أصدر مرصد فتاوى التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية، اليوم الثلاثاء، تقريرًا جديدًا حول أهم الجماعات الإرهابية وأوجه الشبه بينها، مستعرضًا تاريخها في التاريخ الإسلامي وأساليبها لجذب وتجنيد عناصرها، ومدى تأثير هذه الجماعات على الإسلام والمسلمين عبر التاريخ، وكيفية الاستفادة من دروس التاريخ لمواجهتها في العصر الحديث. وأكد التقرير أن جميع هذه الجماعات الإرهابية تنهل من معين واحد وهو فكر الخوارج التكفيري الذي يعتبر النواة الأولى لجميع الفرق والجماعات الإرهابية التي اتخذت العنف سبيلا للتغيير، مبينًا التشابه التاريخي بين فكر هذا المذهب الضال وأفكار الجماعات الإرهابية والتكفيرية المعاصرة التي انتهجت هذا الفكر الشاذ. وتناول التقرير عددًا من أبرز حركات العنف التي ظهرت في العالم الإسلامي قديمًا وحديثًا، ومن هذه الحركات حركة "الخوارج" وهم الذين خرجوا على سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ونتج عن خروجهم قتله رضي الله عنه، ثم في خلافة سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - زاد شرهم وانشقوا عليه وكفروه، وكفروا الصحابة؛ لأنهم لم يوافقوهم على مذهبهم، وهم يحكمون على من خالفهم في مذهبهم أنه كافر، فكفروا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - لأنهم لم يوافقوهم على ضلالهم. كما تناول تقرير مرصد الإفتاء بالنقد والتحليل، تأسيس تنظيم داعش "منشقي القاعدة" وتطوره التدريجي وكيفية تحريفه لآيات القرآن وأحاديث الرسول، ليتمكن من خلال ذلك تجنيد مزيد من العناصر وتحقيق أهدافه في ظل التستر بلباس الدين والإسلام. وذكر أن هناك الكثير من أوجه التشابه والسمات المشتركة بين هذه الفرق قديمًا وحديثًا، ومن هذه الأمور أن هذه الجماعات تعتمد المتشابه من القرآن وهو ما يحصل من أصحاب القلوب المريضة. كما أوضح التقرير، خلل هذه الجماعات الإرهابية في فهم القرآن الكريم، والاستدلال المغلوط بآياته، كما روى البخاري أثر ابن عمر رضي الله عنه أن من سمات منهج الخوارج هو التخبط في فهم القرآن، والاندفاع بتلك الأفهام المنحرفة إلى ترويع الناس وإراقة الدماء، وكذلك الخطأ الذي وقعوا فيه في فهم الحديث. وأشار إلى أن الجماعات الإرهابية ترتكب جرائم منكرة في حق الحديث النبوي كذلك، إذ ينطلقون إلى كلمات من الهدي النبوي الشريف، فينتزعون الكلام النبوي من سياقه، ويحملونه على أسوأ المعاني والمحامل، ويخلعون عليه ما وقر في نفوسهم من غلظة وعنف وشراسة وانفعال، مع جهل كبير بأدوات الفهم، وآداب الاستنباط، ومقاصد الشرع الشريف وقواعده. وبين التقرير أن هذه الجماعات الإرهابية تتفق فيما بينها على اجتماع الجهل بدين الله، والجرأة على تكفير المسلمين واستباحة دمائهم، وظلم عباد الله، في حين إنها لا ترفع سيفًا ولا تطلق رصاصة في وجه أعداء الأمة الحقيقيين، ما يدعو إلى القول بأن تلك الجماعات ما هي إلا أداة في يد أعداء الأمة يستخدمونها في توجيه سهامهم إلى قلبها. واستعرض التقرير، الأدوات والأساليب التي تستخدمها تلك الجماعات في جذب وتجنيد عناصرها وقدم مقارنة بين تلك الأساليب قديمًا وحديثًا وبين مدى أوجه التشابه في الأسلوب وإن اختلفت الأدوات، حيث تستغل هذه الجماعات حافز الجنة الموعودة وتجذب أتباعها من خلال تصدير خطاب ديني واحد يعتمد السردية الجهادية التي تستقطب عددًا كبيرًا ممن يفتقرون إلى الإحساس بالهوية أو الانتماء من الشباب صغير السن والذي يرغب في المغامرة في إطار إسلامي دون وعي ولا بصيرة. وبين أن الحافز الثاني الذي تستخدمه تلك الجماعات فهو "النساء" والذي يعد عنصرًا مهمًا في جذب العناصر لمثل هذه التنظيمات؛ ما يسهم في زيادة الأعداد المنضوية تحت لوائها ..إضافة إلى تغييب العقل. من جانبه، أكد د. إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية والمشرف على مرصد الفتاوي التكفيرية، أن تفكيك البنية الأيدلوجية للجماعات الإرهابية وفضحها على الملأ باللغات الحية، أصبح واجب الوقت ..مشيرا إلى أن دار الإفتاء خطت خطوات حثيثة في سبيل ذلك. وحول كيفية تصحيح صورة الإسلام التي شوهتها تلك الجماعات، أكد مستشار المفتي أن هناك عدة طرق يجب اتخاذها لنشر الصورة الصحيحة الوسطية للإسلام في العالم، أبرزها تصحيح المفاهيم الإسلامية التي شوهتها التنظيمات الإرهابية وحرفتها، وتفكيك فكر هذه التنظيمات، وبيان حقيقة ومعنى الجهاد في الإسلام وأركانه وشروطه. وشدد دكتور نجم على أن الانتصار في الحرب الفكرية، ضد التشدد والإرهاب، هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي، وأن كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف بالقول أوبالفعل أو يحاول تبريره هو عدو للإسلام وعدوٌ للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة.