* مدير الأمن: 6 ملايين قطعة سلاح دخلت مصر عقب الثورة الخصومة بين «المخالفة» و«السحالوة» حصدت 20 قتيلًا ارتفعت معدلات جرائم الثأر فى محافظة قنا عما كانت عليه قبل ثورة يناير، حيث كانت خلال السنوات الثلاث السابقة على ثورة يناير تتراوح ما بين 5 إلى 9 حوادث سنويا، وصلت خلال سنوات ما بعد الثورة إلى ما يقرب من 80 حادثة خصومة ثأرية، بالإضافة إلى مئات حالات الاختطاف، بينها 65 حالة لاختطاف أقباط بمدينة نجع حمادى فقط من أجل طلب الفدية. وتمكنت الأجهزة الأمنية ولجان المصالحات الثأرية من عقد 20 مصالحة خلال الأشهر الستة الماضية من أصل 156 خصومة ثأرية مسجلة منذ عام 2002 بالإضافة إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة غير المرخصة. عدد كبير من القرى تعرف بقرى الدم والنار لما تشهده من خصومات وانتشار الأسلحة فطبيعة هذه القرى الجغرافية ومحاصرتها بالجبال تصعب من سيطرة الأجهزة الأمنية الكاملة عليها مثل قرى أبو حزام وحمردوم والسمطا والحجيرات وهى القرى الأكثر فى حوادث الثأر، ففى مدينة فرشوط شمال محافظة قنا، حصدت الخصومة الثأرية بين عائلتى «المخالفة والسحالوة» ما يقرب من 20 قتيلا خلال 3 سنوات، ورغم الجهود الأمنية والشعبية التى بذلت من أجل عقد مصالحة بين العائلتين المتخاصمتين، فإن جميعها باءت بالفشل بما فى ذلك جهود اللجنة التابعة للأزهر تحت إشراف الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. ومن فرشوط إلى مدينة قوص جنوبا حيث يشتعل الصراع بين عائلتى «العتامين والشرفة» والذى أدى إلى مقتل ما يزيد على 10 أشخاص على الأقل وفشلت أيضا جهود المصالحة بينهما، بل تطور الأمر لتصبح أول خصومة ثأرية تنتهك فيها حرمة الموتى ويتبادل أطراف العائلتين إطلاق الأعيرة النارية أثناء تشييع جنازة ميت وهو ما يتنافى مع جميع الأعراف والتقاليد الخاصة بالخصومات، فقضية الثأر فى محافظات الصعيد من القضايا الشائكة الموروثة، فهناك العشرات من الخصومات التى أودت بحياة المئات من الأشخاص. فبحسب قول غلاب عبيد، عمدة قرية المقربية ورئيس لجنة المصالحات الثأرية، فإن الثأر يعد من الموروثات الاجتماعية الصعيدية الموجودة منذ مئات السنين، لكن ازدياده بهذا الشكل يعود لاختفاء القبضة الأمنية عقب ثورة يناير، بالإضافة إلى حالة الانحدار الأخلاقى التى سادت فى ظل وجود طبقة جديدة من الشباب تحمل السلاح ولا تؤمن بفكرة المصالحات العرفية، وانحصار دور القيادات والرموز القبلية، كل ذلك ساهم فى زيادة معدلات الثأر بمحافظات الصعيد. لافتا أن الأمن كان يتحمل أكثر من 50% من حل المشكلات الثأرية قبل الثورة ويحد من وقوعها. وحول انتشار الأسلحة القادمة من الدروب الصحراوية عبر سلسلة جبال البحر الأحمر، ورواج هذه التجارة قبل ثورة 30 يونيو، قال أشرف حسين، مواطن، إن رواج تجارة الأسلحة كانت تديرها عصابات منظمة استهدفت زعزعة الاستقرار داخل القرى والنجوع وبين أبناء العائلات والقبائل من أجل التربح من بيع الأسلحة، فبعدما كان السلاح يتواجد فى أيدى وجهاء ورموز العائلات كنوع من الهيبة والدفاع عن النفس، تحول إلى ظاهرة فى أيدى الجميع، وأصبح وجوده أساسيا بكل منزل خصوصا داخل القرى، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأسلحة لأكثر من 300% عن قبل ثورة يناير. ففى قنا تنتشر 4 أنواع من البنادق الآلية، لكل منها سعرها ومميزاتها، فهناك البنادق الآلية الروسى والإسرائيلى «ومتعدد الطلقات» وسعرها ما بين 20 و35 ألف جنيه، أما الكورى والعراقى فهما الأقل انتشارا فسعرهما ما بين 15 و25 ألف جنيه وسعر الطلقة الواحدة 20 جنيها بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة مثل الجرينوف، فانتشار الأسلحة فى القرى وفى أيدى العائلات أصبح ينذر بحروب أهلية قادمة بين القبائل والعائلات ويزيد من النعرات القبلية والعصبية بينهم. من جانبه قال اللواء محمد كمال، مدير أمن قنا ل«الشروق» إن معظم قضايا الثأر تحدث نتيجة خلافات بسيطة على لهو أطفال أو حد أرض زراعية، وعندما تحدث الجريمة لا يوجه الأفراد الاتهام للقاتل من أجل الثأر ممن قتله، لافتا إلى أن انتشار زراعات القصب والطبيعة الجبلية والجغرافية الوعرة تجعل من جمع جميع الأسلحة والقضاء عليها عملية ليست بالبسيطة، وتحتاج إلى فرق أمنية مدربة مع إمكانيات عالية رغم كل ما يبذل من حملات أمنية على البؤر الإجرامية ونجاحها حتى الآن فى إعادة الأمن والاستقرار للمحافظة. وأشار كمال، إلى دخول ما يقرب من 5 أو 6 ملايين قطعة سلاح عقب ثورة يناير إلى مصر، ولا يمكن جمعها بأكمها فى وقت قليل، خصوصا فى ظل الدور الذى يقوم به جهاز الشرطة من مكافحة الإرهاب وتأمين المنشآت والمدارس والقطارات وكثرة الاعتصامات والإضرابات الفئوية، فنحن بحاجة إلى تكاتف الجميع من أجل حل المشكلات وقضايا الثأر، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من عقد 20 جلسة مصالحة ثأرية خلال الأشهر الستة الماضية وهناك خصومات أخرى سوف تجرى فيها مصالحات خلال الفترة المقبلة، وأن هناك العديد من الحملات على البؤر الإجرامية من أجل ضبط أكبر عدد ممكن من الأسلحة غير المرخصة.