الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    14 شهيدا إثر قصف الاحتلال خيام النازحين في خان يونس    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام توتنهام.. موقف «مرموش»    موعد مباراة الأهلي وغزل المحلة في الدوري والقنوات الناقلة    اليوم.. اجتماع الجمعية العمومية العادية للإسماعيلي لمنافشة الميزانية والحساب الختامي    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    ارتفاع في درجات الحرارة في محافظة كفر الشيخ    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    طلاب الثانوية الأزهرية الدور الثانى يؤدون اليوم امتحان التاريخ والفيزياء    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    أمريكا: مقتل خمسة ركاب جراء حادث تحطم حافلة سياحية في نيويورك    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    توجيه حكومي جديد لبيع السلع بأسعار مخفضة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    القاهرة تسجل 40 مجددا والصعيد يعود إلى "الجحيم"، درجات الحرارة اليوم السبت في مصر    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    نقيب الفلاحين: تكلفة كيلو اللحم البلدي على الجزار 270 جنيها.. «لو باع ب 300 كسبان»    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراحة بعيدًا عن القبح اليومى
نشر في التحرير يوم 12 - 06 - 2012


«1»
تعلمنا صغارا أن الأسس الثلاثة التى تبنى عليها المجتمعات هى: الحق، الخير والجمال. لا أدرى إن كانت الجملة الشائعة مرتبة هكذا لغرض، أم لمجرد مناسبة الوزن الموسيقى، بمعنى أننى لا أدرى إن كان الحق يجب أن يأتى أولًا، بينما يأتى الجمال أخيرا، أم أن الترتيب لا يهم.
على كل حال، ثمة «استهياف» لا أدرى منبعه لما يتعلق ب«الجمال» فى سلم أولويات المجتمعات. ثمة إيحاء بأن الحق والخير ركنان يستحقان العناية، أما الجمال فرفاهية لا داعى لها، وترف لا يلتفت إليه إلا من لديهم فراغ وقت، وفائض أموال، وراحة بال.
رغم أن المتتبعة للتاريخ تجد أن الصراع على الجمال لم يقلّ يوما أهمية عن الصراع على الحق والخير، بل إن الحق والخير الملتفحين بالقبح -على مر التاريخ- مزيفان، وينطويان فى حقيقتهما على استبداد ونزعة سلطوية انتقامية، سرعان ما تعبر عن نفسها فى ممارسة السياسة. فنجد أن ما بدأ بعدم اكتراث بالجمال تحول إلى عدم اكتراث بالحق ولا بالخير. وما بدأ بعدم اكتراث بالجمال تحول إلى سلطوية «محدثى النعمة ومحتكريها»، وهى سلطوية بلا ملمح واحد مليح يخفف من وطأتها، سلطوية الطبقات التى لا تنتج فنا. من يبدأ بالاستغناء عن الجمال، لعدم قدرة أو لعدم إدراك، لا يلبث عدم القدرة هذا وعدم الإدارك ذاك أن ينتقل معه إلى الحق والخير فيقضى عليهما.
الجمال هو إحساس الإنسان بقيمته، ومجال قدرته على إظهار إبداعه وتميزه. ما من حضارة أهملت الجمال إلا أهملت الفرد. ما من حضارة أهملت الفرد إلا قصرت مفهوم الجمال على البذخ، فى أوساط القادرين على البذخ.
«2»
فى هذه الثلاثية المصوغة قديما، فإن الجمال هو بديل الحرية الفردية، وهو النائب عن الخيال، وعن النزعة الفردية، وعن تعبير الإنسانة عن نفسها بطريقتها الخاصة.
وليس مصادفة أن أول ما يهمل فيه الإنسان إذ يكتئب هو جماله الشخصى، ومظهره. وليس مصادفة أن هذا الإهمال مرآة ل«سقم الروح» فى هذه المرحلة. إن فى ذلك إشارة إلى أن المفاضلة بين «جمال الظاهر» و«جمال الباطن» مفاضلة واهية. هناك تكامل للظاهر والباطن، والمحصلة النهائية للجمال ناتجة عن جمع الاثنين، لا طرحهما.
«3»
وأكثر درجات الجمال بدائية تأتى مع النظافة، والنظام، والترتيب. ثم يرتقى مفهوم الجمال ليصير الحرص على الجمال موجودا حتى فى العشوائى. وقد زرت مدينتى سيجوفيا الإسبانية وكارتاخينا (بلد جابرييل جارثيا ماركيز) الكولومبية خلال العام الماضى. فانبهرت بحرص هاتين المدينتين الفقيرتين، اللتين مرَّتا بعصور استبداد وإهمال، انبهرت بحرصهما على الجمال، والألوان المنطلقة، المسكونة بالبهجة والصخب.
قلت لنفسى إن هاتين حضارتان موسيقيتان، ومهتمتان جدا بالفنون البصرية، ومن ثم لا غرابة فى أن يستمر هذا رغم الضنك.
قلت لنفسى إن اهتمام حضارة ما بالجمال حائط صد ضد التدهور الماحق، ضد انتقاص الإحساس وصولا إلى العدم. ولو وصل الإحساس إلى العدم هل تظنين أن الإنسان، أو السلطة، سيكترثان بحق أو خير؟
ولم أستطع إلا أن أقارن مدينتين كتلكما. إحداهما فى قارة فقيرة تماما، مرت بظلام يشبه ما مررنا به، بمدينتين كدمشق والقاهرة، قامت فيهما منذ عقود ثورتان من أجل الحق والخير والعدالة وكل تلك القيم السامية، لكنهما لم تباليا بالجمال، ولو فى أبسط صوره -النظافة- فتدهورتا إلى مستوى من القبح لم يعد بمقدور الحق والخير التسامح معه، ولا معايشته، فرحلا عن حياتنا.
قلت لنفسى إن الطبيعة -بالطبيعة- جميلة. الزرع على بساطته، والصحراء على قسوتها، والبحر على جنونه، والجبال على حدتها، لكن البشر المكتئبين والحضارات الكئيبة، يتلفونها.
قلت لنفسى إن ساكن البناية الذى يأخذ معه كيس القمامة ليلقيه فى مكان متوارٍ أو ظاهر من الشارع، والذى لن يكترث طبعا إن فعل جاره نفس الشىء، وإن الفتاة التى لا تهتم بنفسها، والرجل الذى -دون سبب طبى- لا يعنيه أن يتحول جسمه إلى ما يشبه أنبوبة البوتاجاز. قلت لنفسى إن كل هؤلاء ما هم إلا أدلة حية على ما يفعله القبح، قبح الاستبداد، وقبح التنطع، وقبح احتقار الإنسان، بالإنسان.
الجمال صحة. الجمال فكر. الجمال من الإيمان بنفسك. فلا تحتقريه، ولا تصدقى من يحتقره!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.