقبة مع قطرات الدماء، ما الذى تتوقعه من مواطن غربى يشاهد تلك اللقطات التى صارت أكليشيه فى العديد من الفضائيات، ما إجابته عندما تسأله عن الإسلام؟ على الجانب الآخر ما الذى فعلناه نحن لتقديم الصورة الصحيحة للإسلام؟ هل حاولنا أن نخاطب العالم الغربى ونُصدر له صحيح الدين؟ الإجابة كلنا نعرفها، بددنا طاقتنا فى إدانة من يشوه الإسلام، عندما تنتشر العديد من الجماعات الإرهابية فى العالم القاعدة و بوكو حرام و داعش وغيرها، ما الذى تتوقعه من إنسان يستقى معلوماته من أجهزة الإعلام ويجد أن كل هذه الجماعات تنشط تحت راية الإسلام وهى تعلن أنها تستند إلى آيات قرآنية صريحة وأحاديث نبوية صحيحة -من وجهة نظرها بالطبع- تتيح لها إزهاق الأرواح والقتل بسكين بارد؟ هل تتوقع صورة أخرى غير ترسيخ دموية الإسلام. لم ولن تكون حادثة الهجوم على صحيفة شارلى إيبدو هى الأخيرة فى تلك السلسلة التى تلعب الدور الأكبر فى ضرب الإسلام، بل سوف نسمع بين الحين والآخر عن حوادث مماثلة. على الجانب الآخر أتوقع أن نرى مزيدًا من الرسوم والأفلام والمسلسلات والمقالات المسيئة إلى الإسلام والرسول الكريم. المؤسسة الدينية الرسمية فى مصر لا تلعب دورها فى تقديم صورة الإسلام الصحيح، بل مشغولة بمعركة السنى والشيعى ولا تقترب مثلًا من إدانة داعش ، كما قال شيخنا الجليل شيخ الأزهر د.أحمد الطيب: طالما يرددون الشهادتين فهم مسلمون، هل من الممكن أن يحصر الإسلام فى نُطق الشهادة؟! الرسوم المسيئة هى مؤامرة غربية على الإسلام.. ممكن أن تجد فى هذا الرأى ما يرضيك، وهكذا جاء الانتقام كعقاب مستحق فى توقيت مواكب لميلاد الرسول الكريم، لكن أمعن التفكير: هل هم يتآمرون على الإسلام؟ أم أنهم يقدمون فى تلك الرسوم ما وصل إليهم عن الإسلام؟ تابع عددًا من الأفلام الأجنبية وسوف تجد فى لقطات هامشية أن هناك من يقيم الصلاة، وفى لحظة يشهر مسدسه أو يقول مثلًا السلام عليكم وبعدها نكتشف أنه قاطع طريق، ألا ترسخ تلك المشاهد انطباعًا سيئًا عن الإسلام؟! الشهر القادم سوف يعرض فى افتتاح مهرجان الفجر بإيران فيلم عن الرسول الكريم منذ ميلاده وحتى العاشرة من عمره، الفيلم إخراج مجيد المجيدى، كل ما فعله الأزهر الشريف أنه هاجم الفيلم قبل أن يراه أحد، رغم أن الهدف المعلن هو أن يقدم للعالم كله صورة صحيحة عن طفولة النبى عليه الصلاة والسلام، ليعرف العالم الكثير عن سماحة الإسلام. أزهرُنا صامت، بينما الفضائيات تمتلئ بقتلة يرفعون راية الإسلام! نحن نُصدر لهم المادة الخام المسيئة إلى الدين، وآخرها هذه الحادثة البشعة، وهم يصنعون منها أفلامًا أو رسومًا مسيئة.