على الرغم من حالة الإحباط التى أشرت إليها فى مقال أمس، فإن هناك من يرى أن هناك تفاؤلا يمكن أن يبرز فى المرحلة القادمة. ويبنى هؤلاء حالة التفاؤل على إرادة التخلص من المرحلة السابقة بكل شوائبها، والاستفادة من المرحلة الانتقالية الطويلة التى أفرزت ظواهر سيئة فى كل المجالات السياسية والاجتماعية والإعلامية يمكن تجنبها للخروج من الأزمة. والإرادة هنا نابضة من الشعب.. والشعب هو الذى أراد التخلص من نظام ديكتاتورى فاسد، ونجح فى ثورة 25 يناير فى التخلص بإرادته من مبارك ورجاله الفاسدين. والشعب هو الذى أراد التخلص من نظام الإخوان والجماعة بعد أن كشف فشلهم وفضح فاشيتهم ومحاولتهم السيطرة على البلاد وتحويل الوطن إلى عزبة خاصة، وإقصاء القوى السياسية بل والشعب عن المشاركة فى القرار. فهناك إرادة لدى الشعب فى بناء الدولة الحديثة المدنية، والتخلص من جميع القوى السلبية التى أساءت إلى الوطن، والقوى التى فشلت عبر وجودها السياسى فى التواصل مع الشعب. وهناك إرادة لدى الشعب فى الدولة الديمقراطية من خلال انتخابات نزيهة، وانتخابات البرلمان ستكون مؤشرا على الإرادة رغم الخيبة الكبيرة للأحزاب، قديمها وجديدها، فى الاتفاق أو التوافق على قائمة انتخابية، فللأسف ما زالت الأحزاب تسير على المنهج القديم فى التقرب من السلطة بدلا من الشعب، سعيا إلى مصالح شخصية لبعض الشخصيات كما كانت تفعل مع الأنظمة الفاسدة، ولعلنا نرى أن قيادات الأحزاب وبخاصة القديمة هى هى التى ورثناها من نظام مبارك الفاسد، فهى أحزاب كانت تحظى برعاية خاصة من أجهزة مبارك الأمنية. وجاءت تلك القيادات بناء على اختيارات ودعم من تلك الأجهزة، وكانت تمنح الغطاء للشكل الديمقراطى الذى كان يدّعيه مبارك وحزبه الوطنى الفاسد. وإرادة الشعب تريد منح فرصة لأجيال جديدة وكفاءات يمكن أن تحقق نقلة نوعية فى الأداء على جميع المستويات، ودَعْكَ من الشخصيات التى كانت فى ساحة مبارك وسعت للوجود أيضا فى ساحة الإخوان وتحاول أن توجد الآن وتسيطر على موطئ قدم فى تلك المرحلة بادعاء أنها تساند السلطة الحالية، ويا ليتها اكتفت بخبراتها خلال المرحلة الماضية والتى يمكن أن تشير إلى عدم الاستناد إليها فى المرحلة الجديدة، حتى نجد جيلا جديدا يستطيع أن يقود المرحلة إلى بر الأمان. لقد أثبتت المرحلة السابقة فشل من يطرحون أنفسهم للقيادة الحالية حتى فى أثناء سيطرة الحزب الوطنى الفاسد، ولعل ذلك الحزب لم يكن يحصل على الأغلبية خلال أى انتخابات جرت وبالتزوير، ما لم يكن يزيد نصيب الحزب على 30٪ من مقاعد البرلمان بالتزوير والتزييف، ومن ثم لا خوف الآن مما يروَّج له من عودة فلول النظام السابق ورجاله فقد فشلوا فى أثناء حكمهم وأمنهم، فما بالكم الآن! إن ما يحدث من محاولات حزبية قديمة وجديدة وشخصيات لم تعد لها أى وزن هو التفاف على إرادة الشعب الذى سيكشفهم أيضا. ومع هذه الإرادة القوية من الشعب فى بناء دولة حديثة، وإرادته فى محاربة الإرهاب، هناك غياب للإدارة. فالإدارة فاشلة حتى الآن فى وضع خطة والسير نحو تحقيقها. فما زال الأمر يسير «بالترقيع».