هل توجد جهود رسمية جادة ومشروع حقيقى لتنمية سيناء، ولترضية أبنائها واستعادة الروابط الوثيقة التى تربطهم بوطنهم مصر، ورد حقوقهم فى المواطنة التى حرمهم منها النظام الساقط؟ نعم.. أقولها شاهدة ومشاركة فى اجتماعات كثيرة كانت تنمية سيناء محورا أساسيا، واحد منها كان مع قيادات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبرئاسة الفريق سامى عنان رئيس الأركان وحضره من أبناء سيناء الشيخ إبراهيم أبو عليان.. وقبله ثلاثة اجتماعات موسعة برئاسة د.عصام شرف رئيس الوزراء وبحضور المجلس العسكرى، والمخابرات العامة، والوزراء والمحافظين المسؤولين، حيث تم استعراض تفاصيل المشروع القومى للتنمية المتكاملة فى سيناء، وكان أهم ما فى المشروع أن جوهره، ومحوره الإنسان هناك وإنهاء المشكلات التى عانى منها أبناؤها طوال ثلاثين عاما، وفى مقدمتها حقهم فى تملك أراضيهم وتعظيم استثمار ثرواتها الطبيعية، وإنهاء الإقصاء والعزل عن الوطن والتخوين، والتجريم. والسؤال: هل بدأ يحدث هذا التغيير.. هل بدأ المصريون من أبناء سيناء يلمسون خطوات جادة لإزالة آثار هذا الماضى الأسود. أبدا..! ما زال كثير من المشاعر سلبيا ويمتلئ بالمرارة ولا يختلف عما أحسسته يوم كتبت بعد بدايات الثورة.. «سيناء قنبلة على وشك الانفجار».. وكان ما كتبته مقدمة لزيارة ناجحة قام بها د.عصام شرف إلى هناك لاقت ترحيبا شعبيا واستشرفت كثيرا من الآمال لآفاق صحيحة لأبناء سيناء تنعكس عليها معانى الثورة من عزة وكرامة، وحرية، وحقوق مواطنة كاملة لكل مواطن مصرى، وانهزمت محاولات عديدة من رموز قديمة للحزب المنحل هناك، لمنع المؤتمر أو للمشاركة فيه. وبعد أيام جاءنى عبر الهاتف صوت مسعد أبو فجر مبدع سيناء ورمز من رموز المقاومة والمعارضة، ومن أبرز الوجوه الحقيقية لثوار 25 يناير.. سألته عن أحوال سيناء وعن بدايات مبشرة لاسترداد أبنائها لأمنهم الوطنى وجزء أصيل من نسيج بلدهم يقول على الفور.. أبدا.. إحنا زى ما إحنا.. وخلاص مش عايزين حاجة وخلينا زى ما إحنا مطاردين ومنبوذين ومتكدرين. طلبنا أن يكون لنا من يمثلنا فى المجلس العسكرى بالعريش قالوا لنا يوجد ضابط مخابرات يعرفكم جيدا ويمثلكم فى المجلس! يريدون أن يعطونا أراضينا حق انتفاع فقط 99 سنة! وعد بلفور جديد.. أقسم بالله.. أقسم بالله لو على حدودنا دولة أخرى غير إسرائيل لرحلنا من أرضنا وأرحناهم واسترحنا وأصبحنا أكرادا جددا! نحن شاركنا فى الثورة منذ يومها الأول الثلاثاء 25 يناير.. السابعة والنصف صباحا كان أبناء سيناء يتدافعون إلى العاصمة ليشاركوا فى جميع وقائع وأيام الثورة، كيف بعدها لا نجد التغيير الحقيقى الذى انتظرناه لسنوات طويلة تحولت فيها سيناء إلى سجن كبير لأبنائها.. ودفعنا أفدح ضرائب لمقاومة النظام السابق بسنوات طويلة فى المعتقلات انتهى ما استطعت التقاطه من مكالمة أبو فجر وليصبح السؤال الذى يجب أن نطرحه على أنفسنا.. أين المشكلة الآن بين نيات وجهود وبرامج تسعى بجدية إلى التغيير ولكنها تظل فى واد بعيد عن أصحابها.. ولماذا لا تنعقد حلقات الاتصال والتواصل بينهم؟! لقد قامت الثورة من أجل الناس وقامت بالناس فلماذا يغيب أصحاب المصلحة عن حل مشكلاتهم وخصوصا إذا كانت بقدر وحساسية، وعمق مشكلات أبناء سيناء!! فى نظام بوليسى مثل النظام المنحل، أو الساقط لم يكن مدهشا، أن يختصر الشعب كله فى أجهزة أمنية أفسدها نظام فاسد، ولكن ليس من المعقول أو المقبول فى ظل ثورة أن يختصر أى مواطن فى وصاية جهاز أمنى أو مخابراتى، وعلى فرض استكمال ضمانات الوطنية والأمان فى أكثر من اجتماع موسع لمناقشة المشروع القومى لتنمية سيناء طالبت بأن يكون من أبنائها من شمالها ووسطها وجنوبها ممثلون ومتحدثون باسمهم باعتبارهم الأعرف بما يحتاجون إليه والأقرب إلى وقائع حياتهم.. وكان يجب أن تكون وجهات نظرهم شريكة فى وضع تصورات الحلول الممكنة لمشكلات تملك الأراضى هناك وإدارة الاستثمار دون تعارض أو تناقض على الأمن القومى، الذى يشهد كل ما دار على أرض سيناء من معارك وحروب ومقاومة أنهم كانوا صمام الأمان الأول فى حماية الأرض والشرف الوطنى، ويجب أن نعترف أن التناول الذى يستبعد أصحاب المصلحة من المشاركة فى حل مشكلاتهم لا يتوقف على سيناء وحدها.. بل يحدث فى مصر، فما زال كثير من القيادات سواء القادمة ببصمات ماض ملعون. جاءتنى دعوة من أسماء محفوظ لنصلى العيد فوق أرض سيناء، وكم كنت أتمنى أن تسمح لى ظروفى بأن أكون وسطكم ووسط الأهل والأحباب من أبناء سيناء، وأن ننقل زخم ومجد الأيام الأولى من الثورة عملا وتوحدا وذوبان الكل فى واحد فوق أرض سيناء، 6٪ من مساحة مصر التى تطهرت كل حبة من رمالها بدماء شهداء من أبنائها ومن أبناء جيشهم العظيم.. وتمنيت أن آكل كعكة عيد مع كوب شاى فى بيت سيناوى حيث دفء ودماثة إنسانية وكرم لا مثيل له، وأن أضع على أكتافى شالا مطرزا بإبداع الفطرة السيناوية لبنات وسيدات يقدمن فى السلم وفى الحرب أروع النماذج للمرأة المصرية. أدعو الله أن تكون هدية المصريين لمصرهم فى هذا العيد تواصل شباب الوادى مع شباب سيناء وأن يكونوا معا حزبا باسم سيناء، وأثق أنه يستطيع أن يكون من أكبر وأخطر أحزاب الثوار، وهو يتبنى تعمير وحماية سيناء مشروعا قوميا للمستقبل.. وأن يقودوا معا خطط التنمية والتعمير وخططا للأمن القومى.. وأن يؤسسوا لجيش شعبى من المقاتلين بزراعة الأرض وزراعة العمران وزراعة التصنيع وزراعة الشباب المدرب على حماية أرضه وعرضه وحقه من أى عدوان سافل ومذل يتربص ولن يكف عن التربص لتحقيق مخططاته وتطلعاته العدوانية والإرهابية لاحتلال سيناء، وإلى أن تراجع الاتفاقيات التى يريدون أن يعطوها قداسة الكتب المقدسة.. هل توجد اتفاقيات دولية لا تراجع بعد انقضاء هذا الزمان وحدوث متغيرات بخطورة ما حدث فى عالمنا العربى، رأيى أن تحدث وبمشيئة الله ستحدث بمشيئة الله وبإرادة شعب أنجز ما وصفت بأنها أعظم ثورات التاريخ وبقوات وتنظيمات الشباب من الجنسين الذين يجب أن يكون لديهم تدريبات عسكرية على أعلى وأحدث مستويات الكفاية! أذكر بما قرأت داخل واحد من أكبر حصون العدو على أرض سيناء وأسقطها جيشنا فى إطار انتصاره العظيم فى أكتوبر 73، الحصن الحصين الذى جهز ولغم وحصن بما يجعل اقتحامه مستحيلا، أكثر ما لفتنى داخله بعد التحقيقات التى تدل على رعب وخوف العدو، ما قرأته معلقا على جدرانه من الداخل.. لوحات بخطوط عريضة إنجليزية وعبرية وعربية يقولون فيها لجنودهم «أنت الآن فوق أرضك.. لقد عدت أخيرا إليها.. تقدم واثبت وازرع قدميك ووجودك فى أرضك فلن يخرجوك منها مرة ثانية». وهزموا وخرجوا.. ولكن إذا كانت هذه عقيدة اللصوص والإرهابيين والقتلة.. فأين عقيدة أصحاب الحق والأرض وحشد القوى التى تهزم على المدى القريب والبعيد عقيدة أو تخاريف هذا العدو.. وفى أولويات النصر والمقاومة والتحدى رد الاعتبار والاحترام وحقوق المواطنة كاملة لأبناء سيناء وليكون شبابهم مع شباب الثوار من أنحاء مصر كلها جيشنا المتقدم هناك، والمقاتل بزرع مقومات الحياة والقوة السياسية والعسكرية، وليسقطوا معا جريمة من أبشع جرائم النظام السابق فى تقسيم وتفتيت الشعب المصرى وتمزيق مكونات نسيجه البشرى، وليعيدوا أهلهم فى سيناء وفى أنحاء مصر كلها شعبا واحدا كان نموذجه الكل فى واحد فى الأيام الأولى للثورة