ولدت فى زمن الوحدة بين مصر وسوريا، فكان ثمة إقليم جنوبى، وآخر شمالى، وكنا بلدا واحدا يحمل نفس الآمال العريضة، ونفس الاسم: الجمهورية العربية المتحدة! وعلاقة مصر وسوريا عبر التاريخ علاقة ذات طبيعة خاص، فدائما ما كان التعاون بين مصر والشام بداية لانتصار أمتنا العربية، وكلنا نتذكر انتصارنا الرائع فى حرب أكتوبر 1973، فالتعاون والتنسيق بين الجيش المصرى والجيش السورى، كان من أهم أسباب هذا النصر العظيم. والآن ماذا أصاب الجيش السورى؟! وحين فكر أنور السادات فى الذهاب إلى إسرائيل، كان لا بد له أن يسافر أولا إلى دمشق، لكى يحاور حافظ الأسد ومن معه، ويحاول أن يقنعهم برؤيته السياسية، لكن الأسد رفض منطق السادات وفكره، ومن ثم ظلت الجولان محتلة حتى الآن! إذ لا بد أن يتحرر الشعب السورى أولا، ليتمكن بعد ذلك من تحرير أرضه، فمنذ أكتوبر 1973، لم يطلق الجيش السورى طلقة واحدة فى اتجاه إسرائيل! صحيح أن نظام حافظ الأسد ضرب المدنيين فى سوريا بالقنابل والطائرات، لكنه لم يحرك قواته ضد إسرائيل، حتى بعد ضرب الطائرات الإسرائيلية لمشروع المفاعل النووى على الأراضى السورية، لزم نظام الأسد الصمت المطبق! وها هو الآن يستخدم أسلحته الفتاكة ضد شعبه الأعزل! فأى نظام حكم هذا؟! أذكر زيارة لدمشق، تيسرت لى منذ سنوات، فشاهدت بلدا جميلا، وشعبا كريما، وسلطة غاشمة، تكمم الأفواه، وتحاول أن تغلق العقول أيضا! فكيف تحملت الشعوب العربية هذه النظم القمعية كل هذه العقود؟! لكن ها هو ربيع الثورات العربية، قد بدأ ولله الحمد، فالثورة تتحرك فى الوجدان العربى منذ سنوات طويلة، ولذلك ما إن تبدأ فى بلد حتى تنتقل بسرعة إلى آخر، وستثور باقى الشعوب العربية تباعا، بإذن الله، فكلما تحرر شعب، كان نموذجا يحتذى بالنسبة للشعوب المجاورة. فالعالم العربى يعيش نفس الظلم، ونفس الاستبداد، ونفس الديكتاتورية، بغض النظر عن اختلاف المستويات الاقتصادية لبعض الشعوب العربية عن بعضها الآخر. فالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان هى القيم الأهم، التى يفتقدها عالمنا العربى من مشرقه إلى مغربه! ومنذ شهور عدة، وقلوبنا تدمى على الدماء الذكية التى تسيل فى سوريا كل يوم، بل كل ساعة، فعمليات القتل، والذبح، والترويع للمدنيين العزل مستمرة فى مختلف قرى سوريا ومدنها! وكذلك عمليات الاعتقال والسجن والتعذيب، تقوم بها قوات الأمن والجيش والشبيحة أو البلطجية، وما زال نظام الحكم يطلق أجهزة إعلامه الساذجة، لتردد نفس كلامها العبيط، عن وجود عناصر أجنبية، ودخول جماعات مسلحة تهاجم السكان المؤيدين لنظام الأسد! وهذا كلام لا يصدقه إنسان فى العالم كله، ولكن النظام السورى لم يجد غيره ليقوله للناس! أنا على يقين من سقوط الأسد ونظامه، لكن ماذا فعل د.نبيل العربى، والجامعة العربية، فى مواجهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى سوريا؟ إن موقف العالم الخارجى أقوى ألف مرة من مواقف الدول الشقيقة، والجامعة العربية! ولنتساءل: أين دور مصر الثورة فى دعم الحريات فى عالمنا العربى؟!