«سرقات مشروعة.. حكايات عن سرقة آثار مصر وتهريبها ومحاولات استردادها» كتاب جديد للمستشار أشرف العشماوي، صدر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، ويقع في 320 صفحة من القطع الكبير، تنتظم في أربعة فصول. يرصد الكتاب أن مصر منذ 177 عامًا كانت من أولى دول العالم التي شرعت قوانين ولوائح لحماية الآثار، بدءًا من العام 1835، وأعقب ذلك على مدار السنوات الماضية عشرات القوانين واللوائح التي تتحدث عن حماية الآثار وضوابط خروجها والاتجار فيها، وحتى نقلها بالسكك الحديد وغيره، فكيف تم إخراج الآثار، أو بالأصح تسريبها، رغم كل القوانين والضوابط واللوائح والقرارات، وكيف لم تتمكن مصر من استعادة هذه الآثار كاملة رغم كل المحاولات التي جرت؟. ويسرد الكتاب حكايات عن سرقة آثار مصر وتهريبها ومحاولات استردادها، وقد اكتشف العشماوي بعد البحث والقراءة والتطبيق أن تلك القوانين قد اكتسبت أهم ما يميز الآثار ذاتها من غموض، فهي تحوي أسرارًا لا تزال تبوح بها، حتى الآن، كما يقول الآثاريون دائمًا، وعلى ما يبدو فإن قوانينها قد اكتسبت منها ذات الصفة. ويسأل العشماوي في كتابه هل نجح المصريون في الحفاظ على الآثار بالقانون، أم أن بعض القوانين ساعدت البعض على تملك جانب من هذا التراث دون حق، فصار أمرًا مشروعًا، فخرج ولم يعد؟ إن سرقة التراث – كما يؤكد المؤلف – ستظل دائمًا وأبدًا في نظر التاريخ جريمة كبرى ، لكن في بعض دول العالم أسهمت بعض القوانين في جعلها عملًا مشروعًا لبعض الوقت. ويجيب الكاتب بنفسه أن هذه الغابة من التشريعات أسهمت في خروج أكثر من نصف الآثار المصرية بنظام القسمة لما كان يكتشف بباطن الأرض، ناهيك عن عرض بعضها للبيع بالمتحف المصري، ثم سماح بعض حكام مصر، على مر العصور، لأنفسهم بإهداء المئات من القطع الأثرية النادرة لملوك وأمراء أوروبا ، في حين قام بعض الحائزين ممن يمتلكون مجموعات خاصة من القطع النادرة باستبدالها بأخرى مقلدة ، فهربوا جزءًا لا بأس به من التراث المصري للخارج بلا عودة. وهناك أيضًا اعتقاد بأن من يعثر على خبيئة آثار مدفونة ، فإنها تكون ملكًا خاصًّا له، لا للدولة، وهو لا يزال اعتقادًا سائدًا لدى كثير من المنقبين، خاصة في صعيد مصر، وهو ما جعل السرقة عملًا مشروعًا لدي البعض، وليس جريمة يعاقب عليها القانون. وفي هذا الكتاب يحاول المستشار أشرف العشماوي استعراض صفحات مجهولة من تاريخ سرقة ونهب وتهريب الآثار المصرية، تحت حماية القانون، وفي ظل عباءته، وكيف استخدم السارقون الوسائل المختلفة لتنفيذ ذلك منذ عصور قدماء المصريين، وصولًا إلى حادثة سرقة المتحف المصري الشهيرة ليلة 29 يناير 2011، وانتهاء بحريق المجمع العلمي بالقاهرة عمدًا، في نهاية العام ذاته. واستعان المؤلف بالصور النادرة والوثائق والمستندات التي تنشر غالبيتها حماية الآثار، منذ عهد محمد على باشا، وكيف تغلبت المصالح السياسية على اعتبارات الحفاظ على الآثار، فأصبح ملوك ورؤساء مصر هم الذين يقومون بإهدائها لملوك الدول الأجنبية، ليسهموا بذلك في خروجها بشكل مشروع، لتنعم بها شعوب وبلاد أخرى. كما روى المؤلف قصصًا كثيرة نادرة عن أطرف وأخطر وسائل سرقة الآثار ومحاولات استعادتها ، التي كلل بعضها بالنجاح، ومع ذلك ستظل سرقة الآثار عملًا غير مشروع – على عكس عنوان الكتاب – قد تنحسر أحيانًا، وقد تنزوي أحيانًا أخرى، لكنها لن تتوقف أبدًا.