يبدو أننا فى حاجة ماسة لتخفيف الأحمال الكهربائية داخل رؤوسنا! فالحرب الشرسة التى نخوضها تحتاج منا جميعًا إلى شىء من الهدوء حتى نحسن التصرف، ونعرف كيف نتخذ قراراتنا ونعد لخطواتنا جيدًا، بدون انفعال، ولكن بكل حماس وتصميم على النصر. الغضب المشروع بعد جريمة «كرم القواديس» كان طبيعيا، والرد عليه جاء حاسمًا باصطفاف وطنى لا مثيل له، ودعم شامل لقواتنا المسلحة، وهى تخوض معركتها المقدسة لاستئصال الإرهاب وتطهير الوطن من شروره وتأمين سيناء وحراسة كل حدود الوطن. الآن نخوض الحرب، ونحن نعرف أنها لن تنتهى فى يوم وليلة، وأنها تحتاج إلى جهد على جهات عديدة، من الأمن إلى الثقافة والتعليم، ومن مقاومة الفقر حتى المواجهة الفكرية لهؤلاء الخوارج على الدين والوطن. فى المقابل يحاول أعداؤنا أن يستمروا فى استنزاف قدراتنا، وفى تشتيت جهودنا وفى تعطيل مسيرة البناء التى لا بد منها لتجاوز مشكلاتنا الموروثة وتحقيق النهضة التى نحلم بها، ونملك كل مقوماتها. نخوض مواجهة صعبة فى وجه إرهاب منحط وتآمر يستهدف كيان الدولة وليس فقط محاربة النظام. وعلينا هنا أن نثق تمامًا بقدرتنا على هزيمة هذه المخططات، ويكفى أن نتذكر ما حققناه فقط منذ «30 يونيو» حين أسقطنا نظامًا فاشيًّا مدعومًا من قوى كبرى ومتحالفًا مع جماعات إرهابية ومسيطرًا على الحكم، ومهددًا الشعب وآخذًا الدولة فى طريق الكارثة! ويكفى أيضًا أن نتذكر كيف عبرنا الأيام الصعبة بعد ذلك، بين إرهاب الإخوان فى الداخل وحصار قوى التآمر من الخارج. ثم يكفى أن نتذكر كيف بدأنا البناء والإصلاح فى أصعب الظروف وكيف أطلقنا مشروعاتنا الكبرى مثل توسيع قناة السويس وسط حماس شعبى لا نظير له، يعكس أن الثقة فى المستقبل بلا حدود. وسط هذا كله تأتى الضربة الإرهابية، وتأتى معها محاولة هز الثقة فى قدرتنا على تحقيق التقدم والاستقرار وبناء الدولة الحديثة، من ناحية، وتأتى -من ناحية أخرى- محاولة إعادة عجلة الزمن إلى الوراء.. سواء من جانب من أسقطتهم ثورة يناير أو من أطاحت بهم إرادة الشعب فى «30 يونيو»! ضد إرهاب الحاضر ومخلفات الماضى نخوض حربنا المقدسة لتطهير مصر وضمان أمنها، ولمواصلة طريق البناء لتعويض ما فات ولإصلاح ما فسد، ولإطلاق كل طاقات الإبداع لدى شعبنا ليصنع التقدم ويضع مصر فى المكانة التى تستحقها. المعركة طويلة وممتدة، وعلينا أن نثق تمامًا بأن من انتصروا بوحدتهم فى «30 يونيو» وعبروا الصعاب حتى الآن، قادرون -بلا أدنى شك- على حسم المعركة لصالح مصر وشعبها ودولتها التى استعصت على المتآمرين، والتى ستهزم عصابات الإرهاب الإخوانى وتوابعه، وتستأصله من جذوره، وتحاسبه على دم الشهداء، وعلى حق الوطن. المعركة طويلة وممتدة، وسنحسمها بوحدتنا وثقتنا فى أنفسنا، وبالتخطيط الجيد وليس بالأصوات العالية أو بالضجيج المفتعل (!!) ثم بالإعلان الواضح عن سياسات تعلن الانحياز الكامل للعدالة الاجتماعية، والتمسك الكامل بدعم الحريات القادرة وحدها على حماية الثورة والدفاع عن الدولة ومؤسساتها واستكمال خطوات خريطة المستقبل. لن تعود مصر أبدًا لتسأل «إحنا رايحين فين؟!» فقد عرفت الطريق، وكشفت كل أبعاد المؤامرة عليها، ووقفت بالمرصاد لإخوان الإرهاب وحلفائهم، وفضحت عمالة الأذناب من الحكام الصغار فى الدوحة وإسطنبول، وأدركت أن وحدتها هى مفتاح انتصارها، وأن من يحلمون بعودة الماضى واهمون، ومن يراهنون على فساد سقط فى يناير، أو فاشية سقطت فى يونيو إنما يراهنون على المستحيل! مصر رايحة على فين؟! إلى هزيمة الإرهاب، وإلى قهر الفساد، وإلى ضرب المتاجرين بالدين أو الخائنين للوطن، وإلى مصالحة مع شبابٍ كانوا وسيظلون وقودًا للثورة وأملًا فى المستقبل، إلى فضاء رحب يتسع لبناء مجتمع يتحصن بالحرية، ويقوى بالعدالة الاجتماعية ويبنى الدولة الحديثة بالعلم والعمل، وبرؤية تعرف أن مصر هى أم الدنيا، ولو كره من توهموا أنهم قادرون على إعادة مصر إلى سجن التبعية، أو إلقائها فى جحيم الإرهاب!