القابضة للمطارات تشارك في الاجتماع السنوي والجمعية العامة للمجلس الدولي للمطارات ACI World بكندا    إنجاز قياسي للمنيا في تقنين أراضي الدولة: تحقيق 90.6% وحصد المركز الرابع بالجمهورية    " اليونيسف": الأطفال تأثروا بحرب غزة بشكل بالغ ويعانون من صدمات هائلة    محمود عباس يحدد من سيرأس السلطة الفلسطينية حال شغور المنصب    بيراميدز يتعادل مع التأمين الإثيوبي في دوري الأبطال    «الشركة اللي مش هتدي الأجازة هتصيبها اللعنة».. تفاعل مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الصحة يبحث سبل تطوير البحث العلمي والخدمات المعملية    تبعات فلسفة السلام المصرية    قضايا الدولة تُنظم دورة تدريبية لتطوير الأداء ورفع الكفاءة لأعضائها.. صور    الزمالك 2005 يتعادل مع المصري البورسعيدي    داري يرفض الرحيل إلى الدوري الليبي ويتمسك بالبقاء في الأهلي    محمد عبد الجليل يكتب: الداخلية تحذر في رسالة حاسمة: لا للفتنة في المنيا.. خلاف "زواج عادي" يتحول إلى فخ لإسقاط "الوحدة الوطنية"!    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025.. متى يتم تغيير الساعة في مصر رسميا؟    كتاب المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم: جديد هيئة قصور الثقافة    مصر وفلسطين والشعر    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    حالة الطقس غدًا الإثنين .. شبورة مائية كثيفة وأجواء خريفية مائلة للبرودة    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتّاب والمبدعون المصريون يحتفلون بشاعر إسبانيا الشهيد لوركا
نشر في التحرير يوم 29 - 11 - 2014

أصبح -منذ زمن بعيد- الشاعر والرسّام والمسرحى، فيديريكو جارسيا لوركا، رمزا كبيرا لمقاومة الطغيان والاستبداد فى العالم. ورغم أن حركته كانت تخص وطنه وبلاده إسبانيا، فإن إبداعه العظيم، وتأثيره المتعاظم على شعراء وكتّاب العالم، ومساهماته الكبرى فى تطور الشعر والمسرح على السواء، ثم مصرعه الدامى الذى صار وصمة عار للسلطات الاستبدادية فى إسبانيا والعالم كله، كل هذه كانت عناصر لكى يصبح اسم لوركا قرينا أساسيا لفعل المقاومة بشكل مطلق.
وفى 29 نوفمبر عام 1962 أقامت صحيفة «المساء» احتفالا بسيطا بالشاعر، ولكنه كان مفعما بكل معانى الود والتعاطف والإجلال، وكان هذا بمناسبة عرض مسرحية «بيت برنارد ألبا» على خشبة المسرح القومى، وبهذه المناسبة نشرت الصحيفة مقالا تعريفيا ونقديا للناقد الشاب صبرى حافظ، وكان عنوان المقال «لوركا شاعر الشعب والحرية»، وكذلك ترجمت ثريا حمدى مقالا للصحفية الفرنسية مارى جاتار، وكان عنوان المقال «إسبانيا تتغنى بشاعرها الخالد لوركا»، وفى قلب الصفحة قصيدة رائعة للشاعر الشاب عبد الرحمن الأبنودى، وعنوان القصيدة «غنوة الموت فى غرناطة»، وقد حذف الأبنودى «فى غرناطة» عندما ضم القصيدة إلى ديوانه الأول «الأرض والعيال»، ربما ليعطى دلالة أشمل وأعم من اختصار المعنى فى غرناطة فقط.
يقول الأبنودى:
(مليون حداد.. الدنيا هنا مافيهاش غير المليون حداد
بيدقوا قيود لاجل الأولاد
أولاد لسه ما اتولدوا..
لسه ما شافوا النور..
يا نهار.. يا نهار..
مليون نجار..
الدنيا مافيهاش غير المليون نجار
بيدقوا التوابيت اللى من غير صلبان
الدنيا هنا مافيهاش غير الندابات..
ماليين الدنيا صريخ.. وصوات
الدنيا هنا مافيهاش غير الأحزان..
والموت ناسج فى صدور الجدعان..
الأكفان...).
أما صبرى حافظ، فقد تناول المسيرة الثورية للشاعر العظيم، وقدم مقاله بفقرة من شعره يقول فيها لوركا:
(ألا انحنوا أيها الأصدقاء
عميقا فى الصخر والأحلام
قبر شاعر
تحت الينابيع ينتحب الماء
يبكى ويصرخ إلى الأبد
لقد وقعت جريمة فى غرناطة).
ولا يتوقف حافظ عند قصائد لوركا، ولكنه يتطرق إلى مسرحه كذلك، ويجرى تحليلا نقديا لبعض نصوصه، مشيرا إلى التزام لوركا الثورى بقضيته العادلة، هذا الالتزام الذى لا يدفعه لكتابة شعر مباشر وسطحى كما يكتبه بعض الشعراء السذج، الذين لا تتجاوز كتاباتهم حالات الانفعال التى تهاجمهم، ولا يفوّت صبرى حافظ هنا المناسبة لكى يجرى جولة سريعة فى تأثير لوركا على الشباب الإسبان، ودفعهم للثورة على الاستبداد والظلم الواضحين فى المجتمع.
ولم يكن هذا الاحتفال الجميل بشاعر كبير جديدا على مصر، أو على العالم العربى، بل كان قد صدر كتاب من قبل عنوانه «لوركا شاعر إسبانيا الشهيد» للدكتور والناقد اللبنانى على سعد، وكذلك نشرت مجلة «الآداب» مسرحية «يرما» للوركا، وقد ترجمها الناقد والمترجم الكبير وحيد النقاش، ولا أعرف هل هذه أول ترجمة لأحد نصوص لوركا المسرحية، أم أن هناك ترجمات أخرى سبقت هذه الترجمة. وكانت هذه المسرحية قد عرضت لأول مرة فى إسبانيا عام 1960، وهذا بعد رحيل لوركا بأكثر من عقدين، إذ كانت السلطة التى طاردته وقتلته عام 1936 لم تفرج عن أعماله إلا بعد حين، وها هو وحيد النقاش ينقلها إلى اللغة العربية عام 1957، ويقوم بإخراجها الفنان كرم مطاوع، ويتم افتتاح عرضها على مسرح الجمهورية فى 16 يوليو 1964، ويختار نخبة من أجمل شباب المسرح ليقوموا بأداء تمثيلى رائع، منهم سهير البابلى ومحسنة توفيق وعبد الله غيث ومحمد الدفراوى ونجمة إبراهيم وغيرهم. ويقدم وحيد النقاش النص المترجم بكلمة مطولة، ليشرح فيها هذا اللون الجديد فى العالم على المسرح، وهو يرجع جدّة هذا المسرح إلى استخدام لوركا لعناصر مدهشة، وفعّالة، هذه العناصر التى لم تكن موجودة فى المسرح العالمى من قبل، ثم ينّوه فى هذه المقدمة بأنه لا يذكر اسم لوركا إلا وتثار معه قضيتان من أخطر قضايا الفن المعاصر، القضية الأولى تتعلق بعلاقة الشعر بالمسرح، والقضية الثانية هى قضية الفن الشعبى (الفلكلور)، ويستطرد النقّاش ليعالج هاتين القضيتين عند لوركا.
الغريب أن هذه المقدمة لم تنشر عندما أعيد نشرها فى كتاب مستقل، وصدرت عن وزارة الثقافة عام 1967، ودخل على الخط الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، الذى كتب مقدمة طويلة مستوحاة من مقدمة ج. ل. جيلى للترجمة الإنجليزية، ووضع الناشر اسم صلاح عبد الصبور مع اسم وحيد النقاش على الغلاف، بل جاء اسم عبد الصبور سابقا لاسم النقّاش، وتبدو هذه القضية التى أثيرها وكأنها قضية شكلية، ولكن الأمر ليس كذلك، والأمر لا يتعلق بأى إدانة أو تخطىء، ولكن وحيد النقاش كان يستحق أن ينشر اسمه منفردا على الغلاف، بعيدا عن إقحام اسم صلاح عبد الصبور الذى ترجم مجموعة أشعار نشرت فى الكتاب، وكذلك من حق وحيد النقاش الذى قام بالترجمة أولا أن تنشر مقدمته الجميلة للنص.
بالطبع حدثت بعد ذلك ترجمات كثيرة للوركا، وكان أشهرها ترجمة عبد الرحمن بدوى لمسرحية «عرس الدم»، ولم تأتِ شهرة هذه الترجمة لجمالها، ولكن لشهرة مترجمها بدوى، الذى كان ينشر كتبا فلسفية وترجمات بمعدلات زمنية مذهلة، وكان اسمه منتشرا بشكل لافت للنظر. ومن أجمل ما ترجم ديوان «شاعر فى نيويورك»، وقام بترجمته المترجم الكبير ماهر البطوطى، هذا عدا ترجمات عربية كثيرة قام بها خليفة محمد التليسى والشاعر سعدى يوسف وعدنان بغجاتى، وقد انتقد الشاعر العراقى عبد القادر الجنابى كل هذه الترجمات، عندما ترجم قصيدة «بكائية من أجل إغناثيو سانشيز ميخياس» للوركا، بمساعدة زوجته الإسبانية الأصل -كما يقول الجنابى نفسه فى مقدمة الترجمة- وقد نشرت هذه القصيدة فى مجلة «إبداع» فى أكتوبر 1999.
ولا تفوتنى هذه المناسبة لكى أشير ضمن السيل الذى كتب عربيا عن لوركا، إلى النص النثرى الرائع الذى كتبه محمود درويش تحت عنوان «خمسون عاما بلا لوركا»، ونشر فى العدد الصادر من مجلة «اليوم السابع» الصادر فى 23 يونيو 1986، بمناسبة مرور خمسين عاما على اغتياله.
وخير ختام لهذا المقال كلمات درويش التى يقول فيها: «كان لوركا ينشد، كان لوركا يقول إن الشعر يحتاج إلى ناقل، يحتاج إلى كائن حى، كان هذا الناقل منشدا أو مغنيا، وكان لوركا يمتحن حاسة الذوق، ويمتحن القصيدة ذاتها بالإلقاء، كان يبحث عن العلاقة المباشرة بين القلب والصوت، فالشعر ليس فنا بصريا، لا بد من أذن، لا بد من جرس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.