صورة غامضة يخرج بها المتابع للشأن السودانى أمس حول آخر التطورات العسكرية والاشتباكات الدائرة بين شمال البلاد وجنوبها المنفصل، ففى الوقت الذى احتفل فيه الرئيس السودانى عمر البشير أمس باستعادة جيشه منطقة هجليج الحدودية النفطية التى استولى عليها الجنوب قبل أيام، ما زالت جوبا تؤكد عدم انسحاب قواتها من هناك وتشترط وقف الغارات السودانية لتغادر المكان. «لقد هزمنا قوات الجنوب»، هكذا أعلن أمس الرئيس السودانى وسط آلاف الحشود بمقر رئاسة أركان الجيش فى الخرطوم، مضيفا أن «بترول جوبا لن يمر مرة أخرى بالأراضى السودانية، وإن عرضت حكومتها نصف إيراد النفط المنتج بالجنوب كرسم للعبور»، ويعتبر تقاسم الموارد النفطية أبرز أسباب التوتر بين البلدين، حيث يحظى الجنوب بثلاثة أرباع احتياطى النفط إلا أنه يعتمد بشكل كبير على المنشآت النفطية للخرطوم لتصدير نفطه. فى جوبا كانت القصة المختلفة عن احتفالات الخرطوم، الكولونيل فيليب أجوير المتحدث باسم الجيش الجنوبى، نفى دخول القوات السودانية للمنطقة الحدودية، قائلا إن «رجالى لا يزالون فى هجليج ولن يغادروها إلا بشروط أبرزها وقف الغارات السودانية»، مضيفا أن «بلاده طلبت من المجتمع الدولى إيقاف هجمات الجيش والطيران المنطلقة من الخرطوم»، وهو ما جاء بعد يوم من إعلان سلفاكير رئيس جنوب السودان، الانسحاب الفورى لقواته من هجليج فى غضون 3 أيام استجابة إلى نداءات مجلس الأمن الدولى. نفى أجوير انسحاب قواته من هجليج امتزج بهجوم على البشير واحتفالاته بالخرطوم، الكولونيل أضاف فى تصريحات إعلامية «نؤكد للعالم أن ما أعلنه السودان ليس إلا دعاية إعلامية القصد فيها تضليل الرأى العام السودانى»، مؤكدا أن «هجليج منطقة تابعة للجنوب تاريخا وشعبا». التوتر بين السودان وجنوبه فرض نفسه على المشهد بالولايات المتحدة، حيث طالب الرئيس الأمريكى باراك أوباما مساء أول من أمس إلى «وقف القتال بين الجانبين، وبدء مفاوضات مباشرة بين قيادتى الدولتين لحل النزاع بينهما»، مضيفا فى كلمة مسجلة «على رئيسى السودان وجنوب السودان التحلى بشجاعة العودة إلى الطاولة للتفاوض وحل هذه المشكلات سلميا».