تجددت الخصومة بمدينة قوص بين عائلتي «الشرفا والعتامين»، أمس، مما أسفر عن مصرع شاب في منتصف العقد الثاني من العمر ينتمي لعائلة العتامين، بعد التربص له من قبل أفراد من عائلة الشرفا، وأطلقوا عليه وابلا من الأعيرة النارية وقتلوه ب 30 رصاصة في جسده انتقاما منه ومن عائلته. الثأر المتشعب وترجع أحداث خصومة "الشرفا والعتامين" إلى عام مضى، حين قام أحد أطراف العائلتين بالتشاجر على أولوية المرور فقام أحد أفراد عائلة العتامين بتصويب طعناته لطالب بالثانوية العامة لفظ أنفاسه الأخيرة إثرها، لتنطلق شرارة الثأر ويسدد أطراف النزاع وابلا من الأعيرة النارية صوب بعضهما، ويسقط قتيل آخر، ويقوم أحد الأهالي بنقله المستشفى، فتقتحم عناصر من عائلة سعدالله "أقارب العتامين" المستشفى لقتل "فاعل الخير" ظنا منهم أنه من عائلة القتيل بالرغم من إقراره أمامهم أنه لا ينتمي لعائلته، وإنما نقله فقط للمستشفى، فتصر عناصر العتامنة على تصفيته بوابل من الرصاص فتنتهي حياته وتبدأ سلسلة موسعة ومتداخلة من الثأر تمتد بين أربعة عائلات بالمدينة. الموت بالسلاح يساوي الموت بالخوف أن تخرج من بيتك أو لم تخرج، فالموت مصيرك وإن جانبك حظك في الثأر سيصيب أحد أهليتك لتحال من مسالم إلى مسلح وفقا لقواعد المعيشة بالصعيد، وإن لم يكنة هذا أو ذاك من الطبيعي أن يدرك الموت شخصا نتيجة تواجده بين 4 جدران بمنزله خشية الخروج والتعرض للقتل وهناك من فقد عقله أيضا لوجوده بمنزله فترة طويلة لم يتمكن من التعامل مع الآخرين والخروج للشارع خشية الموت قتلا. الثأر المتشابك خلّف على مدار عام حتى الآن 10 قتلى من 4 عائلات، وإصابة ما يزيد عن 9 أشخاص، وحاولت لجنة المصالحات والقيادات الأمنية صلح ذات البين، لكنها لم تتمكن من ذلك، فالجميع متمسك برأيه في أنه حريص على ثأره، وبعض أفراد العائلات يلوذ بالفرار بعيدًا عن المدينة حرصا على حياتهم وحياة أبنائهم، خاصة وأن الخصومات الثأرية لم تعد تنتقي القاتل ولكن من هو أفضل في العائلة حتى وإن كان ليس لديه دخل في الأمر. وتقوم قوات الأمن الآن بالمدينة بفرض ونشر قواتها بين العائلتين ونشر مصفحات ومدرعات لأمن المركزي وضباط بحث ونظاميين للحد بين أطراف الخصومة. مدن قنا مدينة نقادة أيضا لم تخل من هذه الخصومات، فبالأمس اندلعت مشاجرة بين عائلتي الساحل والدسوقي بسبب ممر بينهما خاص بالدولة كل منهما أراد وضع يده عليه، ليتطور الأمر باستخدام الأسلحة النارية، ويسفر عن مقتل طالب في أوائل العقد الثاني من العمر من عائلة دسوقي وإصابة 3 آخرين بينهم اثنان من عائلة الدسوقي، تم نقلهم لمستشفى الأقصر الدولي في حالة حرجة، وجميعهم يقيمون بقرية الأوسط قامولا. احتياطات أمنية وقامت مديرية أمن قنا بالدفع بتعزيزات أمنية للحد بين أطراف الخصومة وتوجه على الفور نائب مدير الأمن لقطاع الجنوب للقرية حتى لا يتطور الأمر، وانتقل الحكمدار لمدينة قوص برفقة نائب مدير الأمر لتدريب الأفراد والسيطرة على الموقف، وقامت القوات بالمدينة بضبط 7 أشخاص من عائلة الشرفا وآخر من عائلة سعد الله لإجراء التحقيقات معهم في واقعة تفريغ خزينة سلاح آلي في شاب أخذًا بالثأر. الثأر لايدع الصغير ولا الكبير وفي مدينة فرشوط شمال محافظة قنا ومنذ 4 أعوام تحديدًا عام 2010 ، اندلعت المشاجرة بين عائلتي السحالوة والمخالفة وتستمر حتى الآن، أودت بحياة 11 شخصا وإصابة آخرين بالعائلتين وعائلات أخرى قتل لهم أبناء عن طريق الخطأ. وأصيب طفل يبلغ من العمر 12عاما بطلق ناري بالبطن عن طريق الخطأ أثناء توصيل والدته وشقيقته للمنزل وتم استئصال جزء من أمعائه الغليظة نتيجة الحادث وقام والده بمنعه من المدرسة إلا في حال ذهابه معه لتأمينه. وفي نفس المدينة وقعت خصومة جديدة بعزبة شاهين بين عائلتي سعيد وعلام أسفرت عن مصرع 5 أشخاص بينهم طفل عمره 5 سنوات، إثر تلقيه طلقات نارية بالرأس، واستغاث أهل القرية بقوات الأمن تارة والمنظمات الحقوقية تارة أخرى لوقف نزيف الدماء وحصار العائلتين لبعضهما بعضا إلا أن أزمتهما قائمة حتى الآن دون حلول. الغرفة التجارية:150 تاجرا نزحوا خوفا من الثأر وصرح مسؤول الغرفة التجارية بفرشوط بأن هروب التجار من المدينة جاء عقب الكساد والركود الذين تعرضوا له إثر الخلافات التي أدت لنزوح ما يزيد عن 150 تاجرا لمدن مجاورة "كأبوتشت ونجع حمادي" بحثا عن لقمة العيش مؤكدا على أن خسارة التجارة وصلت في بعض الأحيان ما يزيد عن مليون أو 2 مليون لأن الغرفة كانت يوميا تحقق مكاسب تتراوح من 3 ملايين ل5 ملايين وذلك بسبب خصومة السحالوة والمخالفة. الغلابة: إحنا ذنبنا إيه!! وقال محمد حجاج، بائع خضار، أبحث عن لقمة العيش في تجارة البيع للخضر والفاكهة بفرشوط، معتبرا الثأر يسبب لهم أزمة حياتية بحتة، ويصعب عليهم ترك المدينة أيضا، ويضيف إبراهيم عبدالله يعمل أيضا بائع متجول، أيام الاشتباك المتواصل تغلق المحلات، قائلا "محدش بيحس بينا علشان إحنا ناس غلابة والسحالوة مش عايزة صلح علشان عيلة كلها ضباط حربية وشرطة ووزراء، محدش يقدر يقولهم تلت التلاتة كام، أما عائلة المخالفة عايزين يقولوا إنهم قدهم مش خايفين... إحنا مالنا إيه ذنبنا يرحوا يلخصوا على بعض في الصحرا بعيد عن المدارس ومعيشتنا". الأزهر على خط الصلح وقامت لجنة المصالحات وبعض القوى السياسية والقيادات الشعبية والتنفيذية والأمنية بالتدخل مرارا وتكرارا لإنهاء الخصومة بين عائلتي السحالوة والمخالفة خاصة عقب تساوي عددالضحايا 4 لكل منهما، وأرسل الأزهر الشريف لجنة بقيادة نائب وزير الأوقاف لحل الأزمة وإيقاف العنف بينهما عقب توقف الدراسة بالمدارس نتيجة الاشتباكالمستمر، وأن تتخذ كلا العائلتين هدنة عن النزاع لحين اتخاذ حلول ترضي كافة الأطرافوبعد استجابتهم للأمر ومرور بضع أيام اندلعت الاشتباكات مرة أخرى ولقى آخر مصرعه وهو ما أدى لقيام البعض لنفض يديه من الأزمة. وقال المستشار" أ. ا. س" من عائلة السحالوة: "إحنا لم نقتل القتيل الرابع لديهم - يقصد المخالفة- إنما قتل خطأ منهم، وبأيديهم ومع ذلك مطلوب مننا أن نعترف بقتلنا له"، مؤكدا "وده لا يمكن أبدا كيف نعترف بجريمة لم نرتكبها نحن مازال لنا قتلى ولهم ثأر يجب أن يؤخذ.. أما التصالح فهو أمر متروك إلى أن يرضينا كطرف له حقوق وضحايا لم يؤخذ بحقهم حتى الآن". وتبقى الخصومات الثأرية من الأعراف المقدسة التي لا يمكن التخلي عنها مهما بلغت درجة العلم لدى الأهالي خاصة وأن إحدى العائلات قامت بشراء أسلحة بقيمة مالية تقدر بما يزيد عن نصف مليون جنيه ليتسنى لها التعامل بالسلاح في خصومتها للانتصار. ووفقا لقسم الإحصاء بمديرية أمن قنا، فإن عدد الخصومات المفتوحة ولم تنته بالصلح حتى الآن "11 " حالة، وعدد ما يزيد عن 26 قتيلا على مدار العام حتى نهاية 2014، وأبرز الخصومات التي تجددت بين عائلتي الشرفا والعتامين بقوص جنوب محافظة قنا، وتليها في نقادة عائلتي الساحل والدسوقي، وفي فرشوط عائلتي السحالوة والمخالفةالمخالفة وترجع إلى 4 أعوام منصرمة. فإلى متى ستنتهي عادة الثأر بالمحافظة ؟ ومتى سيعيش أهلها بسلام دون الغرق في بحور الدماء؟ ..وهل حقا ستنجح الجهات الأمنية في السيطرة على هذه الأفكار وصلح ذات البين؟؟؟!