بعد دقائق قليلة، من شروق أول أيام العيد، تتعالى أصوات آلاف المصلين، مرددة تكبيرته الشهيرة «الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله»، فى ساحة مسجد مصطفى محمود، التى تعد واحدة من أشهر ساحات صلاة العيد فى مصر، منذ ربع قرن، حتى إن البعض يشبهها بساحة مسجد قباء، أول مسجد بنى فى الإسلام. ولكن هل سيظل مسجد مصطفى محمود قبلة المصلين فى العيد، ذلك العام؟ أم أن الناس سينصرفون عنه، خصوصا أنه أصبح لصيقا بفلول النظام البائد، وأتباع الرئيس المخلوع، خلال وبعد ثورة يناير؟ وهل إذا ذهب أكثر من مليونى مصل، مثلما هى العادة، كل عام، سيصف المصريون هؤلاء بالفلول؟ بغض النظر عن السياسة، لا يستطيع أحد، مع الساعات الأولى، لأول أيام العيد، الدخول بسيارته إلى شارع جامعة الدول العربية، فى المهندسين، والبالغ طوله ثلاثة كليو مترات، حيث يمتلئ عن آخره بالمصلين، من الرجال والنساء والأطفال، ويتحول فى لحظة، إلى مسرح كبير للسعادة والفرحة، الكبير قبل الصغير، الجميع يردد تكبيرة العيد، ويرتدى ملابس جديدة، بينما يقف بائعو البالونات، والجرائد، فى انتظار انتهاء الصلاة. المسجد اكتسب شهرة خاصة، منذ أن أقامه الدكتور مصطفى محمود، أواخر عام 1978، وكان يقيم الصلاة فيه، بنفسه، كما ترجع شهرته، فى البداية، إلى اهتمام وكالات الأنباء والمجلات العالمية بشخصية العالم العائد، من رحلة الشك إلى اليقين، والذى بدأ يقوم بتأسيس مجمع إسلامى، منذ عام 1977، يشمل مركزا إسلاميا عالميا، ودارا لتحفيظ القرآن، ومركزا طبيا متخصصا لخدمة الفقراء، إلى جانب المسجد الذى كان الخطوة الأولى فى مؤسسة محمود الخيرية. الدكتور مصطفى محمود، كان أول من صلى فى المسجد، واكتسب شهرته، فى ذلك الوقت، من برنامجه «العلم والإيمان»، الذى كان يذاع على شاشة التليفزيون المصرى، وتجلى ذكاء محمود فى استضافته الشيخ محمد متولى الشعراوى، لإلقاء بعض الدروس فى المسجد، وخطبة العيد، التى كان لها وقع السحر، فى جذب المصلين إلى المسجد، حيث تزايدت أعدادهم سنويا، حتى أصبح المسجد القبلة الأولى للمصلين، فى القاهرة والجيزة، وحظيت صلاة العيد فيه بتغطية وسائل الإعلام. الساحة الكبيرة التى تحيط بالمسجد، تعد العامل الرئيسى فى جذب المصلين به، خصوصا أنها تحقق الصلاة فى الخلاء، عملا بسنة النبى -صلى الله عليه وسلم- فعلى الرغم من مساحة المسجد الصغيرة، إلى حد ما، مقارنة بمسجد عمرو بن العاص، والحسين، والسيدة زينب، فإن الساحة كانت العامل الأساسى فى إقبال المصلين عليه، بالإضافة إلى اتساع شارع جامعة الدول العربية، الذى يقع المسجد فى منتصفه. وعلى الرغم من وفاة الدكتور محمود، فإن أسرته تشرف دائما، على صلاة العيد، وتقوم بعدها بتوزيع الهدايا على المصلين من شرفة شقته، التى تطل على ساحة المسجد. ويبدو أن ساحة مصطفى محمود لم تكن منطقة جذب للمصلين فقط، ولكن للمتظاهرين أيضا، حيث شهد المسجد والميدان فصول قصة اللاجئين السودانيين، قبل عامين، والتى انتهت بمقتل 27 سودانيا بعد الاشتباك مع قوات أمن حبيب العادلى.