في محاولة للبحث عن طرق جديدة لمواجهة التحدياّت أمام الصحف والمطبوعات بشكل عام، خاصة مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، والمنافسة الشرسة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ودخول الصحافة الإلكترونية على خط المواجهة، عقد اتحاد الموزعين العرب، اليوم الإثنين، ندوة ناقشت تلك المشاكل، بحضور ممثلى الدول الأعضاء، وعدد كبير من رؤساء وممثلى شركات التوزيع، وخبراء الإعلام في مصر والوطن العربي، انتهت إلى أن الصحافة الإلكترونية لن تلغي المطبوعة، رغم اعترافهم بطغيان ثقافة الإنترنت. قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام السابق، وكيل المجلس الأعلى للصحافة بمصر: "بلا شك أن الصحافة المطبوعة تواجه العديد من التحديّات، ما يتطلب طرح جديد من القائمين على تلك المهنة، سواء في مجال التحرير أو الطباعة أو التوزيع، ووضع هذه التحديّات في بؤرة الإهتمام" مشيرًا إلى أن الصحافة الإلكترونية ناتج من نواتج التطور التكنولوجي في مجال المعلومات والاتصالات، ويمتلك هذا النوع من الصحافة بعض الميزات النسبية؛ منها أنه يتيح نقل وتبادل المعلومات بشكل وطريقة أسرع وأكثر تفاعلية مع القراء، مما لا يتوافر للصحافة المطبوعة، وبخاصة ردود الأفعال والتعليقات على الموضوعات. ولفت وكيل المجلس الأعلى للصحافة بمصر، إلى أن هناك تساؤلًا دائمًا ما يطرح "هل ستطغى الصحافة الإلكترونية على الصحافة المطبوعة أو تلغيها على أسوا الفروض؟ موضحًا أنه لم يثبت في أي مرحلة تاريخية من تاريخ وسائل الإعلام، أن ألغت وسيلة إعلامية وسيلة أخرى، وهو ما ظهر في الراديو والتلفزيون وكذلك الصحافة الإلكترونية، فمع ظهور هذه الوسائل ظلت الصحافة المطبوعة، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه مع ظهور الوسائل الجديدة، تسعى الوسائل الأقدم إلى البحث عن أساليب جديدة تتماشي مع العصر ومتطلبات المرحلة. واعتبر الناشر المغربي، محمد عبد الرحمن برادة، مؤسس الشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر، أن الصحافة المطبوعة لا زالت محتفظة بتقاليد وأدبيات المهنة، لافتًا إلى أنه رغم أن الصحافة الإلكترونية أصبح لها جمهور عريض في الوطن العربي؛ لكنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من الضوابط، سواء ما يتعلق بالنشر أو الاستثمار أو القوانين المنظمة لها. وعلق الدكتور حسن عماد مكاوي، قائلًا: "هناك مميزات خاصة بالمطبوعات سواء كانت صحف أو دوريات، في مقدمتها العمق والتفاصيل، فضلًا عن أنها يمكن قراءتها في أي وقت، وكذلك تمتاز الصحف المطبوعة بمصداقية أعلى ونسبة الخطأ فيها أقل، والعاملين بها يمتلكون قدر عالٍ من الكفاءة والمهنية، وهو ما لا يتوفر في الصحافة الإلكترونية التي تعتمد على المعلومة السريعة المختصرة إلى حد كبير، إضافة إلى أنها تحتاج إلى أجهزة معينة". فيما أكد الكاتب الصحفى عادل السنهورى، مدير تحرير جريدة اليوم السابع، أنه لا خلاف على أن هناك تحديّات كبيرة تواجه الصحف المطبوعة، سواء كانت متخصصة أو عامة، غير أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أنه في مصر فقط؛ هناك 44 مليون مستخدم للإنترنت، إذا نحن أمام واقع جديد يتطلب منّا، أساليب جديدة سواء في التحرير أو الإنتاج أو التوزيع، مشيرًا إلى أن هناك خطر قادم ينبغي الانتباه له ممثلًا في التطبيقات الجديدة للهواتف المحمولة، كما أن الإحصائيات تشير إلى أن نحو 40 % من المصريين يمتلكون هواتف ذكية، والنسبة مرتفعة في دول الخليج، ما يشير إلى أنه في السنوات المقبلة، ستجد الصحف المطبوعة أنها في مأزق حقيقي. فيما قالت خديجة محند، ممثل مؤسسة سابريس المغربية، إن الصحافة الورقية شهدت خلال السنوات الأخيرة أزمة عالمية، لافتة إلى أن الصحافة المطبوعة تخوض معركة كبيرة في مواجهة وسائل اتصال أكثر قدرة على التفاعل، إلى جانب المجانية في الحصول على المعلومة، منوهة إلى أن العوامل الاقتصادية تؤثر سلبًا على الصحف المطبوعة، من إتجاهين؛ الأول ممثل في عزوف القراء عن الشراء، وعزوف المؤسسات والشركات عن الإعلان، والثاني أن المؤسسات الصحفية أو شركات التوزيع لم تبذل جهدًا كافيًا لتجاوز الأثار السلبية لما تواجهه من مشكلات، وبعض المؤسسات لجأت إلى حلول خاصة بها، فهناك من ذهب إلى المزاوجة بين الجريدة الورقية والإلكترونية، وهناك من اكتفى بالأخيرة ظنًا منه أنها جريدة المستقبل. أضافت محند: "في الماضي كانت الصحافة الورقية تنقسم إلى يومية تهتم بالخبر، وأسبوعية تهتم بتحليل الخبر وخلفياته ومالاته المستقبلية، بينما تخصصت الشهرية والفصلية بمواضيع الدراسة والنظرية؛ لكن التغييرات التي ضربت كل عناصر المشهد خلخلت كل هذه التوازنات السابقة وأدخلتها في فترة انتقالية لا تعرف لها برًا واضحًا، وفي كل الحالات اختيار القارئ لصحيفة ما كان ولا يزال اختيار تحدده وجهة الجريدة التحريرية ومواقفها من القضايا الكبرى".