مشروع قانون إخوانى يمنح الجهاز حقَّ الضبطية القضائية ومراقبة المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية.. ويحرمه من «المنح المحلية» يبدو أن الجهاز المركزى للمحاسبات، بات قاب قوسين أو أدنى من وضع حد لتراجع دوره الرقابى، قبل أيام من تولى رئيس جديد سدة الحكم فى مصر. الجهاز تعرض طوال الشهور التالية لثورة 25 يناير، لموجة من الاتهامات المتلاحقة، هزت صورته بشكل أو بآخر أمام الرأى العام، بدعوى مسؤوليته عن التستر على قضايا فساد النظام السابق، التى بدأت تتكشف واحدة تلو أخرى الآن. لكن يبدو أيضا أن استعادة «المركزى للمحاسبات» نفوذه الرقابى، سترتبط بحسابات الانتخابات الرئاسية، التى تنتظر جولة الإعادة، جولة الحسم، بعد أيام. مجموعة من العاملين فى الجهاز، كانت قد نشطت بعد الثوة للمطالبة بإقالة الرئيس السابق للجهاز المستشار جودت الملط، وعُرفت إعلاميا بحركة «رقابيون ضد الفساد»، أعلنت صراحة تأييدها لمرشح الإخوان المسلمين، وذراعهم السياسية حزب الحرية والعدالة، الدكتور محمد مرسى، فى مواجهة الفريق أحمد شفيق «لقرب الأخير من النظام السابق»، حسبما يقطع عضو الحركة طارق قنديل. الغريب أن تأييد مرسى، من قِبَل «رقابيون ضد الفساد»، لم يسبقه تأييد مشروع قانون كان قد أعده «الحرية والعدالة» لإعادة تنظيم الجهاز المركزى للمحاسبات، وفق تأكيد قنديل ل «التحرير»، مشددا على أن حركته لا تزال تصر على مطالبها فى القانون الجديد، الخاصة باستقلال الجهاز عن أى جهة، وهو ما يتنافى مع ما نص عليه مشروع القانون الإخوانى، من تبعية الجهاز لمجلس الشعب. ولا يرى قنديل مبررا لخضوع «المركزى للمحاسبات» لمجلس الشعب، الذى يضم ممثلين لأحزاب من بينها، بطبيعة الحال، حزب الأغلبية، الذى يحق له فى النظام البرلمانى، تشكيل الحكومة، كان الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى أنشئ فى عام 1942، وحمل وقتها اسم «ديوان المحاسبة»، قد احتفظ باستقلاله حتى عام 1975، حين أصبح تابعا لمجلس الشعب، لكن تبعيته انتقلت فى عام 1998 إلى رئاسة الجمهورية. بينما ينص مشروع القانون الجديد الذى أعده نواب الإخوان فى مجلس الشعب، وحصلت «التحرير» على نسخة منه، على أن «اختيار رئيس الجهاز، يتم بالانتخاب السرى المباشر من قِبَل أعضاء مجلس الشعب من بين ثلاثة مرشحين ترشحهم اللجنة العامة بمجلس الشعب، من بين أعضاء هيئة مكتب الجهاز أو غيرهم من الشخصيات العامة، الذين تتوافر فيهم الصلاحية والخبرة والكفاءة، ويصدر بذلك قرار من رئيس مجلس الشعب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة واحدة فقط مماثلة، متضمنا معاملته المالية، ويعامل من حيث المعاش وفقا لهذه المعاملة ولا يجوز إعفاؤه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من مجلس الشعب وتسرى فى شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز القواعد المقررة فى قانون محاكمة الوزراء». المشروع نص أيضا على أن «يكون لرئيس الجهاز ونوابه ووكلائه وأعضائه الرقابيين سلطة الضبطية القضائية فى جميع أنحاء الجمهورية فى حدود الاختصاصات المخولة إليهم بالقانون والتى يقتضيها الفحص والمراجعة»… وأن يكون «لرئيس الجهاز ونوابه وأعضاء هيئة المكتب كل فى حدود اختصاصاته إحالة المخالفات المالية والوقائع التى تتكشف للجهاز وتمثل اعتداء أو إهدارا للمال العام إلى الجهات القضائية المختصة حسب طبيعتها»، كما نص على علنية تقارير الجهاز وإتاحة الحصول على نسخة منها، باستثناء «ما يتعلق منها بالأمن القومى». ومن ضمن نصوص مشروع القانون الجديد، ما تعلق برقابة الجهاز، الذى يفترض تعديل اسمه إلى جهاز الرقابة والمحاسبة، على الشركات التى لا تعتبر من شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام التى يساهم فيها المال العام بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة أو عشرة ملايين جنيه «أيهما أقل»، بالمقارنة بالقانون القديم الذى اكتفى بنسبة المال العام لرأس المال، فى حين تمتد مظلة رقابة الجهاز وفقا للمشروع الجديد وتعديلاته، وللمرة الأولى، إلى الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى.